على الرغم من انخفاض عدد الأشخاص على مستوى العالم المحرومين من الحصول على مصدر مياه محسّن إلى النصف على مدار الخمسة وعشرين عاماً الماضية، تكافح البلدان الأفقر لتوفير مياه مأمونة وصرف صحي ملائم لجميع مواطنيها بصورة مستدامة. حصل أكثر بقليل من ربع السكان في البلدان منخفضة الدخل على مرفق محسّن للصرف الصحي مقارنةً بأكثر بقليل من نصف السكان في بلدان الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل في 2015. ولم يعد توصيل إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي مجرد تحدٍ لتوفير الخدمة، بل إنه يرتبط ارتباطاً جوهرياً بتغير المناخ وإدارة موارد المياه وندرة المياه وجودتها.
ويعد الحصول على مياه مأمونة وخدمات صرف صحي ملائمة من حقوق الإنسان الأساسية، ويؤكد على النجاح في مجالات تنموية مثل الزراعة والطاقة والصمود في مواجهة الكوارث والصحة البشرية والبيئة، وفي النهاية النمو الاقتصادي. وقد أدى النمو الاقتصادي والسكاني في كثير من البلدان، علاوةً على التحول الحضري، إلى زيادة الطلب على المياه، في حين ظل العرض دون تغير، بل وتراجع بسبب تغير المناخ.
ويقر الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة أن الإدارة المستدامة للمياه تتجاوز مجرد إمدادات مياه مأمونة وخدمات صرف صحي إلى معالجة سياق المياه الأوسع مثل جودة المياه وإدارة مياه الصرف وندرة المياه وكفاءة الاستخدام وإدارة موارد المياه وحماية وترميم النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه.
تسهيل الحصول على مياه الشرب
في عام 2015، حصل 91 في المئة من سكان العالم على مصدر مياه محسّن، بما يتجاوز مقصد الهدف الإنمائي للألفية البالغ 88 في المئة. ولكن لا يزال أكثر من 660 مليون شخص محرومين من الحصول على مياه نظيفة، معظمهم في المناطق الريفية، وفي الغالب في أفريقيا جنوب الصحراء. كما أن أكثر من 250 مليون دولار من الناتج الإجمالي المحلي تضيع كل عام في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بسبب عدم ملاءمة إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي؛ وعلى مستوى بلد ما، قد يمثل هذا الرقم ما يصل إلى 7 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي. وحتى لمن يحصلون على المياه تكون الخدمة غالباً غير ملائمة أو غير مستدامة، ولا تزال المياه الواردة من مصدر محسّن غير مأمونة في الشرب.
تحسين فرص الحصول
على مرافق الصرف الصحي
يحصل 68 في المئة فقط من سكان العالم على مرافق صرف صحي محسنة، بما يقل عن مقصد الهدف الإنمائي للألفية والبالغ 77 في المئة. ويموت حوالي 842 ألف شخص كل عام بسبب الإسهال نتيجة لمياه شرب غير مأمونة أو نتيجة لسوء خدمات الصرف الصحي أو غياب الصحة العامة. وتظهر المشكلة بشكل حاد خصوصاً في المناطق الريفية في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء، فهناك 7 من بين كل 10 أشخاص ممن يفتقرون إلى مرافق مراحيض مأمونة وصحية يعيشون في مناطق ريفية، أغلبهم في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الإيقاع السريع للتحوّل الحضري في عدم حصول أكثر من 700 مليون شخص من قاطني المناطق الحضرية على خدمات صرف صحي. تُعالج نسبة تقدر بحوالي 10 في المئة من مياه الصرف في المناطق الحضرية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ومع زيادة كمية مياه الصرف، يرتفع كذلك التأثير على الصحة.
تحقيق التوازن بين الطلب
على المياه والموارد المتاحة
تواجه الكثير من البلدان خطر ندرة المياه، الأمر الذي يعزّز الدعوات التي تنادي بكفاءة استخدام المياه (المقصد 6-4). يستمر الطلب على المياه في النمو في الوقت الذي انخفض فيه نصيب الفرد من إمدادات المياه العذبة بحوالي النصف على مدار الخمسين عاماً الماضية. وتتباين الشواغل بين الدول والمناطق، واليوم تُصنّف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا ضمن المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي، حيث يتاح لكل شخص أقل من 1700 متر مكعب من المياه سنوياً.
وتؤدي زيادة السحب لأغراض الزراعة وتوليد الطاقة إلى تزايد حدة المنافسة على استخدام المياه. ويستحوذ قطاع الزراعة على أكثر من 70 في المئة من سحب المياه العذبة عالمياً. بحلول عام 2050، توفير المياه لكوكب يعيش على السحب. وبالمثل، تشير التقديرات إلى أن الطلب على توليد الطاقة، وهو نشاط كثيف استخدام المياه، سيزيد بنسبة 35 في المئة ومن المتوقع نمو سحب المياه لأغراض توليد الطاقة بنسبة 20 في المئة على مدار العقدين المقبلين.
ومن المتوقع أن يؤدّي تغيّر المناخ إلى تفاقم الوضع عن طريق زيادة الإجهاد المائي في المناطق القاحلة وزيادة وتيرة وحجم الظواهر المناخية المتطرفة.
في 2030، من المتوقع أن يعيش نصف سكان العالم في مناطق تعاني من الإجهاد المائي. وللحفاظ على النمو الاقتصادي وحماية واستعادة النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه، تحتاج كثير من البلدان- بما في ذلك البلدان مرتفعة الدخل- إلى إدارة مواردها المائية بمزيد من الفعالية.
وتؤدي زيادة سحب المياه العذبة (وكذلك التلوث) إلى فرض ضغوط متزايدة على نظم المياه العذبة وبالتالي تهديد استدامة مورد المياه نفسه وقيمته للبشر وللنظم الإيكولوجية. وقد قلّلت استثمارات البنية التحتية الضخمة، لا سيما في البلدان الثرية، بشكل كبير من تهديد الأمن المائي البشري (على الأقل من حيث جودة المياه)، ولكن وُجّهت استثمارات أقل بكثير لتقليل التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي للمياه العذبة.
العدد 5099 - الإثنين 22 أغسطس 2016م الموافق 19 ذي القعدة 1437هـ