العدد 2499 - الخميس 09 يوليو 2009م الموافق 16 رجب 1430هـ

اختبار القدرات عقبة في طريق أبنائنا الطلبة

انصرام العام الدراسي الأخير للمرحلة الثانوية بنجاح هو حلم يسعى الكثير من الطلبة والطالبات في البحرين إلى تحقيقه. فيبدأ هؤلاء عامهم الدراسي باندفاعٍ ونشاطٍ كبيرين، لا يعترضهم شيء عن ممارسة حقهم الطبيعي في التعلّم، فتجدهم منصرفين عن كل ما يعكر صفو أجوائهم الدراسية وقد بالغوا في الجد والمثابرة، وقضوا جل أوقاتهم في حال مضنية من مراقبة الذات وعزوفها عن مغريات الحياة، وتهيئتها لبلوغ الغاية.

وعند اقتراب الطالب من الهدف المنشود وهو الانخراط في الحياة الجامعية الجديدة يستوقف الطالب ما ينغّص غبطته، ويدفعه لفقدان الكثير من عزيمته وهمته.

امتحان القبول في الجامعة أو ما يسمى باختبار القدرات العامة أصبح محطة إلزامية لا مفر من المرور بها ليتمكّن الطالب من استكمال إجراءات التحاقه بالجامعة، هذا فيما لو حقق نسبة النجاح المطلوبة في الاختبار.

و قد لا يتمكن الطالب من دراسة التخصص الذي يرغب به حتى لو نجح في الاختبار وكان معدله الذي حصده عند تخرجه جيدا، فدراسة أي تخصص تتطلب الحصول على نسبة معينة في الاختبار، ومن ثم تأخذ نسبة مشتركة من معدل التخرج والدرجة التي حصل عليها الطالب في الاختبار، وتمثل هذه النسبة معيار التفاضل بين الطلبة المتقدمين لدراسة أي تخصص.

ومن منطلق هذا القانون التعسفي أجد أمامي نماذج كثيرة من الطلبة والطالبات ممن رغبوا في الالتحاق بتخصص ما، إلا أنهم حرموا من ذلك، بسبب عدم حصولهم على النسبة المطلوبة في اختبار القدرات، أو لظروف طارئة لم يتمكنوا من دخول الاختبار أو تقديمه بالمستوى المطلوب، فكان هذا عائقا أمام تحقيق أحلامهم و طموحاتهم. إن دخول مجال يتعارض وميول الطالب ينتهي في الغالب بضياع الرغبة في مواصلة التعليم العالي بسبب حالة الإحباط والتخاذل التي تتولد عنده نتيجة ذلك منذ البداية.

ناهيك عن المصاعب والمتاعب التي تواجه أبناءنا الطلبة أثناء تقديم الامتحان، كصعوبة الأسئلة المطروحة، الوقت القصير والمحدود للإجابة، والأعداد الكبيرة من الطلبة التي تقصد قاعات الامتحان بالجامعة لتقديمه، ما يتسبب في تأخير الكثيرين منهم لازدحام القاعات بالطلبة.

إن هؤلاء الطلبة والطالبات الذين نفتخر بتخريجهم سنويا، ليسوا إلا نتاج عمل تعاوني دائب لأعوام طويلة اشترك فيها الآباء والأبناء والمعلمون ليجنوا ثمار الجهد والتعب في نهاية المطاف.

فكان منهم من وقف في صفوف المتفوقين الذين حظوا بتكريم صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان رئيس مجلس الوزراء الموقر. و منهم من حصد كمّا كبيرا من شهادات التفوق والتقدير عبر مسيرته التعليمية.

ولكن يؤسفني أن أقول إن كل هذه النجاحات والتقديرات التي استحقها الطلبة بجدارة لم تعفهم من تقديم الاختبار، فهم كسائر زملائهم من الطلبة العاديين الذين لم ينالوا حتى درجة الامتياز!

أمن العدل أن تتساوى الطاقات والجهود المبذولة، ومحصّلة 12 عاما من التفاني في طلب العلم في نهاية الأمر؟ وهل هذا ما يستحقه الطلبة مكافأة لما كابدوه من عناء على مدى السنوات الماضية؟

كنت قد قرأت مسبقا عن أهداف الاختبار، فوجدته يرمي إلى قياس بعض قدرات الطالب، كقدرته على الفهم، التحليل، الاستنتاج، القياس، وحل المسائل الرياضية المختلفة، كما أنه يهتم بمعرفة قابلة الطالب للتعلم.

هذه الأهداف محط استغراب الكثيرين، فهل تشك الجامعة برغبة وقابلية الطالب في استكمال دراسته وهو المقدم على هذه الخطوة بنفسه؟! وهل حصيلة سنوات من الدراسة لم تكفِِ الطالب ليكون بمقدوره الفهم أو التحليل أو حل المسائل الرياضية؟ أم إن الجامعة لا تثق بمستوى المؤسسات التربوية والتعليمية في البحرين؟

إن دائرة التعليم في البحرين قد سعت جاهدة إلى تنمية مهارات وقدرات الطلبة والطالبات من خلال الكثير من الخطط والبرامج الهادفة للارتقاء بجودة التعليم، كما أنها سعت مشكورة إلى تطوير النظام التعليمي بما يتوافق مع متطلبات النهضة والتميّز.

ولذلك فإن هذا النظام بتباين أهدافه يعد طعنا بمؤسسات الدولة التعليمية وتشكيكا بنزاهتها على جميع الأصعدة. كما أنه يمثل ارتيابا بصدقية الجهات المخوّلة بتكريم وتقدير المتفوقين من الطلبة والطالبات سنويا. فهذا الاختبار الذي تم تطبيقه منذ العام الجامعي 2005 – 2006 لا يكترث بتاريخ الطالب طوال السنوات الدراسية الماضية مهما كان حافلا بالنجاحات.

أرجو أن يلاقي هذا الموضوع أثره و صداه لدى المسئولين، ليكن باستطاعتنا إعفاء أبنائنا الطلبة من المرور بهذا الاختبار، على الأقل الحاصلين على درجة الامتياز منهم.

فاطمة محمد محسن زيد

العدد 2499 - الخميس 09 يوليو 2009م الموافق 16 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً