العدد 21 - الخميس 26 سبتمبر 2002م الموافق 19 رجب 1423هـ

العاطلون عن العمل «محلك سر» والعمالة الأجنبية... في تزايد

بعد مرور أكثر من عام على برنامج التدريب والتوظيف

تجددت قضية العاطلين عن العمل، بعدما هدأت لفترة من الزمن، عندما تجمع أكثر من مئة عاطل في وزارة العمل والشئون الاجتماعية مطالبين الوزارة بإيجاد وظائف لائقة لهم. وكاد التجمع يتحول الى مصادمات مع رجال الأمن في الوزارة لولا تدخل وكيل وزارة العمل والشئون الاجتماعية الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل خليفة، واجتماعه مع العاطلين واعدا إياهم بإيجاد وظائف لائقة لهم خلال شهرين.

وفيما يستبعد الكثيرون حل مشكلة العاطلين خلال هذه الفترة البسيطة مع تأكيدهم على جدية الوزارة للانتهاء من هذه المشكلة، فإنهم يتوقعون أن تتفاعل هذه القضية بشكل أكبر في الأيام المقبلة، بعد أن عجزت الوزارة عن تطبيق الكثير من القرارات المتخذة لحل هذه الأزمة، كقرار رفع نسبة البحرنة في الشركات والمؤسسات الوطنية، وقصر بعض المهن على البحرينيين، بالإضافة إلى عدم إقرار قانون خاص بالحد الأدنى للأجور وعدم تجاوب القطاع الخاص مع خطط البحرنة.

وحسب إحصائيات وزارة العمل فإن عدد العاطلين المسجلين لدى الوزارة حتى نهاية العام الماضي بلغ 14,3 ألف عاطل عن العمل تم توظيف 2,5 ألف عاطل فيما بقى 11,7 ألف ينتظرون فرصا للتوظيف.

وبعد مرور أكثر من عام على تنفيذ البرنامج الوطني للتوظيف والتدريب في شهر مايو/أيار من عام 2001، وتخصيص مبلغ 25 مليون دينار لهذا الغرض، فإن المراقبين يتوقعون أن تواجه الوزارة معضلة أخرى جراء انتهاء العقود المؤقتة للذين تم توظيفهم من خلال هذا البرنامج والذي يقضي بتوظيف 2000 باحث عن عمل سنويا بمرتب شهري لا يقل عن 150 دينارا في الوظائف الدنيا تقوم الوزارة بدفع 50 دينارا منها فيما يقوم صاحب العمل بدفع 100 دينار. ويؤكد المراقبون بان اصحاب الأعمال سيستغنون عن عدد كبير من الذين تم توظيفهم بعد عام واحد (هو مدة العقد) وبعد أن يحصلون على تصاريح عمل لاستقدام عمالة أجنبية من الخارج كمكافأة لهم لتوظيفهم عددا من البحرينيين.

وحسب الإحصائيات الصادرة عن الوزارة، فإن عدد التصاريح الصادرة لاستقدام عمالة من الخارج بمن فيهم خدم المنازل - ارتفعت بنسبة 7,8 في المئة خلال العام الماضي مقارنة بالعام 2000 لتصل إلى 123 الفا و214 تصريحا بعد ان كانت 114 الفا و 306 تصاريح. وفي مقابل ذلك يرى المدير التنفيذي لشركة ارنست ويونغ (الشركة المشرفة على تنفيذ البرنامج الوطني للتوظيف وتدريب العاطلين) خليل عبيدات أن عملية التوظيف «تسير بشكل ممتاز» ويقول: «تم توظيف 1650 من طالبي العمل منذ بدء تنفيذ البرنامج في مايو/آيار من عام 2001 إلى الآن (...)، وفاقت معدلات التوظيف المعدلات المتفق عليها مع وزارة العمل والبالغة 170 عاطلا عن العمل في الشهر، إذ نقوم في الوقت الحالي بتوظيف 200 عاطل عن العمل شهريا».

ويضيف: «إن معدلات التسرب من الوظائف لا تشكل نسبة كبيرة مقارنة بما هو حاصل في سوق العمل، إذ لا تتعدى هذه النسبة لدينا 10 في المئة، وذلك يرجع للرواتب الجيدة التي تمكنا من الحصول عليها والتي تتراوح بين 150 و 250 دينارا».

غير أن أحد المسئولين في وزارة العمل - فضل عدم ذكر اسمه - يؤكد أن الوزارة «تعاني من نوعية الوظائف المعروضة، فالقطاع الخاص مازال سلبيا في عملية التوظيف، وأنه حين يوظف البحرينيين فإنه يكون مجبرا على ذلك وليس باختياره».

ويضيف: «إن جميع العاطلين عن العمل يمكن أن يقبلهم القطاع الخاص برواتب أقل من المئة دينار شهريا».

وحسب عدد من المختصين، فإن تحديد حد أدنى للأجور يمكن أن يساهم بشكل كبير في استيعاب أعداد متزايدة من العاطلين.

عن ذلك يقول رئيس الاتحاد العام لعمال البحرين عبدالغفار عبدالحسين: «إن فرص العمل المتوافرة في الوقت الحالي غالبيتها من الوظائف الدنيا والتي لاتتعدى رواتبها 120 دينارا، وبالرغم من ان الشركات والمؤسسات الكبرى تجاوبت بشكل واسع مع عملية البحرنة؛ إلا أن الشركات المتوسطة والصغيرة يجب أن تبذل جهودا أكبر في عمليتي الإحلال والبحرنة».

ويزيد عبدالغفار: «إن قرار زيادة نسبة البحرنة في المؤسسات غير مطبق، بدليل أن نسبة البحرنة بقيت دون مستواها المفترض في جميع القطاعات فيما عدا قطاع البنوك وقطاع الفندقة اللذين ازدادت نسبة البحرنة فيهما بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية».

عضو مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة البحرين أحمد التحو ينفي أن يكون القطاع الخاص غير متجاوب مع خطط البحرنة لكنه يقول: «إن المشكلة تكمن في عدم توافق مخرجات التعليم في البحرين مع متطلبات سوق العمل، بجانب عدم التزام وتسيب وكثرة تغيّب البحرينيين عن العمل وما يترتب على منح البحرينيين رواتب كبيرة تضعف من منافسة التاجر البحريني في أسواق المنطقة».

ويضيف التحو: «إن ما يضعف منافسة التاجر البحريني في الداخل، وجود فئة من التجارتستطيع مخالفة قوانين وزارة العمل فيما يتعلق بالبحرنة بحكم ما لديها من علاقات وسلطة، وكل ذلك يجعل من توظيف البحرينيين في غير صالح التجار وخصوصا أصحاب الأعمال الصغيرة».

ومن جهتها، أكدت لجنة الباحثين عن عمل - التي انتخبت من قبل العاطلين في شهر اكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي - على أن «ما يطرحه القطاع الخاص من عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل وعدم جدية والتزام العامل البحريني بمهام العمل؛ ما هي إلا مبررات غير حقيقية، تثار من أجل التهرب من توظيف البحرينيين».

وجاء في دراسة أعدتها اللجنة حول هموم ومطالب العاطلين: «إن أكثر الجهات المعنية بشئون التوظيف غير متعاونة معها (...) وان الشركات والمؤسسات الكبرى - بجانب عدد من وزارات الدولة - تمارس تمييزا بين المواطنين وتفضل فئة على أخرى في عمليات التوظيف».

وطالب أعضاء اللجنة بتشكيل لجنة رقابية لمحاربة المحاباة والفساد الإداري وإيجاد هيئة متخصصة في الإحلال والبحرنة، بجانب إنشاء هيئة لشكاوى العاطلين وقصر عدد من المهن على البحرينيين، وخصوصا مديري التوظيف الذين تقع على عاتقهم زيادة نسبة البحرنة في مؤسساتهم.

أعضاء اللجنة يرون أن قصر عدد من المهن على البحرينيين، كحراس الأمن والسواقة الثقيلة والخفيفة وأعمال السكرتارية ومشرفي العمل في قطاع المقاولات، يمكن أن يحل مشكلة البطالة في وقت قصير، ذلك بجانب فتح وزارتي الداخلية والدفاع أبوابهما لتوظيف عدد من العاطلين.

ويقول رئيس اللجنة عبدالله الميزو العاطل عن العمل منذ العام 1986: «إن معاناة الباحثين عن العمل لايمكن ان تنتهي الا بقرار سياسي من أعلى الجهات، يكفل للمواطنين حقهم الطبيعي في العمل». الجهات الداخلة والمتداخلة في موضوع البطالة والبحث عن عمل والبحرنة، لها رؤاها الخاصة في شأن حل هذه المسألة التي عجزت عن حلها دول أكثر خبرة وتقدما، ولديها أسواق تخلق آلاف الوظائف سنويا، ففي الوقت الذي ترى فيه الجهات الرسمية أن الحل يأخذ وقتا ليس بالقليل، وأن ليس كل ما يعرف يقال؛ يرى الباحثون عن عمل أن الحلول جاهزة ولا تحتاج إلا إلى «قرار سياسي»... بين هاتين الجهتين هناك فوارق في الأولويات والرؤى، وإن كان الجميع يسير إلى الغاية ذاتها.

حقائق وأرقام

بلغ عدد العاطلين عن العمل المسجلين بمكتب خدمات التوظيف التابع لوزارة العمل والشئون الاجتماعية خلال العام الماضي 14,304 افراد منهم 5866 من الذكور و8438 من الإناث .

قامت وزارة العمل بتوظيف 2568 عاطلا عن العمل خلال العام الماضي منهم 2157 من الذكور و 411 من الإناث.

قامت الوزارة بترشيح 9302 فرد للعمل في القطاع الخاص تم رفض 4879 فردا منهم كما تم فصل 265 فردا منهم من العمل خلال الأشهر الثلاثة الأولى.

أصدرت وزارة العمل خلال العام الماضي 38 ألفا و956 تصريح عمل لاستقدام عمال من الخارج كما قامت بتجديد 49 ألفا و978 تصريحا.

بلغت قيمة التصاريح الصادرة والمجددة خلال العام الماضي 12,6 مليون دينار.

بلغ مجموع التصاريح الصادرة للسنوات الخمس السابقة (من 1997 إلى 2001) 550,7 ألف تصريح

العدد 21 - الخميس 26 سبتمبر 2002م الموافق 19 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً