العدد 29 - الجمعة 04 أكتوبر 2002م الموافق 27 رجب 1423هـ

مبررات المشاركة الانتخابية موجودة وكذلك المقاطعة... ودعم «المشروع» من الداخل والخارج

في ندوة « الوسط» عن الانتخابات النيابية:

الجفير - فهيم عبدالله وهاني أوال 

04 أكتوبر 2002

أكد عدد من الفعاليات الوطنية والصحافية العربيةـ في ندوة نظمتها «الوسط» مساء يوم الأربعاء الماضي في جمعية المهندسين ـ ضرورة احترام الآراء المتباينة فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة على أساس أن المشاركين والمقاطعين للانتخابات النيابية المقبلة يخدمون الوطن والمشروع الإصلاحي على حد سواء كل على حسب اجتهاده وعمله، والعمل كل بحسب ما يراه من أجل تحصيل المزيد من المكتسبات للمواطن.

ومن الجهة الأخرى، حث ضيوف الندوة وهم: مدير تحرير صحيفة «الأهرام» (المصرية) صلاح الدين حافظ ورئيس تحرير صحيفة «السفير» (اللبنانية) طلال سلمان والمحرر في صحيفة «الرأي» (الأردنية) حسين دعسة القوى الوطنية على ضرورة العمل بالتنسيق معا وتجنب إدخال العمل الوطني في دهاليز ومنزلقات الطائفية والعمل على دعم الخطوات الاصلاحية لعظمة الملك.

بدأ الحديث نائب رئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية حسن مشيمع مجيبا عن سؤال طرحته «الوسط» عن أسباب الانقسام الحالي فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، فقال: إن الجميع يؤكدون دعم المشروع الإصلاحي وذلك منذ التصويت على ميثاق العمل الوطني، «حيث قمنا بالحث على التصويت بـ (نعم) وذلك بعد الحصول على التطمينات الشعبية بعدم المساس بدستور العام 1973من قبل المسئولين، وكذلك التطمينات بأن المجلس المعين في المجلس الوطني هو للشورى فقط ولا علاقة له بالعملية التشريعية وأن حق التشريع منحصر في المجلس المنتخب».

ويشير مشيمع إلى أنه على رغم الحصول على التطمينات المذكورة فقد فوجئ الجميع بالواقع بعد التعديل الدستوري الذي «نسف» دستور العام 1973 ـ على حد قوله ـ وهو ما يسمى «دستور العقد بين الأمير والشعب»، فاعترضت كل القوى الشعبية يومها (14 فبرير/شباط 2002) على آلية التعديل خصوصا أنها تجاوزت المادة (104) التي تنص على آلية التعديل في الدستور، وتجاوزت تصريح سمو ولي العهد بحاكمية دستور العام 1973، علما بأن سموه ذكر أنه يتوقع أن يصوت على الميثاق بـ (نعم) بنسبة 51 في المئة وهي النسبة المطلوبة لاعتماده، حيث قامت قوى المعارضة برفع هذه النسبة إلى 98,4 في المئة.

الإحباط

ويتطرق إلى الإحباط الذي ساد الشارع نتيجة عدم حصوله على مطالبه على رغم وجود الوعود التي تلقاها، ثم يشير إلى المحاولات الكثيرة التي رغبت المعارضة في فتحها مع الحكم رغبة في الحفاظ على المسيرة الإصلاحية، وكذلك طرح وجهة نظر قوى المعارضة أمام عظمة الملك في اللقاء الذي تم قبيل التعديلات الدستورية.

ويؤكد أن الإصلاح لم يأتِ وليد المصادفة وإنما جاء نتيجة نضالات وشهداء واعتقالات وسجون ومنافي وتعذيب، وبالتالي فإن هذه التضحيات ساهمت في اتخاذ قرار المقاطعة «الذي نرى من خلاله تأكيدنا ودعمنا للعمل الإصلاحي».

ومن جهته فقد تطرق عضو مجلس إدارة جمعية المنبر الوطني التقدمي عبدالجليل النعيمي إلى أن الجمعية أصدرت ـ بالتعاون مع الجمعيات السياسية الأخرى بعد التعديل الدستوري في فبراير 2002 ـ بيانا أشارت فيه إلى أن هذه التعديلات غير مرضية، وأنه يجب الحفاظ على الحقوق الدستورية وتطويرها، وأن تصويت الشعب بنسبة 98,4 في المئة على الميثاق كان على أساس كونه المخرج الوحيد من عنق الزجاجة لمرحلة سيئة.

الصبغة الطائفية

ويشير النعيمي إلى ان إقرار الميثاق نفسه قد أخذ الصبغة الطائفية حيث جرت بين الملك وطائفة واحدة فقط، وأن التطمينات لم تكن مكتوبة في الميثاق وهذا جعل قراءة القوى للميثاق مغايرة لقراءة الحكومة، مما ترك لها منفذا لتنفذ من خلاله.

ويعبّر النعيمي عما حصل بعد إقرار الميثاق بأنه «تغيرات كثيرة وتراجعات عدة»، وأن ما حصل لا يلبي الطموح، إلا أن ذلك لا يعني التفريط في المكتسبات الأخرى التى حدثت «مما حدا بنا إلى أن نتخذ قرارنا بأن نحمل معنا هذه القضايا إلى داخل البرلمان ونناقشها ونسعى إلى التطوير، واضعين في الاعتبار الدعم من الخارج والذي يتمثل في الجمعيات المقاطعة وجمعيات المجتمع المدني التى بدا لها نشاط وضغط على الساحة المحلية».

ويطرح مدير تحرير «الأهرام» صلاح الدين حافظ أسئلة عن إيجابيات وسلبيات هذه التجربة وما الأفضل لمستقبل الحركة السياسية في البحرين: المقاطعة أم المشاركة ولو بالحد الأدنى ومن ثم محاولة الحصول على الباقي، ليجيب عنه عضو مجلس إدارة جمعية العمل الوطني علي ربيعة بقوله: «لو أن هذا الدستور (العام 2002) جاء لأول مرة لربما قبلنا به لنطوره ونطالب بالباقي ولكنه في الواقع أتى على حساب دستور كان موجودا من قبل».

الدعم رغم المقاطعة

رئيس المجلس البلدي في محافظة العاصمة مرتضى بدر أشار إلى أن الجمعيات المقاطعة للانتخابات النيابية لا تقاطع العملية السياسية الإصلاحية الحالية، بدليل أنها دخلت الانتخابات البلدية وحصلت إحداها على نصف المقاعد البلدية، وهذا دليل دعمها للمشروع الإصلاحي، وترى هذه القوى الوطنية أن الإصلاح كان يسير بحركته الطبيعية ولكنها تباطأت فجأة ثم انحرفت وهنا قالت كلمتها، ولعل أهم أسباب اتخاذ قرار المقاطعة أن السلطة التنفيذية ـ بموجب الدستور الجديد ـ أصبح لها دور فاعل في السلطة التشريعية.

استحقاقات المرحلة

ومن الجهة الأخرى يثير عضو مجلس إدارة جمعية الوسط العربي الاسلامي إبراهيم جمعان في حيثيات دعم المشروع الإصلاحي أن ما حدث من تعديلات دستورية كان قبل الانتخابات البلدية، حيث شاركت كل القوى الوطنية في الانتخابات التى لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 49 في المئة من الكتلة الانتخابية، وهذا يعني أنه لا توجد قوى تسيطر على الوضع الشعبي وإنما توجد لكل مرحلة استحقاقاتها، وما رافق التصويت على الميثاق من استحقاقات كان إطلاق سراح المعتقلين وعودة المبعدين حيث ساهم ذلك في تشجيع الشعب على المشاركة بفاعلية، «على رغم إقرارنا بأن جمعية «الوفاق» تعتبر الرقم الصعب في العمل الوطني في البحرين».

وفي الوقت الذي يؤكد فيه جمعان وجود اتفاق على أن التعديلات الدستورية والآلية التي تمت بها غير صحيحة ورفض التنازل عن مكتسبات دستور العام 1973 ـ ليس دستور 1973 ـ فإنه يشير إلى أن الملك يمثل أحد قطبي اتخاذ القرار في السلطة، فهناك قوى أخرى لها تأثير في القرار السياسي، «كما أن مكتسبات دستور العام 1973 لا تعتبر سقفا لطموحنا فقد كان الوزراء ممثلين في البرلمان السابق بـ 14 مقعدا».

وفي الوقت الذي يشير فيه جمعان إلى ان من يقاطع قام بالقراءة القانونية وليست السياسية، فإنه يتطرق إلى أن الوعود التي قطعت سابقا كانت هلامية، وأنه تم تجاوز هذه الوعود كون القرار مركزيا في السلطة، ووجود مراكز قوى من مصلحتها ألا يتقدم الوضع الديمقراطي.

كما أن هناك سلبيات لحقت بالعمل الوطني جراء الثلاثين عاما الماضية وأهمها الطائفية والتي بدأت تتجدد بشكل جلي في هذه المرحلة، حيث يوجد شبه إجماع لدى الطائفة الشيعية على المقاطعة بينما يوجد شبه إجماع للطائفة السنية على المشاركة.

وإجابة عن السؤال الذي يطرحه حسين دعسة - «الرأي» الأردنية - والذي يتساءل عن وجود وسيلة للتعاطي مع معطيات الطائفية لاحتوائها، يقول نائب رئيس نادي العروبة عبدالعزيز أبل: من الضروري عدم تضخيم مسألة الطائفية.

لسنا حكوميين!

رئيس جمعية الأصالة الشيخ عادل المعاودة بدأ مداخلته بقوله: «يطلق علينا مسمى (حكوميين) ونحن نرفض هذه التسمية فالواقع يكذبها»، كما أن التطمينات المذكورة هنا وجهت إلى الطائفة الشيعية لوحدها وكأنهم (الحكومة) كانوا متأكدين من موافقة الطائفة السنية على ما سيطرح.

ويضيف أن رأيي يتفق مع رأي عبدالجليل النعيمي، فقد كنت شخصيا خارج لجنة إعداد الميثاق، «وقد كنت مستغربا لما حدث في مجلس السيد علوي الغريفي قبيل طرح الميثاق للتصويت فلماذا حصل ذلك على رغم رفض الحكومة رجوع دستور العام 1973؟ وهذا ما جعلنا نشارك في الانتخابات فنحن ـ جمعية وتيار الأصالة ـ لا نقر الميثاق ولا دستور العام 1973 ولا دستور العام 2002 وإنما ما نريده هو تنفيذ شرع الله، ولكننا رأينا ايضا أن الدخول في البرلمان المقبل سيوجد فرصة أكبر للإصلاح، فالشعب البحريني تعب من منغصات المرحلة السابقة ويحتاج إلى الكثير من المتطلبات مثل المسكن والعمل... إلخ».

المقاطعون والمشاركون

ليسوا طائفيين

ويستدرك أن ما قيل بتعلقه بالطائفية من حيث المشاركة والمقاطعة فإنه يرى عكس ذلك، وقال: أنني تحدثت مع رئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيخ علي سلمان وقلت له: «نحن نحتاجكم في الإصلاح» فقال: «أنتم في الداخل ونحن في الخارج»، ثم اننا نرى السلامة للشعب البحريني في المشاركة أكبر من المقاطعة لأننا نجهل المستقبل».

وهنا يداخل نائب رئيس جمعية التجمع القومي الديمقراطي حسن العالي معلقا بقوله: «كون جمعية «الوفاق» العمود الفقري للتيار المقاطع فهذا لا يعني أن الموقف اتخذ على أساس طائفي، لأن الموقف بني على معطيات سياسية تستوجب اتخاذ هذا القرار».

وعن التساؤل الذي طرح بشأن القراءة القانونية للوضع بعد التعديل الدستوري بعيدا عن القراءة السياسية يؤكد العالي أن «ما يضمن الحقوق للشعب هي القوانين وليست المِنَح».

ويوافق مشيمع زميله في المقاطعة العالي، ويقول: إن الدافع لاتخاذ القرار كان غير طائفي بل استند إلى عدة أبعاد، وما قيل عن أن التطمينات كانت سرية فهي ليست كذلك، فقد صرح وزير العدل في الصحف المحلية بأن الحاكمية للدستور وأن المجلس المعين للاستشارة فقط، وكان ذلك بطلب مقدم من قوى المعارضة آنذاك لعظمة الملك.

ويستعرض علي ربيعة أسئلة تتمثل في مدى قوة المجلس المقبل في إحداث إصلاح سياسي، ويقول: إن الجواب غير ممكن وذلك لأن السلطة التشريعية يتولاها الملك والمجلسان المتساويان في العدد حيث يرأس المجلس الوطني رئيس المجلس المعين، فضلا عن أن ديوان الرقابة المالية ملحق بالملك بدلا من المجلس المنتخب، وفوق هذا وذاك فإن البرلمان غير قادر على مناقشة ما حدث في الفترة السابقة تحت عنوان «عفا الله عما سلف».

وبعد أن طرحت الشخصيات الوطنية همومها حيال الديمقراطية والانتخابات النيابية، لم يجد رئيس تحرير صحيفة «السفير» طلال سلمان همّا أكبر من الطائفية ليتناوله من واقع التجربة اللبنانية المريرة فيحذر الجميع من مغبة الوقوع في صراعاتها وتعقيداتها.

وقال سلمان: كل رجائي أن لا تقعوا في الفخ الطائفي، وهذا الوباء إذا سمح له سيقضي على الروابط الاجتماعية والعائلية، وما حدث في لبنان والبلاد العربية الأخرى ربما توجهنا جميعا للمحافظة على أي إنجاز. فإننا من الذين يرفضون أمورا كثيرة ولكنني أؤيد أي شيء يتعلق بالانتخابات، حتى وإن لم تكن الانتخابات كاملة الصلاحية.

دعسة ينصح بالمشاركة

وبالنسبة إلى دعسة فإنه وجه النصيحة بالمشاركة في الحياة الديمقراطية المتاحة، مشيرا إلى أن الواقع بعد تكالب الدول العظمى على المنطقة بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وأن وجود مشروعات إصلاح في أي بلد يعتبر إيجابيا، وأن ما حدث في البحرين من تسارع للأحداث يعتبر مؤشرا جيدا، «فيجب أن تكون جميع قوى أي شعب عربي اليوم داخل البرلمان لأنها ستكون حامية البلد حين وقوع الكوارث والحوادث الكبرى».

أما مدير تحرير صحيفة «الأهرام» فقد قال إنه أتى إلى البحرين متفائلا جدا، إلا أنه أكد أن الطائفية خطر كبير يُخشى على البحرين منه، وأنه على رغم احترامه للحماس عند كلا الطرفين في البحرين (المشارك والمقاطع) فإن التجارب الديمقراطية في الوطن العربي كلها تجارب مؤلمة ولا يحتذى بها، وسواء نجحت الانتخابات في البحرين أم لم تنجح، فهي كغيرها «فلا تتفاءلوا ولا تحزنوا».

ويقول إن هناك أهمية كبيرة للتجربة الديمقراطية في البحرين لأن تأثيرها سيكون أكبر من حيز البحرين، فهي تنير الطريق لدول الجوار، كما أن مؤثرات المتغيرات العالمية والهيمنة الأميركية ستنعكس على واقع البحرين، لأن لدى الولايات المتحدة الأميركية معركة وتريد أن تثبت أنها هي المنتصرة بشكل مطلق، وواهم من يعتقد أن أميركا تناصر الديمقراطية في الدول العربية

العدد 29 - الجمعة 04 أكتوبر 2002م الموافق 27 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً