يحيى علي يحيى وأخته فاطمة ينتميان إلى أم بحرينية وأب يمني الأصل انتقل إلى جوار ربه وترك أبناءه لا يختلف حالهم عن حال البدون في البحرين إن لم يكن حالهم أكثر سوءا. فيحيى الذي ولد في البحرين ونشأ في أحياء قرية سترة، وعاش هو وأخته طوال تلك السنوات وهما يحملان الجنسية اليمنية، لكن حكم التصاقهم في البحرين التي لم يعرفوا غيرها وطننا جعلتهم كالبحرينيين تماما يلعبون ويدرسون ويحلمون، لكن كل ذلك كان قبل أن ينهوا تعليمهم الأساسي.
ففي طفولتهما التي مارسا فيها حياتهما من دون أن يتحسسا من كونهما غير بحرينيين إذ لم تكن حيازتهما الجنسية تحقق لهما الكثير، فكونا علاقات الصداقة وأنهيا تعليمهما وبعدها صارت الجنسية مفتاحا لكل شيء.
يقول يحيى: «لتعمل تحتاج إلى جنسية، ولتدخل الجامعة تحتاج إلى جنسية، وليكن لك مسكنك الخاص تحتاج إلى جنسية، فلم تعد الحياة من دون هوية ممكنة لتحقق لك الأساسيات».
ويضيف: «أختي كانت من المتفوقات في الثانوية العامة، بيد أن كونها يمنية الأصل يجعل الجامعة تطالبها بدفع أضعاف ما يدفعه البحريني ليقبل كطالب في الجامعة؟(...) نحن أبونا توفى ولم يترك لنا ما يعلينا أو يعيننا على نوب الدهر».
ويزيد بلهجة ستراوية ميزت حديثه: «لهثت وراء وظيفة تكفل لي ولأمي وأختي أدنى مستويات العيش الكريم، ولكن كل رب عمل أقصده يفضل تشغيل البحرينيين لأنه يعاملني مواطنا يمنيا وليس بحرينيا، وهكذا أظل أدور في حلقة مفرغة».
أمه آمنة محمد حبيل تتساءل عن السبب الذي يجعل أبناءها محرومين من الجنسية البحرينية حتى بعد صدور المكرمة التي تنص على تجنيس أبناء البحرينية التي تتزوج من أجنبي. وتقول: «زوجي قدم إلى البحرين قبل 40 سنة، عاش ومات في خدمة أرض الوطن، واليوم يقاسي أبناؤه الذل والمحنة وينتظرون من يخرجهم من هذا الوضع كما خرج غيرهم من فئة البدون وأصبحوا بحرينيين يتمتعون بكامل حقوقهم المدنية».
وتضيف: «يحيى وفاطمة هما ما خرجت به من الدنيا بعد وفاة المرحوم، وكل أملي يتركز في أن أراهما يعملان في مهنة تقيهم ذل السؤال خصوصا وأننا نسكن في بيت قديم بالإيجار، ولا يحق لنا الحصول على بيت من وزارة الإسكان لذا فإن وضعنا مهدد ونحن معرضون للطرد في أي لحظة». وضع يحيى وعائلته، يتكرر بصيغة أخرى في مواقع أخرى، وكلها تبقى حالات مجهرية لقضايا كبيرة تظل تشوه بياض هذا الوطن ما لم تحسم بشكل جذري
العدد 29 - الجمعة 04 أكتوبر 2002م الموافق 27 رجب 1423هـ