نحن امام مشكلة كبرى ضحيتها مواطنون بحرينيون يفوق عددهم الـ 80 شخصاً. بدأت القصة عندما قامت وزارة التربية والتعليم في العام 1991 بنشر اعلان في احدى الصحف المحلية من شهر اغسطس/ آب إذ جاء الاعلان حرفياً: «بدء التسجيل للدراسات التعاونية والادارية بالانتساب بمصر» والاعلان هو عبارة عن دعوة مباشرة من قبل وزارة التربية والتعليم وتحديداً ادارة الشئون الثقافية والبعثات بالوزارة لمن يرغب في الالتحاق بالسلك الجامعي عن طريق الانتساب فإن الوزارة تضع بين يديه هذا المعهد المعترف به من قبل الوزارة وانها ستتكفل بعملية التنسيق واتمام الاجراءات بينها وبين الطالب والمعهد الموجود في مصر عبر التنسيق بينهما وبين الملحق الثقافي في سفارة البحرين في مصر والمعهد (المعهد العالي للدراسات التعاونية والادارية بجمهورية مصر العربية). هؤلاء الطلبة، «الثمانون» قرأوا الاعلان في الصحيفة واقتنعوا بالعرض فراحوا على سجيتهم يكملون اجراءات الانتساب ودفع الرسوم ورسوم الانتساب بعد ان قدموا لادارة الشئون الثقافية والبعثات بالوزارة صورهم، مستلزمات الدراسة، استمارة الثانوية، شهادة الميلاد... الخ حصلوا على موافقة الانتساب من المعهد واستلموا استمارة الموافقة من قبل الادارة ذاتها في وزارة التربية والتعليم إلى ان ابتدأوا الالتحاق وتقديم الامتحانات وكل ذلك يتم عبر التنسيق مع الوزارة إذ هي المعلنة عن المعهد في الصحيفة، هي المنسقة لطول فترة الدراسة ومقدارها 4 سنوات بين هؤلاء الطلاب والمعهد إذ مكثوا اربع سنوات ملتحقين (بالانتساب) لهذا المعهد دراسة يقضونها في البحرين وشهرين للدراسة والامتحان يقدمونها في مصر. وبعد انقضاء السنوات الاربع من الدراسة وصرف الاموال وبذل الجهد استلموا الشهادات (البكالوريوس) وعادوا إلى الوطن وإذا بالوزارة التي عملت على التنسيق بينهم وبين المعهد ابتداءاً من نشر الاعلان في الصحيفة إلى التسجيل وملء اوراق وبيانات المعهد إلى توصيل الرسوم إلى المعهد حيث الدراسة على حسابهم الخاص وبعد تبني الوزارة وقبولها وتشجيعها للدراسة في المعهد وإذا بها تفاجئهم «ان الوزارة - للأسف - ترى ان شهادة هذا المعهد غير مستوفية للشروط والمعايير التي تعتمدها اللجنة الوطنية لتقويم المؤهلات العلمية». هنا وقع الخبر وكأنه صاعقة على هؤلاء الطلبة وهم يتساءلون: اذا كنتم لا تقبلون بشهادته لماذا اعلنتم عنه في الصحف؟ وآخر قال: «ومن يعوضنا كل هذه الخسائر والاموال ونحن لم نعرف عن المعهد الا من اعلان الوزارة ولم نقم بالاتصال به إلا عن طريق الوزارة؟». وثالث آخر قال: «كيف يأتي هذا القرار وانتم تعلمون مسبقا ان هناك العشرات من الطلبة البحرينيين ذهبوا على عهدتكم واعلانكم وتنسيقكم المباشر لهذا المعهد وانتم الذين قمتم بإيصال الرسوم وتوصيل شهادات السنوات الاربع وتوقيعكم على البيانات وكل هذا الملف؟ ما الذي حدث بين عشية وضحاها...». جزء من هؤلاء العشرات الضحايا قصدوا «الوسط» وفي ايديهم ملف متخم بالصور والبيانات الرسمية وتوقيعات الوزارة والوكيل وهم يحكون قصتهم حاملين (ادلتهم) بعد ان ضاق بهم الحال إذ ان البعض منهم مازال عاطلاً مثل (يوسف العلواني) فمنذ ثمانية اعوام وهم يبحثون عن حل لهذه الازمة التي راحو ضحيتها يبحثون عمن يمتلك الشجاعة من المسئولين في الغاء القرار الذي جاء متسرعاً فأدخلهم في ازمة ليس لهم دور فيها إذ تردد «ان الوزارة متفهمة مشكلتهم غير انه يصعب العودة عن قرار تم اتخاذه ففي ذلك تراجع للوزارة على رغم اسفها لما حدث لهم من تكبل خسارة الاموال والجهد والدراسة...» والاقتراب من معرفة ملابسات هذه القضية اجرت «الوسط» الحوار مع بعضهم: ابتدأ يوسف عيسى صالح العلواني (احد الطلبة المتضررين وهو يشرح طبيعة ما جرى: «في شهر اغسطس/ آب من العام 1991 قامت ادارة الشئون الثقافية والبعثات بوزارة التربية والتعليم في البحرين بنشر اعلان في صحيفة «الايام» جاء فيها نصاً: «ذكرت ادارة الشئون الثقافية والبعثات بوزارة التربية والتعليم انه على الطلبة خريجي الثانوية العامة الراغبين في مواصلة دراستهم الجامعية في المعهد العالي للدراسات التعاونية والادارية بجمهورية مصر العربية على نفقتهم الخاصة مراجعة مركز المعلومات الجامعية التابع لادارة الشئون الثقافية والبعثات الكائن بالقرب من المبنى الرئيسي لوزارة التربية والتعليم... لتقديم الاوراق الثبوتية... الخ» ويضيف العلواني: «اننا نمتلك صورة لهذا الاعلان الذي على اثره قمنا بالانتساب كما واننا نمتلك الاوراق الثبوتية التي تدلل على تبني الوزارة للمعهد وكيف انها قامت بالتنسيق الكامل بيننا وبين العشرات من الطلبة مع المعهد إذ هي التي نشرت الاعلان وشجعت على الالتحاق ونسقت بين المعهد وبينها عبر الملحق الثقافي لسفارة مملكة البحرين في مصر وكنا ندفع الرسوم للمعهد بين والوزارة وسفارة البحرين». ٭ هل تمتلكون ادلة على ذلك؟ - بالطبع نحن نمتلك صورة للاعلان المنشور وصوراً تدلل على ان الوزارة هي التي قامت بارسال الاوراق الثبوتية للتسجيل بالمعهد وكان بختم مديرة ادارة الشئون الثقافية والبعثات آنذاك صفية دويغر والمؤرخة بتاريخ 1/10/1991 وصورة ايضا عن متابعة وزارة التربية عن مواعيد الامتحانات والدروس المكثفة وغيرها...». ويضيف: «نحن في الحقيقة ذهبنا ضحايا إذ كان البعض منا يفكر في الدراسة في جامعة البحرين علماً ان المعهد يمتاز بميزات كبرى وله سمعة عالية وهم من روجوا له». اما الطالب علي العرادي (متضرر من القرار) فراح يسرد بقية القصة فقال: «تعزيزاً لكلام زميلي العلواني، فإننا وقعنا ضحايا هذا الاعلان وهذا القرار الاخير، اننا تلقينا كل التسهيلات من الوزارة ومن الملحق الثقافي لسفارة البحرين في مصر إذ قامت بتوزيع (دليل) يتضمن اسماء الجامعات المعتمدة للدراسة والمعاهد ومنها المعهد المذكور وراحت هي الاخرى (السفارة مع الوزارة) تشجعان الطلبة على الالتحاق به وهنا سأسرد لك بعض الاجراءات التي تدل على تشجيع الوزارة: 1- قامت بالاعلان عنه في الصحف. 2- قامت بتخصيص موظف في الملحقية الثقافية بالقاهرة لمتابعة شئون طلبة المعهد. 3- قامت الوزارة بمتابعة مواعيد الامتحانات والدروس المكثفة وايضاً المراسلات وتسلم شهادات النجاح لاعطائها الطلبة. ٭ اذن اين وقعت المشكلة ولماذا وقع قرار عدم قبول الشهادة؟ - يقول العرادي: «الوزارة محرجة جداً من القرار ومازالت تبحث عن مبرر ينقذها أو يدعم هذا القرار وإلا فإن كل الادلة موجودة ومثبتة في ملف كامل، فهي (الوزارة) متورطة في اهدار اموال ومستقبل كل هؤلاء الطلبة (80 طالباً) ونمتلك جميع اسمائهم... ان اقل واحد منا كلفته الدراسة 5000 دينار طيلة السنوات الاربع من السفر والسكن ودفع التذاكر اضافة إلى الانتساب في مدرسة احمد العمران عبر دورات مكثفة وفوق ذلك نبقى في مصر شهرين تتخللها الدراسة مع الامتحانات وبعد كل ذلك، وعندما جئنا بالشهادات (شهادات البكالوريوس) واذا بقرار عدم الاعتراف ينزل علينا كالصاعقة... كيف تتصور حالنا، من المسئول عنا؟ ويضيف: العرادي: «جاء القرار من قبل وكيل وزارة التربية ورئيس اللجنة الوطنية لتقويم المؤهلات حسين السادة تحت حجة ان الشهادة غير مستوفية للشروط والمعايير المعتمدة...». ٭ وما تعليقكم انتم على ذلك؟ - اذا كانت غير مستوفية لماذا قامت الوزارة بتسجيل الطلبة لهذا المعهد والإعلان عنه. كما ان احد الطلبة المتخرجين من المعهد نفسه وهو العلواني قام بطلب تقديم الماجستير في جامعة البحرين وتم قبول طلبة بتاريخ 25 سبتمبر/ ايلول 1995م من قبل دائرة القبول والتسجيل تحت رقم (953268). الوزارة في الحقيقة محرجة من القرار وهناك تخبط بل عدم اقتناع. كما حصل الطالب يوسف عيسى المتخرج من المعهد نفسه على دبلوم التربية من جامعة البحرين لكي يستكمل توظيفه وكان رقمة الجامعي: 952258 اذا كانت الشهادة غير معترف بها لماذا اجرت الوزارة لنا امتحاناً؟ ويستطرد العرادي: «وتعجبوا من هذا التملص إذ قامت سفارة جمهورية مصر العربية بارسال رسالة كانت قد اخطرت بها من قبل وزارة التعليم العالي في مصر إلى وزارة الخارجية البحرينية بتاريخ 2/5/1998. رقم القيد: 200 تتساءل في الرسالة عن سبب عدم قبول الشهادة قائلة: «علماً ان شهادة المعهد المشار إليه معادلة لدرجة البكالوريوس في التجارة شعبة إدارة اعمال التي تمنحها كليات التجارة بالجامعات المصرية...» ويضيف « ونحن نمتلك نسخة من هذه الرسالة». علماً ان شهادة المعهد مقبولة حتى في بريطانيا وهناك الكثير ممن يأتون إلى البحرين للتدريس من الاخوة المصريين كانوا قد درسوا وتخرجوا من المعهد نفسه. اما المتضرر الثالث فهو: خليفة علي خليفة البوفلاسة يقول: «مثلنا من المتضررين كثر ولايمكن ان نظل معلقين هكذا ولقد قمت بمراسلة الوزير ووكيل الوزارة نشكو لهما وضعنا من هذا القرار وهما كل يوم يخرجان بحجة آخرها كانت ان سبب عدم الاعتراف هو تسرب الامتحانات نحن نقول لهما إأتونا بالدليل على ذلك وبما يثبت هذا الامر. نحن لا يمكن ان نذهب ضحايا مبررات واهية، ثانياً اذا كانوا «الوزارة» لا يريدون الاعتراف بالشهادة أو ارادوا اقرار قانون عدم الاعتراف يجب ان لا يشمل هذا القانون من سبقوا هذا القانون ومن قاموا بالدراسة قبل إعلانه ويجب ان يؤخذوا بعين الاعتبار والرحمة خصوصاً انهم لم يلتحقوا إلا بسبب الاعلان الذي تم نشره في الصحافة وذاك التعاون الواضح الذي تم من قبل الوزارة ذاتها» واضاف قائلاً:« هل يمكن ان يقبل احد هذا الامر. نحن لسنا ضد اي قرار لدى الوزارة ولكن يجب ان يعمل به حين صدوره على ان لا يسري على الطلبة الذين اكملوا دراستهم قبل اعلان القرار وهذا حق يتفق عليه كل انسان منصف اما ان نذهب 4 سنوات للدراسة مع دفع كل هذه الاموال وهذا الوقت وهذا الجهد واذا بنا نصّدم بهكذا قرار سريع علماً اننا لم نذهب إلى هذا المعهد الا بسبب اعلان الوزارة ذاتها وتسهيلها». ولعل ما يدفع هذه القضية إلى الامام ويعطيها القوة هو امتلاك هؤلاء المتضررين جميع الوثائق التي تدل على كلامهم اضافة إلى اسماء المتضررين (الشامسي، بوشقر، القحطاني، الجودر، العلواني، السكران، الحايكي، الرميحي، العرادي...». اعدادهم تصل إلى 80 متضرراً مازالوا يبحثون عن حل لقضيتهم. طرقوا كل الابواب ولم يبق الا باب الصحافة، البعض منهم مازال عاطلاً، والبعض مازال على الدرجة ذاتها في عمله والبعض الاخر راح يقول: ليتني لم اقرأ الاعلان (إعلان الوزارة في الصحافة عن المعهد!!!». «الوسط» بدورها قامت بالاتصال بوزارة التربية والتعليم عن المشكلة ذاتها فجاء الرد بعد 8 أيام نوجزه في النقاط الاتية: 1- شهادة المعهد المذكور (غير مستوفية للشروط والمعايير). 2- سبب عدم الاعتراف بشهادة المعهد المذكور (من قبل لجنة التقييم وذلك للتشكيك في نزاهة الامتحانات). 3- كما جاء ايضا في سياق رد الوزارة «وحول ما اشير من ان وزارة التربية والتعليم قد قامت او ساعدت الطلبة للالتحاق بهذا المعهد نود الافادة انه من خلال التعاون الثقافي بين البلدين الشقيقين (مصر والبحرين) سهلت ادارة البعثات أمر العلان عن التسجيل في هذا المعهد». وتبقى ملاحظات على رد الوزارة وهي: 1- اذا كان المعهد غير مستوفٍ للشروط لماذا قمتم بالاعلان عنه وتسببتم في توريط 80 مواطناً بحرينياً؟. 2- في رد الوزارة اعترفت بتسهيل «ادارة البعثات امر الاعلان عن التسجيل في هذا المعهد». والحقيقة ايضا ان الادارة هي التي فتحت عين هؤلاء الطلبة على المعهد و ذلك بإعلانها في الصحافة المحلية. 3- هل يعقل ان تلغى شهادة 80 طالبا قضى كل واحد منهم 4 سنوات من الدراسة والسفر وصرف الاموال والغربة للحصول على شهادة من معهد تم التسويق و(التسهيل والاعلان) عنه من قبل الوزارة نفسها، ان تلغى شهادة 80 طالبا لوجود «شك في نزاهة الامتحانات)؟ 4- الوزارة لم تأت ولا بدليل واحد واضح ومقنع ومادي على ان هناك تلاعبا في الامتحانات مع العلم ان هناك استياء من مصر والتعليم العالي في مصر لهذا الاتهام. وفي الملف ذاته توجد اوراق تثبت هذا الاستياء. 5- اما بالنسبة إلى الطلبة الخليجين فقد قبلت شهادتهم التي حصلوا عليها من المعهد المذكور ويوجد في الملف ما يثبت ذلك فوزارات دولهم قبلت شهادتهم واذا اقرت وزارات دولهم قراراً بعدم الاعتراف بأي معهد او جامعة فإن ذلك لا يشمل الدفعات أو الملتحقين ما قبل القرار وانما يسري القرار على اي طالب يأتي بعد اعلان القرار. فقد تم الاعتراف بشهادة الطالب الكويتي ادهم منصور عباس والطالب القطري حسين مفتاح وفي الملف صور لهذا الاعتراف من قبل وزاراتهما لانه ليس من الانصاف ان يشملهما أو الطلبة الاخرين إلى قرارات اعتراف لاحقة.
العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ
لبنة
حسبنا الله ونعم الوكيل