علمنا الوالد حسن علي أبل احترام النفس أولاً، واحترام من نتعامل معهم في وظائفنا وأدوارنا المهنية، أتذكر بوضوح عندما تم توظيفي في وزارة التربية والتعليم العام 1972 فأحضرت ورقة التوظيف للوالد الحبيب رحمه الله، وأسكنه فسيح الجنان، وأخبرته بأنني سأعمل في مدرسة بالمحرق اسمها قرطبة الابتدائية للبنات، وطلب مني الجلوس، وبدأ حديثه قائلاً «بنتي بتكونين معلمة، أحسن وظيفة؛ ولكن أود أن أنصحك بأن تحسني التعامل مع التلميذات الصغيرات حتى عندما تكون واحدة منهن لا تعرف الجواب، لا تعاقبيها بالوقوف ولكن دعيها تجلس وعلميها الجواب الصحيح، وإذا جاءك أحد أولياء الأمور يطلب شهادة معينة لابنته لأي مكان يريده لا تقولي له تعال غداً وإنما اجتهدي لتلبية طلبه في نفس الوقت، وخصوصاً إذا كنتي مسئولة مباشرة عن تحقيق طلبه، فالتعاون مهم في هذه الأمور»، وفعلاً عندما كنت اختصاصية اجتماعية يكون لنا دور كبير في تحقيق مطالب التلميذات أثناء الدوام المدرسي سواء مع المواقف الخاصة بهن، أو المتطلبات الدراسية، وكنت أعمل كثيراً على تحقيق نصيحة والدي الغالي رحمه الله.
عشنا بالكويت فترة من الزمن نحو أربع سنوات، وكنا في مرحلة الدراسة الابتدائية، وما أذكر من أدوار للوالد الحبيب رحمه الله في تعليمنا وتوجيهنا في الكثير من المواقف الحياتية، إننا عندما نمرض يأخذنا لمستشفى الصباح، وهو مستشفى حكومي كبير، وعندما نكون في انتظار دورنا للدخول على الطبيب نشعر بالعطش، ويوجد كولر كبير للماء البارد لكل الناس، ويوضع كأس من الحديد له مقبض لاستخدامه للشرب، فكان الوالد رحمه الله يمتلك رؤية لا يملكها كل فرد فيما يتصل بالصحة واهتمامه بنا، فكان يوجهنا ويعلمنا كيف نشرب الماء باستخدام الكأس الذي يستخدمه كل من يشرب في المستشفى، وكان شيئاً مهماً وهو بأن نمسك الكأس من المقبض باليد اليسرى وليس باليد اليمنى، ونشرب من الجزء الذي لا يشرب منه الآخرين، وكان ذلك حفاظاً علينا من نقل أي عدوى من الآخرين من المرضى، منذ ذلك التاريخ ونحن نعمل بهذه النصيحة في حياتنا اليومية عندما نضطر لاستخدام أي شيء يشترك الجميع في استخدامه، وذلك لكي نحمي صحتنا من أية عدوى.
كان والدي حسن علي أبل نموذجاً رائعاً للآباء الذين يعملون من أجل أبنائهم، إن فراقه خسارة كبيرة لنا، رحم الله والدي وأسكنه فسيح الجنان.
موقف مشرف ثالث: كان والدي رحمه الله موجه للسلوك وتنمية القيم الأخلاقية لدينا بصورة دائمة، وخصوصاً عندما يكون هناك موقف معين، وأتذكر أنه كان يطلب منا التحلي بالأخلاق الحميدة التي تؤدي إلى علاقات ناجحة مع الآخرين، وكان يؤكد على التفاهم لحل الخلافات أو المشاكل التي تنشأ بين الأخوة أو الأهل، ومن أقواله التي لا تنسى «لا تكن ليناً فتعصر ولا تكن يابساً فتكسر».
تميز والدي رحمه الله بأخلاق عالية، متعاون، ومتفهم وصادق في كلامه، لا يقبل استخدام الشتائم في المواقف التي تكون بيننا ونحن صغار ويكرر (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق) كان يستشهد بالآيات القرآنية دائماً، ولم أسمعه يوماً يستخدم لفظاً سيئاً نحو الآخرين، هكذا كان والدي حسن علي أبل رحمه الله وأسكنه فسيح الجنات، رجلاً يحمل مبادئ وقيم وأخلاق.
ابنتك/ لولوه أبل
العدد 5361 - الخميس 11 مايو 2017م الموافق 15 شعبان 1438هـ
الله يرحمه ويرحم ابائنا وامهاتنا. كانوا با الفعل ا حسن قدوة
وتخرج جيل مربي وحنون.
الله يرحمهم برحمته الواسعة
الله يرحمه برحمته الواسعة .. الوفاء له هو .. السير على نهجه