يأتي العاشر من ديسمبر/كانون الاول بذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وماري روبنسون تعتبر شخصية مميزة في مجال حقوق الإنسان بصفتها المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان سابقا. وكانت قبل ذلك رئيسة الجمهورية الايرلندية.
ولدت ماري روبنسون في الحادي والعشرين من مايو/آيار العام 1944 في بالينا كاونتي مايو الأيرلندية. والداها كانا يمارسان مهنة الطب ولها أربعة أخوة. انتسبت الى المدارس الخاصة في إيرلندا وباريس ثم تخصصت في الحقوق والآداب في جامعة ترنيتي كوليج في دبلن وتابعت علومها في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة. وهي متزوجة منذ العام 1970 من المحامي نيكولاس روبنسون ورزقت بثلاثة أولاد تيسا ووليام وأوبري.
في العام 1969 حصلت ماري روبنسون على رخصة العمل في المحاماة. وعندما كانت في الخامسة والعشرين من عمرها عينت أستاذة في الحقوق في جامعة ترنيتي كوليج التي كانت قد تخرجت فيها. واستمرت روبنسون في الصعود المهني وأصبحت خبيرة قانونية معترفا بها دوليا. وعلى الصعيد الوطني نادت بتحديث القوانين الايرلندية لاسيما ما يتعلق منها بشئون المرأة، إذ طالبت بتحسين وضع المرأة وفتح الباب أمامها لدخول محكمة المحلفين وحاولت تمكين المرأة الايرلندية من استخدام حبوب منع الحمل والأجهاض وتأمين المشورة لها في هذه المسألة، كما طالبت بالسماح بالطلاق ودعم الأمهات اللواتي يتفردن بتنشئة الأطفال.
وفي العام 1990 رشحها حزب العمال لرئاسة البلاد وفازت في الانتخابات وأصبحت أول امرأة ترأس ايرلندا. وخلال رئاستها، التي استمرت سبع سنوات، حاولت نقل البلاد من القيم السياسية المغرقة في التحفظ ونقلها - على حد تعبيرها - إلى النصف الثاني من القرن العشرين واستغلت سلطتها رئيسة للبلاد لإطلاق العنان للطاقات الخفية الكامنة لدى المجموعات النسائية ومنظمات المساعدة الذاتية ومبادرات المواطنين لتساهم في بناء نظام اجتماعي جديد.
وفي معرض سعيها لتحقيق هذه الأهداف تحلت ماري روبنسون بالمهارة والثقة بالنفس وغيرت صورة ايرلندا في العالم. وبعد مضي ولايتها الأولى رفضت ماري روبنسون ترشيح نفسها لولاية ثانية مبررة ذلك بعزمها على تسلم مهمات جديدة على صعيد حقوق الإنسان.
وفي العام 1997 عينها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وفي إطار مهمتها التي مارستها طيلة أربع سنوات مفوضة سامية للاجئين اعتبرت نفسها محامية عن الضحايا وحاولت كسر الطوق الذي تضربه حكومات كثيرة على موضوع حقوق الإنسان ولم تنفك عن النقد الصريح والواضح لكل الممارسات التي تشكل خرقا سافرا لهذه الحقوق سواء كان ذلك متعلقا بما يلحق الضحايا المدنيين من الأذية من جراء العمليات العسكرية لحلف شمال الأطلسي أم بالعمليات العسكرية الروسية في الشيشان.
وعندما رفعت تقريرها إلى المنظمة الدولية عن التطورات الأخيرة في المناطق الفلسطينية المحتلة انتقدت بشكل قوي تصرف الحكومة الإسرائيلية مطالبة بالسماح لمراقبين دوليين بدخول الضفة وقطاع غزة وذكرت أنها خلال إحدى زياراتها للمنطقة رأت بأمّ عينها كيف أوقف جنود إسرائيليون عربتي إسعاف بقوة السلاح ومنعوهما من إغاثة جرحى فلسطينيين. وفي مارس/آذار الماضي أعلنت ماري روبنسون عزمها على عدم التقدم لفترة ثانية الى منصب المفوضة السامية للاجئين لأنها تريد التوجه إلى مهمات أخرى، مبررة قراراها هذا بضآلة إمكانات تصرف المنظمة الدولية.
الجوائز والتشريفات التي منحت لماري روبنسون لقاء نشاطاتها الحثيثة من أجل حقوق الإنسان كثيرة نذكر من بينها جائزة الحرية التي تمنحها الأممية الليبرالية، وجائزة الجامعة الدولية لحقوق الإنسان، وجائزة نساء أوروبا.
ماري روبنسون سخرت جلّ حياتها وماتزال من أجل نصرة حقوق المستضعفين فوق هذه الأرض، ولم تتوان عن قول كلمة الحق وتوجيه النقد اذ وجدت أن حقوق الإنسان تهدر وتهان. إنها من السيدات اللواتي شغلن الرأي العام والمسئولين في الآونة الأخيرة إلى أبعد الحدود. كانت المرأة الأولى التي تتسلم رئاسة ايرلندة والمرأة الأولى التي تسند إليها أكثر المناصب حساسية وأهمية في هيئة الأمم المتحدة والسيدة التي كثرت الجوائز وأوسمة الأستحقاق التي منحت لها
العدد 95 - الإثنين 09 ديسمبر 2002م الموافق 04 شوال 1423هـ