أكد المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة خالد علوش أهمية وخطورة دور البرلمان في أية دولة تمارس الديمقراطية، مبينا أنه «يلعب دورا حيويا في الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية لكل شعب من الشعوب. ويمارس البرلمان مهمته الأولى التشريعية من خلال تلمس حاجات المواطن ورغباته عبر سن القوانين أو تعديلها أو إلغائها بما يتناسب مع احتياجات وتطور الشعوب».
وبالنسبة إلى الدور الرقابي للمجلس قال علوش إن السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية) هي التي تتحكم في سر الموضوعات. والهيئات والمؤسسات المعنية بالحكومة لابد لها من أن تطالب بتنفيذ ما جاء في مواد الدستور وما تقره المؤسسة التشريعية.
السلطة التنفيذية أحيانا توفق وأحيانا تخطئ، وبالتالي لابد من جهة تكون لها صفة الإشراف على ما يتم تنفيذه والتأكد من أنه بالفعل ما يجب أن ينفذ. والبرلمان يستعين بآليات موجودة وأجهزة مثل ديوان المراقبة المالية وهو مصدر معلومات لأعضاء البرلمان للتأكد من أن السلطة التنفيذية تؤدي مهامها كما نصت عليه القوانين والدستور وهذا هو الدور الرقابي. ولابد أن نذكر أن البرلمان يستعين بالسلطة الرابعة وهي السلطة الإعلامية بكل أجهزتها المختلفة المطبوعة والمسموعة والمرئية لتساهم في جمع المعلومات والمعطيات التي تساعد أعضاء البرلمان على إدراك جوانب الضعف والقوة وبالتالي يوجهوا بشكل قانوني بعض الأجهزة التنفيذية لتعديل أو تحسين أدائه والتي تتميز بتأثيرها الكبير الناتج من ملامسة المواطن بشكل مباشر.
ويتمتع البرلمان المحلي بخاصية النطاق الجغرافي ضيق المساحة الأمر الذي سهل عمل استقراء للواقع بإيجابياته وسلبياته. والبرلمان هو البوابة الرئيسية للتشريع، ولضمان نجاح التجربة لابد من تضافر عدة أمور هي: ضمان التشريع من خلال المجلس الوطني، وضمان تنفيذ تلك التشريعات عبر آليات نزيهة كالبرلمان والسلطات التنفيذية الأخرى، ولابد من وعي المواطن بكل ما يجري حوله من أمور. وغالبا ما يكون العجز في آليات التنفيذ لا في التشريع نفسه.
وتقوم السلطة الإعلامية كما قلنا بدور رقابي وتضمن السلطة القضائية تطبيق التشريعات في حال حدوث خلل أو لبس، وهذه التشكيلة تضمن للمجتمع أن يصحح نفسه في حال الخطأ الذي تقل نسبته بشكل كبير كما لو كانت كل السلطات مجتمعة في شخص واحد أو هيئة واحدة. والمستفيد الأول من هذا الوضوح في الأدوار بين السلطات والأطراف جميعها هو المواطن.
حقوق الإنسان
وبالنسبة إلى إعلان حقوق الإنسان، قال علوش ان غالبية بنوده أصبحت ضمن نطاق دساتير غالبية دول العالم بل كلها. ومن المعروف أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تمتلك صفة الإلزام، وكانت هذه الوثيقة أساسا لاتفاقين من أكبر الاتفاقات في هذا المجال، وهما اتفاق الحقوق المدنية والسياسية واتفاق حقوق الفرد الاقتصادية والاجتماعية والحضارية. ويتميز هذان الاتفاقان بان حقوق الإنسان تبلورت فيهما بشكل أكبر، خصوصا مع نضوج الفكر العالمي ومناقشات دامت 20 عاما بعد إعلان حقوق الإنسان العام 1948، قد صادقت 13 دولة عربية على الاتفاقين.
ونحن ندعو الدول العربية التي لم تصادق إلى عادة النظر في موقفها لما لهذين الاتفاقين من أهمية كبيرة فيما يتعلق بالتشريعات العالمية في مجال حقوق الإنسان. ونأمل من المملكة التي تعيش في أجواء مفتوحة أن تفكر في موقفها اتجاه الاتفاقين وإن وجدت بنودا أو موادا لا تتفق والنواحي العقائدية والدينية فيمكنها التحفظ عليها.
وفي قراءته للوضع العربي قال علوش إن غالبية الدول العربية تفتقر للديمقراطية. وأضاف أننا في الوطن العربي ينقصنا وضوح في الرؤيا لما يجب أن تقوم به السلطات الأربع وأحيانا تنقصنا الرغبة في السماح لكل سلطة بممارسة صلاحياتها. وغالبا ما تكون السلطة الإعلامية مجرد تابع للسلطة التنفيذية أو معبرة عنها، وفي هذا تعطيل واضح لآلياتها.
وعن الهوة الحضارية بيننا وبين الغرب قال علوش: «تلك التجارب مرت بظروف كثيرة لتصل إلى مرحلة النضج التي تعيشها حاليا، ولكننا لسنا بحاجة للمرور في الظروف نفسها والمرحلة الزمنية الطويلة. إن للتكنولوجيا والتقدم التقني دورا كبيرا في اختزال كل تلك الفترات الطويلة للوصول إلى النضج الذي يضمن لتجاربنا الديمقراطية نجاحا اكبر. وهناك تجارب في دول العالم تعد رائدة في مجال الانفتاح والشفافية وتطبيق الديمقراطية مثل بنجلاديش والهند وسريلانكا ومجتمع شرق أوروبا وبعض الدول الافريقية التي تبنت سياسة الباب المفتوح عبر إجراء انتخابات نزيهة ومحاسبة أعضاء الحكومة. وأنا أؤمن بان للفرد العربي أهمية ودورا كبيرا في المشروع الديمقراطي لأي نظام من أنظمتنا العربية».
وعن قراءته للواقع البحريني قال علوش إنه يحق لنا أن نفخر بالتجربة البحرينية وبمستوى إدراك المواطن البحريني لكل مجريات الأمور وحيثياتها. والمشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك يحمل بدايات لعهد جديد شفاف وواضح الأدوار لكل السلطات. ولضمان نجاح هذه التجربة لابد من نية صادقة لدى الجميع لإنجاح التجربة والإيمان بمبدأ أن المسئولية مسئولية الجميع، وكما للفرد حقوق، فعليه واجبات يؤديها تجاه وطنه وأهله ومجتمعه
العدد 104 - الأربعاء 18 ديسمبر 2002م الموافق 13 شوال 1423هـ