منذ عشر سنوات كانت كلمة غوغل مجرد خطأ هجائي لأحد المصطلحات الحسابية الغامضة التي لم يسمعها كثيرون، ولكن في 7 سبتمبر/ أيلول 1998 اختار اثنان من خريجي جامعة ستانفورد الأميركية الكلمة لتكون اسما لشركة قررا تأسيسها بهدف تحقيق فكرة بسيطة وهي جعل البحث على الإنترنت أسهل وأدق من خلال تحليل الروابط الخاصة بمواقع الويب.
وما حدث بعد ذلك كان أكبر وأسرع عملية صعود ونمو في تاريخ الشركات الأميركية لتصبح غوغل واحدة من أعلى الشركات الأمريكية ربحية. ورغم النجاح الأسطوري الذي حققته غوغل خلال 10 سنوات فقط فإنها اليوم تواجه تحديات عدة لكي تحافظ على معدل نموها، فالشركة مازالت تعتمد على عائدات الإعلانات التي تبث عبر محركها البحثي على الإنترنت التي تمثل نحو 90 في المئة من عائداتها، كما أنها تواجه اتهامات من قبل المناوئين لها بأنها تسيء استخدام موقعها المسيطر في عالم محركات بحث الإنترنت، وتنتهك خصوصية معلومات مستخدمي خدماتها على الشبكة الدولية.
وتأتي الذكرى العاشرة لتأسيسها في الوقت الذي نجحت فيه غوغل في تدعيم مكانتها في عالم تكنولوجيا الكمبيوتر والإنترنت من خلال تطوير محرك بحثها، وتقديم المزيد من الأدوات التي تفيد المستخدم.
ليس هذا فحسب بل إن الشركة أعلنت قبل أيام قليلة عن برنامج لاستعراض الإنترنت باسم كروم ليكون منافسا لبرنامج إنترنت إكسبلورر الذي تطوره مايكروسوفت، ويعد مستعرض الويب الأكثر استخدامها في العالم.
وكانت الأسواق تتوقع إنتاج برنامج لاستعراض الويب من غوغل منذ سنوات ولكن الرئيس التنفيذي للشركة إيريك شيمديت الذي اختاره مؤسسا غوغل وهما سيرجي برين ولاري بيدج ليكون «رئيسا ناضجا» لها ظل يؤجل الإقدام على هذه الخطوة لسنوات.
والآن اقتنع الرئيس المخضرم بأن غوغل باتت قادرة على الدخول فيما يراه أخطر معاركها حيث ستضع نفسها في مواجهة مباشرة مع مايكروسوفت أكبر مطور لبرامج الكمبيوتر في العالم.
وقال شيمديت لمجلة وايرد ماجازين: «عندما انضممت إلى غوغل العام 2001 قال سيرجي ولاري لي إنهما يريدان إنتاج برنامج استعرض ويب خاص بهما، وأنا قلت لا.
ولم يكن الوقت مناسبا من وجهة نظر شميديت لكي تدخل الشركة الأشهر في عالم محركات البحث على الإنترنت سوق برامج استعراض الويب».
ولكن مع الذكرى العاشرة لقيام الشركة ووصول إيراداتها السنوية إلى 20 مليار دولار وأرباحها إلى 5 مليارات دولار ومعدل نموها إلى 35 في المئة بات عليها تطوير مستعرض الويب الخاص بها، وخاصة في ظل ظهور أجيال جديدة من التطبيقات والبرامج التي تستخدم عبر الإنترنت والحاجة إلى دعم برنامج استعراض الويب.
ولم يقتصر الأمر عند حدود برنامج استعراض الويب حيث تستعد غوغل لظهور أول هاتف محمول يعمل بنظام التشغيل الذي طورته واسمه أندرويد الذي تراهن عليه غوغل لكي تمد نطاق سيطرتها من الإنترنت المستخدم على أجهزة الكمبيوتر المحمول إلى عالم الإنترنت في الهواتف المحمولة في الوقت الذي يحافظ فيه موقع يوتيوب المملوك لها على مكانته المسيطرة في عالم مواقع تبادل ملفات الفيديو على الإنترنت.
ولكن معارضي الشركة الأميركية العملاقة يرون أن نجاح أي من هذه المبادرات الجديدة ليس حتميا، وأن مستخدمي الإنترنت قد لا يقومون بتنزيل برنامج كروم وقد لا يحبون استخدام الهواتف المحمولة التي تستخدم برنامج أندرويد، في حين أن المعلنين على الإنترنت يشعرون بالقلق من بث إعلاناتهم عبر موقع يو تيوب الذي يحتوي على العديد من المواد الإعلامية المثيرة للجدل.
ومع ذلك وحتى لو لم تنجح أي من مبادرات غوغل الجديدة وهو أمر مشكوك فيه لأن غوغل توظف 16 ألف من أفضل العقول على مستوى العالم فإن ما حققته غوغل حتى الآن يكفي تماما لكي تكون واحدة من أنجح الشركات في العالم. فقبل ظهور محرك البحث غوغل كانت عملية البحث على الإنترنت سيئة ومملة، حيث كان المستخدم يضطر إلى استعراض عشرات الصفحات التي تضم نتائج البحث دون أي تنظيم يسهل مهمة الباحث.
ولكن غوغل قدمت ما يمكن اعتباره محرك البحث الذكي الذي يصنف نتائج البحث وفقا لمدى توافقها مع المادة المستخدمة في البحث، وهو ما يسهل الوصول إلى الهدف. كما كانت فكرة عرض الإعلانات التي ترتبط بمواد البحث على صفحات النتائج من أنجح أفكار تسويق الإعلانات على الإنترنت وجنت من ورائها الشركة الأميركية أرباحا طائلة.
فهذه الفكرة تتيح للمعلن الوصول بإعلانه إلى الفئات المستهدفة أو المهتمة بمنتجه بصورة مباشرة على أساس أن من يقوم بالبحث على الإنترنت مثلا عن أحد الأفلام السينمائية فإنه سيكون بالتأكيد أكثر استعدادا لشراء مثل هذه الأفلام الحديثة من خلال الإعلانات التي تظهر على صفحات نتائج البحث.
من ناحية أخرى، يقول الخبير الاقتصادي كارمي ليفي: «أعتقد أن تاريخ الإنترنت يمكن تقسيمه إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل غوغل ومرحلة ما بعد غوغل»، كما هو الحال مع التاريخ ما قبل الميلاد والتاريخ ما بعد الميلاد.
ويضيف أنه إذا كانت مايكروسوفت احتلت عرش الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات لسنوات طويلة فإن غوغل تبدو الآن مستعدة لكي تزيحها عن القمة، غير أن هذا لا يمنع احتمال ظهور منافس أقوى لغلوغل في المستقبل.
خدمة جديدة من غوغل لمعرفة استخدامات الإنترنت
أطلقت شركة غوغل خدمة إضاءات «insights» والتي تساعد المهتمين على تسليط الضوء على أهم الكلمات البحثية خلال مدة زمنية محددة ولمنطقة معينة، وهي تلبي اهتمامات الناس البحثية في فترة من الفترات في دولة معينة أو حتى مدينة بعينها، إما لأسباب بحثية أو تسويقية أو لغيرها.
هذه الخدمة مفيدة لمعرفة نبض الشارع خلال الأحداث المهمة والأهم معرفة ما يبحث عنه شعب معين، ما يعطي بعض الدلالة على ثقافة واهتمام هذا الشعب.
خدمة إضاءات غوغل سهلة الاستخدام ولا تحتاج إلى مزيد من التفاعل للخروج بنتائج سريعة، فعن طريق ضبط خيارات المرشح (Filter) من اسم الدولة والمدينة والفترة الزمنية ونوع البحث يمكن الحصول على نتائج مرتبة حسب أكثر الكلمات بحثا في تلك الفترة.
العدد 2196 - الثلثاء 09 سبتمبر 2008م الموافق 08 رمضان 1429هـ