العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ

أميركا تسعى لوضع خطة لتسوية ديون البنوك وبريطانيا تستهدف المضاربين

اتخذت السلطات في الولايات المتحدة وأوروبا خطوات جذرية لاستعادة الثقة في أسواق المال المتعثرة أمس (الخميس) فاقترحت أميركا استخدام المال العام في امتصاص الديون المتعثرة المرتبطة بالرهون العقارية بتكلفة تقدر بنحو تريليون دولار وضيقت بريطانيا الخناق على عمليات البيع على المكشوف لأسهم البنوك.

وكان أثر هذه الخطوات فوريا وملموسا فارتفعت سوق الأسهم الأميركية بأكبر نسبة مئوية في يوم واحد منذ ست سنوات ما أدى لارتفاع الدولار الأميركي وأسعار النفط بينما انخفض سعر الذهب. وانتعشت أيضا أسواق الأسهم الآسيوية.

تحركات الخزانة الأميركية

والبنك المركزي

ويعتزم وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون ورئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) بن برنانكي العمل خلال العطلة الأسبوعية مع الكونغرس لوضع خطة لحل مشكلة الأصول المصرفية المتعثرة التي تخنق النظام المالي.

واجتمع الاثنان مع زعماء الكونغرس مساء يوم الخميس لكنهما لم يتحدثا مباشرة عن تأسيس صندوق لهذا الغرض بعد الاجتماع.

وكان اثنان من المساعدين في الكونغرس قالا إنه يبحث فكرة إنشاء مثل هذا الصندوق.

وقال بولسون للصحافيين «تحدثنا عن أسلوب شامل يتطلب تشريعا للتعامل مع الأصول غير السائلة في القوائم المالية للمؤسسات المالية».

وقال رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب بارني فرانك إن حكومة الرئيس جورج بوش تعتزم إرسال اقتراح للكونغرس الأميركي للتعامل مع الأصول المتعثرة التي تعاني منها أسواق المال العالمية المضطربة.

وبعد لقاء كبار مسئولي الحكومة قال النائب فرانك «سيكون تفويضا - وقد لا يكون كيانا - بل تفويضا لشراء الأصول المتعثرة».

وقال النائب الديمقراطي عن ماساتشوستس للصحافيين «هناك خوف من أن إنشاء كيان رسمي «قد يستغرق وقتا طويلا».

وقال أيضا إنه يوجد «إجماع تقريبا» على أنه سيصدر تشريع لايجاد مثل هذا التفويض.

وكان فرانك بين كبار أعضاء الكونغرس الذين التقوا بوزير الخزانة بولسون وبن برنانكي ورئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات كريستوفر كوكس في اجتماع مسائي غير معتاد في مكتب رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في الكونغرس الأميركي.

وإذا تأسس الصندوق فسيماثل صندوقا أنشىء لتصفية الديون المعدومة من جراء أزمة المدخرات والقروض في أواخر الثمانينيات ما كلف الدولة 400 مليار دولار من المال العام.

وقال الشريك المؤسس والعضو المنتدب لشركة ساليانت بارتنرز في هيوستون هاج شيرمان «أعتقد أنه سيبدأ في توفير أرضية لقيم الأصول ويسمح للمؤسسات بالعمل من خلاله بطريقة منظمة. فلن تضطر (المؤسسات) للارتماء في أحضان طالبي الشراء لتجنب الانهيار».

وفرضت هيئة الخدمات المالية البريطانية حظرا لمدة أربعة أشهر على بيع أسهم المؤسسات المالية على المكشوف. وقال مصدر مطلع إن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية تدرس فرض حظر مؤقت على البيع على المكشوف لبعض الأسهم أو كلها.

وقال كوكس «من المرجح أن نتخذ خطوات إضافية في الأيام المقبلة تتعلق على نحو خاص بهذا الوضع الطارئ».

كما بدأ المدعي العام لنيويورك أندرو كومو تحقيقا موسعا في احتمالات إبرام صفقات غير قانونية من خلال البيع على المكشوف لأسهم مؤسسات وول ستريت مثل مورجان ستانلي وجولدمان ساكس.

وخلال التعاملات يوم الخميس انخفضت أسهم مورجان ستانلي بما يصل إلى 42 في المئة وجولدمان ساكس 25 في المئة استمرارا للخسائر الكبيرة التي منيت بها في الأيام الأخيرة ومحت عشرات المليارات من الدولارات من قيمتها السوقية. لكن أسهم المؤسستين ارتفعتا في التعاملات الالكترونية بعد الإغلاق الرسمي للبورصة عقب أنباء تحرك الحكومتين الأميركية والبريطانية.

استمرار محادثات الاندماجات

وكان المستثمرون بدأوا يطرحون التساؤلات عما إذا كان نموذج بنوك الاستثمار سيختفي وذلك بعد انهيار ليمان براذرز هولدنغز وخطة بيع ميريل لينش لبنك أوف أميركا هذا الأسبوع.

وقالت مصادر مطلعة على مجريات الأمور إن بنك الاستثمار مورجان ستانلي يجري محادثات للاندماج مع بنك واكوفيا الأميركي وفي الوقت نفسه يبحث إمكانية أن ترفع مؤسسة الاستثمار الصينية وهي صندوق الثروة السيادية الصيني حصته في مورجان ستانلي لتصل إلى 49 في المئة من 9.9 في المئة. وكان الصندوق الصيني اشترى الحصة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وبدأت المباحثات مع واكوفيا مساء الأربعاء باقتراح طرحه روبرت ستيل الرئيس التنفيذي لواكوفيا على جون ماك الرئيس التنفيذي لمورجان ستانلي وبلغ بعد ذلك مرحلة ذات طابع رسمي.

بل دارت تكهنات أن جولدمان ساكس أقوى بنوك الاستثمار ربما يسعى للبحث عن شريك ومن المحتمل أن يتم ذلك من خلال شراء أحد بنوك التجزئة.

واستمرت محادثات أخرى يوم الخميس قد تسفر عن مزيد من الاندماجات الكبرى في القطاع المصرفي.

فقد قالت مصادر مطلعة على الوضع إن بنك واشنطن ميوتيوال الأميركي العملاق للمدخرات والقروض والذي تحاصره خسائر الرهون العقارية واصل استكشاف كل الخيارات المتاحة مثل الاستمرار في المحادثات مع المشترين المحتملين أو زيادة رأس المال.

ومع ذلك فقد أدت أنباء عن عدم توصله بعد إلى خطة لحل مشكلاته إلى تراجع أسهمه عن بعض المكاسب التي حققتها في وقت سابق في التعاملات الالكترونية بعد إغلاق البورصة.

وقالت المصادر إن الخاطبين المحتملين مثل جيه.بي. مورجان تشيس وويلز فارجو لم يتقدموا بعد بعروض رسمية على رغم استمرار المفاوضات مع عدة أطراف أبدت اهتمامها بالبنك من بينها أيضا بنك اتش.اس.بي.سي ومجموعة سيتي جروب.

ويرزح القطاع المصرفي العالمي تحت وطأة ديون ترتبط بالرهون العقارية قيمتها مئات المليارات من الدولارات أصبحت قيمتها أقل من القيمة الأصلية بسبب أثر ركود سوق الإسكان الأميركي وما أعقبه من أزمة ائتمانية.

وفي الأسابيع الأخيرة تدخلت الحكومة لإنقاذ ثلاثة من المؤسسات المالية العملاقة هي ايه.اي.جي عملاق صناعة التأمين وفاني ماي وفريدي ماك عملاقا صناعة الرهن العقاري.

لكن التحركات الرسمية لحل الأزمة لم تفعل شيئا يذكر لاستعادة الثقة في أسوا ق الأسهم العالمية إلى أن ظهرت يوم الخميس أنباء تضييق الخناق على البائعين على المكشوف وإمكانية وضع خطة لامتصاص الديون المتعثرة.

وبعد أن كان مؤشر داو جونز الصناعي منخفضا نحو 150 نقطة تحول اتجاهه وارت فع 410 نقاط.

وتحول أيضا اتجاه أسهم مؤسسات مصرفية مثل واكوفيا وواشنطن ميوتيوال من خسائر هائلة إلى مكاسب بنسبة 59 و49 في المئة على الترتيب.

ومع ذلك فقد انخفضت أسهم مؤسسات الائتمان الاستثماري بفعل المخاوف من مستوى سحب الأموال من الصناديق، وانخفض سهم ستيت ستريت كورب تسعة في المئة عند الإغلاق متصدرا الأسهم الهابطة في هذا القطاع بعد أن بلغ انخفاضه في وقت سابق خلال التعاملات 55 في المئة.

وارتفعت حدة التوتر في صناعة الصناديق منذ انخفضت قيمة أسهم أحد أقدم وأكبر صناديق سوق النقد الأميركية من دون السعر الذي دفعه المستثمرون في شرائها يوم الثلثاء.

وقال رئيس شركة «تريم تابس انفستمنت ريسيرش» التي تتابع تدفقات الأموال من الصناديق الاستثمارية واليها كونراد جام «نحن نشهد طنا من الذعر. وليس صغار المستثمرين فقط هم المذعورون بل المحترفون أيضا مذعورون.»

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الحكومة الأميركية قد تهيىء تأمينا لصناديق الاستثمار في أسواق النقد يماثل التأمين الذي يحكم الآن الودائع المصرفية.

و قد أنفقت السلطات الأميركية حتى الآن أو تعهدت بإنفاق 900 مليار دولار على دعم النظام المالي وسوق الإسكان. وربما تحصل السلطات على جانب كبير من هذا المبلغ إذا لم تنخفض أسعار الأصول عن المستويات التي هبطت إليها.

وجاء الحظر على البيع على المكشوف في بريطانيا بعد أن طبقت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قواعد يتعين بمقتضاها أن يسلم البائعون على المكشوف والمتعاملون السماسرة الأسهم بنهاية ساعات العمل يوم تسوية الصفقات أي بعد البيع بثلاثة أيام.

وقال رئيس (مورجان ستانلي) جون ماك لموظفيه في اجتماع إنه يعتقد أن السلطات الأميركية بدأت تفهم المخاطر التي يمثلها البائعون على المكشوف.

وفي بادرة على تزايد لعبة إلقاء الاتهامات دعا المرشح الجمهوري في انتخابا ت الرئاسة جون مكين إلى استقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات كوكس. في أول تعليقات له على الأزمة منذ تدخلت الحكومة بخطة انقاذ قيمتها 85 مليار دولار لشركة التأمين ايه.اي.جي هذا الأسبوع أبدى الرئيس جورج بوش قلقه للاضطرابات التي تجتاح الأسواق المالية، وقال إن إدارته مستعدة لاتخاذ خطوات أخرى لتعزيز الأسواق وتحقيق استقرارها.

وفي وقت سابق أعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي عن خطوات منسقة مع خمسة من البنوك المركزية الكبرى في العالم لضخ 180 مليار دولار من السيولة في أسواق النقد العالمية الأمر الذي بث بعض الطمأنينة في نفوس المستثمرين وخفض أسعار الفائدة في سوق النقد إلى اثنين في المئة من 8.5 في المئة.

وفي مؤشر على حجم الطلب على السيولة قال بنك انجلترا المركزي إنه تلقى طلبات في عملياته في السوق المفتوحة للحصول على 202 مليار جنيه استرليني (365 مليار دولار) على رغم أن المبلغ المعروض كان 66 مليار جنيه استرليني فقط.

وانتهز بنك لويدز تي.اس.بي البريطاني فرصة اضطراب الأسواق لتحقيق طموحه القديم بالاستحواذ على بنك اتش.بي.أو.اس أكبر البنوك البريطانية للرهون العقارية في صفقة بالأسهم قيمتها 22 مليار دولار.

... والمصارف المركزية تواصل ضخ السيولة

واصل البنك المركزي الياباني أمس (الجمعة) ضخ السيولة النقدية إلى الأسواق لليوم الرابع على التوالي في محاولة لتخفيف حدة تداعيات الأزمة المالية الأميركية.

وقرر البنك ضخ 3 تريليونات ين (28.6 مليار دولار) إلى الأسواق أمس بعد يوم واحد من ضخ 2.5 تريليون ين (23.9 مليار دولار) إلى الأسواق.

وكان البنك قد ضخ يومي الثلثاء والأربعاء الماضيين 5.5 تريليونات ين للحفاظ على استقرارها وتفادي حدوث أي أزمة سيولة خطيرة فيها.

وبلغ إجمالي السيولة النقدية التي ضخها البنك خلال الأيام الأربعة الأخيرة 11 تريليون ين في الوقت الذي حاول فيه مسئولو الحكومة اليابانية التقليل من حجم تأثير الأزمة المالية الأميركية التي أطاحت ببنك ليمان براذرز الاستثماري الذي أشهر إفلاسه الاثنين الماضي ومجموعة ميرل لينش المصرفية التي اشتراها بنك أوف أميركا كورب.

وكان البنك المركزي الياباني قد اتفق يوم الخميس مع خمسة بنوك مركزية كبرى أخرى في العالم بينها مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) والبنك المركزي الأوروبي على التحرك المشترك لتخفيف حدة

الاضطرابات المالية الحالية في العالم.

من جانب آخر قدم البنك المركزي البريطاني أمس قروضا إضافية بقيمة 40 مليار دولار (28 مليار يورو) لمؤسسات مالية تجد صعوبة في الحصول على أموال وسط أزمة الائتمان التي يشهدها العالم.

وقال بنك إنجلترا الذي أعلن الخميس عن نيته تقديم تلك الأموال، أن على المقترضين تسديد المبالغ بحلول الاثنين.

والجمعة قدم البنك المركزي الأوروبي 40 مليار دولار على شكل قروض قصيرة الأمد. وضخت بنوك مركزية في عدد من دول العالم هذا الأسبوع مئات مليارات الدولارات في أسواق المال التي عانت من انهيار بنك ليمان براذرز الاستثماري الأميركي.

العدد 2206 - الجمعة 19 سبتمبر 2008م الموافق 18 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً