منحت وزارة التربية والتعليم مخصصا ماليا لـ 27 مبتعثا من العشرة الأوائل على البحرين قبل عامين إلى كلية كالدونيا الهندسية بسلطنة عمان، لا يتجاوز الـ 85 دينارا، غير شاملة السكن.
ونقل أولياء أمور عدد من المبتعثين المذكورين معاناتهم لـ «الوسط» أمس (الأربعاء)، مطالبين بمساواتهم بقرنائهم من المتفوقين الذين يمنحون 700 دولار في جامعات بدول لها المستوى الاقتصادي نفسه، وذلك لتأكيد ما تنادي به الوزارة من تساوي الفرص ودعم المتفوقين وتفعيل مساعي رئيس الوزراء لرعاية العلم أو لتلمس معاناتهم في أقل تقدير.
ولفتوا إلى أن من بين المتفوقين المتفوق الثاني والثالث والسابع على مملكة البحرين في المسار الصناعي، وأن الوزارة انتهجت خلال العامين الماضيين نهجا في تكريم المتفوقين ومنح المتفوق الأول والثاني والثالث في كل مسار حق اختيار الجامعة والتخصص الذي يرغب فيه وضمن منح كل من تصل نسبته 90 في المئة فما فوق على بعثة أو منحة دراسية أو مالية، في الوقت الذي تغض الطرف عن متفوقيها في مسقط الذين يعانون ظروفا صعبة في ظل مخصص مالي لا يتجاوز الـ 145 دينارا شاملة السكن لا يتبقى منها سوى 85 دينارا كمصروف شهري ولا ينزل لهم إلا بعد 14 يوما، وعلى رغم ذلك مازالوا متفوقين ومحققين أعلى الدرجات على حد قول أولياء أمورهم.
وأسفوا مما وصفوه بتجاهل الوزير ماجد النعيمي لرسالتهم المرفوعة له في الثامن عشر من شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي وعدم تلقيهم أي رد شافٍ يرفع المعاناة عن أبنائهم في الغربة.
وقالوا بنبرة يائسة: «هل يقبل أي مسئول أن يعيش ابنه في مثل هذه الظروف في بلد غريب؟ وهل يتقاضى سائق أو طباخ منزله أقل من 85 دينارا في الشهر؟»
وعادت بهم الذاكرة إلى بداية المشكلة بعد أن طرحت الوزارة بعثات في خطتها قبل عامين للجامعة الألمانية في الأردن وابتعثت أبناءهم بما أنهم من العشرة الأوائل على مملكة البحرين ليصدموا بأن مخرجات الجامعة لا تتواءم مع مخرجات المسار الصناعي، ما يناقض تصريحات «التربية» بأنهم رفضوا مواصلة الدراسة فيها بحجة عجزهم عن التعلم باللغة الألمانية كما يناقض تصريحاتها بمساعيها لوضع خطة البعثات وفق مخرجات سوق العمل وبالتعاطي مع مخرجات كل مساق في الثانوية العامة.
وتابعوا أن «الوزارة رغم تجربتها الأولى في هذه الجامعة عمدت في العام الذي يليه إلى تكرار الغلطة وابتعاث 7 متفوقين للجامعة نفسها على رغم علمها بالوضع، وخالفت القانون بإجبارها على مواصلة الطلبة لدراستهم على رغم رسوبهم وهو الأمر الذي ينقض بنود العقد المبرم بين المتفوق والوزارة» على حد قولهم. مبينين أن «تخبط الوزارة أسهم في ضياع فصل دراسي على أبنائهم، كما عمدت إلى إجبارهم على قبول عقد البعثة الجديدة لكلية كالدونيا في مسقط والموافقة على بنوده على مضض وسط وعود بتعديل وضعهم فيما بعد تداركا لضياع فصل دراسي آخر» على أبنائهم.
وواصلوا أن «مجلس الوزراء أقر العام 2007 زيادة المخصص للطلبة المبتعثين بموازنة تصل إلى 1.30 مليون دينار»، مستدركين بأن تخصصات أبنائهم لم تزد أكثر من 15 دينارا. وفي سياق ذي صلة، سأل أولياء أمور المبتعثين عن المعايير التي بناء عليها تحدد الوزارة مقدار المخصصات المالية للطلبة المبتعثين، مستشهدين بمنح مبتعثي ماليزيا 400 دينار في الشهر في الوقت الذي لا يتجاوز مقدار مخصصات مبتعثي دول الخليج الـ 150 دينارا على رغم اختلاف المستويات الاقتصادية.
ولم تقف جهود أولياء الأمور لرفع معاناة أبنائهم عند هذا الحد، إذ نقلوا عن الملحقية الثقافية في مسقط تحركها الجاد لرفع دراسة تشير إلى مدى حاجة الطلبة لزيادة مخصصاتهم، وبناء على ذلك طالب أولياء الأمور الوزارة بمعرفة مصير هذه الدراسة وإلى أين وصلت؟
مشاكل الطلبة لم تقف عند عقبة البعثة الأولى أو مخصص البعثة الثانية الضعيف بل امتدت، وفق ما ينقله أولياء أمورهم خلال زيارتهم لأبنائهم في مسقط، إلى سكنهم الذي يكتض بالطلبة ويفتقر لأبسط مقومات البيئة الدراسية، مستشهدين في ذلك بانحشار كل ثلاثة طلبة في غرفة وحمامين لكل 10 أشخاص، بلا طاولات وخدمة إنترنت ومعتمدين على باص يقلهم من وإلى الجامعة.
وذكروا أن الدول الشقيقة تعمد لتفعيل خدمات ملحقياتها وتدشين عيادة لطلبتها المغتربين وتعكف السفارة على متابعتهم في كل شاردة وواردة، في الوقت الذي يفتقر فيه طلبتنا في مسقط لتأمين صحي في أقل تقدير وتتعذر الوزارة في منحه لطلبتها لمراجعتهم للمراكز الصحية الحكومية.
ويجرنا الحديث عن التأمين الصحي إلى بعض المواقف التي يتعرض لها الطلبة كإصابة أحدهم بالزائدة الدودية واضطرار زملائه لنقله لأقرب مستشفى في منتصف الليل ودفع 445 دينارا نظير العملية. ورفع أولياء الأمور ندائهم للقيادة برفع الضرر عن أبنائهم مكافأة لتفوقهم في أقل تقدير.
أما الوزارة فقد أصرت على رأيها، إذ قال مدير إدارة البعثات والملحقيات عيسى الكوهجي إنّ المخصصات الدراسية الممنوحة للطلبة البحرينيين في كلية كالدونيا بسلطنة عمان تتواءم مع المخصصات الدراسية الشهرية الممنوحة لأقرانهم من الدارسين في الجامعات الأخرى بدول مجلس التعاون الخليجي، وهي تتناسب مع متطلبات المعيشة في مثل هذه الدول.
وأكد أنّ الوزارة تتابع باهتمام أوضاع الطلبة البحرينيين الدارسين في مختلف الجامعات في البحرين وخارجها، من منطلق حرصها على توفير البيئة المناسبة للدراسة وتذليل الصعوبات التي تعترضهم، وذلك من خلال الملحقيات الثقافية والمستشارين الثقافيين الذين يتابعون عن كثب أوضاع الطلبة ويقومون بزيارات مستمرة للجامعات التي يدرس بها الطلبة البحرينيون وأماكن سكنهم للوقوف على كلّ ما من شأنه تسهيل أمور دراستهم.
وأضاف أنّ الطلبة البحرينيين الدارسين في سلطنة عمان يحظون بكلّ رعاية واهتمام ومتابعة من قبل وزارة التربية والتعليم عن طريق ملحقيتها الثقافية بالسلطنة. إذ قامت وزارة التربية والتعليم العام 2007م بزيادة المخصصات الدراسية الممنوحة للطلبة البحرينيين الدارسين في كلية كالدونيا بسلطنة عمان من 130 دينارا شهريا إلى 145 دينارا شهريا شاملة مخصص السكن، وكانت الوزارة في السابق تصرف هذه المخصصات الدراسية على مدى تسعة أشهر، أما الآن فإنها تصرف هذا المخصص على مدى عشرة أشهر.
وأشار إلى أنّ الوزارة كانت تصرف 150 دينارا سنويا كبدل للكتب، وقامت بزيادة هذا المخصص ليصبح 170 دينارا سنويا، كما كانت تصرف 60 دينارا سنويا كبدل للملابس للطلبة المبتعثين إلى كلية كالدونيا بسلطنة عمان، أما الآن فإنها تصرف 100 دينار سنويا كبدل للملابس.
العدد 2505 - الأربعاء 15 يوليو 2009م الموافق 22 رجب 1430هـ