إن منطق حملة جورج بوش ضد محور الشر (خرج جزئيا) من يديه، فبعد شهور من العزف الثقيل على نغمة الحرب الموجهة ضد العراق، ادعت الإدارة الأميركية ان كوريا الشمالية اعترفت بأن لديها برنامجا للأسلحة النووية. وتقديم ذلك مبررا لاستخدام القوة العسكرية ضد صدام لمنع تطوير أسلحة الدمار الشامل، وبالذات الأسلحة النووية. وهنا نرى التناقضات في السياسة الأميركية.
ومنذ شهر يناير/ كانون الثاني الماضي على الأقل، والولايات المتحدة تعتقد ان لدى كوريا الشمالية - على خلاف العراق - ما يكفي من البلوتونيوم لصنع «قنبلة نووية واحدة على الأقل، أو قنبلتين».
وفي الوقت الذي يهدد فيه العراق بالحرب، وإبعاد صدام بالقوة، فإن الناطق باسم البيت الأبيض سين مكورماك قال عن كوريا الشمالية: «إننا نبحث عن حل سلمي لهذا الوضع».
والحقيقة ان السياسة الأميركية تجاه كوريا الشمالية حسّاسة على عكس سياستها تجاه العراق، ففي الحال الأولى، تعمل أميركا مع حلفائها في المنطقة لتوجيه ضغط اقتصادي وسياسي على حكومة بيونغ يانغ. وتستخدم اعترافها المزعوم بأنها نقضت معاهدة 1994 كذريعة لسحب العرض المقدم بالمساعدة.
وبالمثل نبّه انفجار بالي العالم، إلى أن التهديد الارهابي للغرب يأتي من الشبكة المنتشرة للمنظمات المتطرفة أكثر مما يأتي من الدول الحمراء التي كانت تستحوذ على ميثولوجيا السياسة الخارجية الأميركية.
وإذا كانت سياسة العصا والجزرة والتحالف يمكن ان تعمل على احتواء التهديد الكوري الشمالي، فلماذا لا يمكن تطبيق المنطق نفسه على العراق؟ فإذا طُبّق، ربما يشجع الدول العربية والإسلامية على المشاركة في أشد الأعمال صعوبة في الكفاح ضد الارهاب الآخر، الذي لا يرتبط بالدولة
العدد 44 - السبت 19 أكتوبر 2002م الموافق 12 شعبان 1423هـ