العدد 2508 - السبت 18 يوليو 2009م الموافق 25 رجب 1430هـ

عقاري يحذر المواطنين من شركات توظيف الأموال غير المرخصة

حذر مدير عقارات الديرة، يوسف عبدالحسن، من التعامل مع الأشخاص أو شركات توظيف الأموال غير المرخصة من قبل الجهات المختصة في المملكة، والتي تتخذ من الأنشطة العقارية وبعض الأنشطة الأخرى غطاء لعملياتها، ودعا إلى ضرورة الحرص وأخذ الحيطة عند التعامل مع مثل هذه الشركات، والتأكد من حصولها على التراخيص اللازمة لمزاولة هذا النوع من النشاط الاستثماري تجنبا للوقوع في عمليات نصب أو احتيال. وقال: «أصبحت قضية شركات توظيف الأموال على درجة كبيرة من الأهمية لأنها دخلت بيوت معظم البحرينيين وتمس شريحة كبيرة من المواطنين الذين وضعوا مدخراتهم في سبيل تحقيق مصدر دخل إضافي، وكانت المشاريع العقارية هي الباب الأوسع لاصطيادهم ويرجع ذلك إلى قناعة راسخة لدى أفراد المجتمع البحريني بأن العقار يمرض ولا يموت».

وأضاف، أن «ظاهرة توظيف الأموال عالمية، وهي في الدول الغربية تعتمد على مؤسسات مصرح لها في الدولة وغالبا ما تكون مملوكة إلى أفراد وتعمل بنظام البنوك نفسه، ولكنها تكون تحت رقابة الدولة، والقرار فيها لملاكها بالكامل في نوعية وماهية ما يفعلونه بالأموال المجمعة. أما في العالم العربي فقد انتشرت ظاهرة توظيف الأموال من قبل مؤسسات مملوكة إلى أفراد، وغالبا ما تأخذ شكل التحايل على القوانين المالية للدولة، من خلال ثغرات في تلك القوانين، وأبلغ صور هذه الظاهرة وأشهرها على الإطلاق، النموذج المصري الذي ظهرت فيه شركات لتوظيف الأموال منحت المودعين أرباحا ضخمة أكثر بكثير من تلك التي تعطيها البنوك، واستكان الجميع لتلك المؤسسات وانخرط فيها الجميع ملقيا بكل كده وتعب عمره من مدخرات تحت وعود بدت واقعية بما كسبه البعض وتناقلوه من أرباح شهرية عالية ومن ثم كانت الكارثة التي سميت «السعد والريان».

وأستطرد قائلا: «في ديسمبر/ كانون الثاني 2002، جمدت السعودية حسابات 25 شركة ومؤسسة سعودية كانت تعمل في توظيف الأموال بطريقة غير نظامية في شرق البلاد، وذلك بعد شكاوى من المودعين بتخلف تلك الشركات عن تسديد التزاماتها تجاههم».

وتابع «تزامن بدء نشاط شركات توظيف الأموال للمرة الأولى في البلدان العربية مع الطفرة النفطية الأولى في منتصف السبعينيات عندما تضاعفت أسعار النفط وبالتالي الأجور والمدخرات الشخصية، ثم تكررت مرة أخرى في طفرة النفط الثانية في مطلع الثمانينيات، ولم يستفد - للأسف - صغار المستثمرين في ذلك الوقت، على رغم قصر الفترة الزمنية بين الجولتين. ولم تكن أزمة سوق المناخ الشهيرة في دولة الكويت بعيدة عن هذا النوع من الاحتيال، أما في مصر فقد شكلت الأزمة مأساة حقيقية لعشرات الآلاف من الأسر متوسطة الدخل والحالمة بالثراء السريع. الجولة الجديدة بدأت هذه المرة في الخليج؛ إذ تضاعفت العائدات النفطية وما تلاها من زيادة كبيرة في الأجور، وفي قطاع الأعمال، وارتفاع في حجم السيولة المحلية. الفترة الزمنية كانت طويلة نسبيا بين الجولة الثانية والجولة الحالية، فأكثر من عشرين عاما كانت كافية لنسيان أحداث الجولة الثانية في الثمانينيات، كما أن جيلا جديدا من مشغلي الأموال والمستثمرين الصغار على حد سواء شكلا طرفي معادلة هذه الأنشطة غير القانونية».

وأكد، أن أهم سبب في انتعاش شركات توظيف الأموال، هو ضعف دور البنوك في الاستجابة إلى رغبات قطاع كبير من المستثمرين، وعدم كفايتها وفعاليتها في توفير أدوات استثمارية تستجيب لرغبات المودعين، وهو ما فطن إليه الكثير من أصحاب شركات توظيف الأموال الذين لجأوا إلى استخدام كل وسائل الجذب لتوليد الثقة والاطمئنان في نفوس المستثمرين.

ورأى أن عدم وجود ضمانات يتم تقديمها إلى صغار المستثمرين من قبل شركات توظيف الأموال، يمثل مكمن الخطر عند التعامل مع هذه الشركات التي لا تمتلك الترخيص لها بالعمل وتتلقى إيداعات تقوم باستثمارها. إن عدم وجود ضمان لدى هذه الشركات لإعادة أموال المودعين يعني أن هذه الشركات ربما تلجأ في نهاية المطاف إلى أن تعلن إفلاسها تهربا من دفع حقوق المساهمين والمستثمرين.

وقال: «لعل أكثر الأمور خطورة فيما يتعلق بهذا النوع من الشركات الاستثمارية هو ميلها الواضح إلى تقديم نسب خيالية من الأرباح في غضون فترة زمنية قصيرة جدا، ومثل هذه الممارسة تمثل الفخ الذي يجذب المستثمرين إلى هذه الشركات، فالإغراء بالأرباح العالية جدا كان ولا يزال ديدن هذه الشركات أينما وجدت. المعدلات الخيالية لأرباح هذه الشركات غير واقعية أبدا وما يحدث هو توزيع الأرباح على المستثمرين القدماء من مال المستثمرين الجدد، وبالتالي فإن وقود هذه الشركات يتمثل في الضخ المستمر للأموال، وفي حال توقف هذا الضخ لأي سبب من الأسباب تكون الكارثة».

وأضاف «إذا ما تناولنا هذه القضية بصورة موضوعية، فإن المسئولية تقع وبصورة أساسية على المستثمرين أنفسهم؛ إذ لا يمكن تكرار هذه الحالات بصورة دورية دون أن يتوافر لديهم الحد الأدنى من الوعي الاستثماري، وخصوصا أنه خلال العشرين عاما الماضية توافرت في دول الخليج قنوات استثمارية شرعية عديدة، بما فيها قيام أسواق المال المحلية والمحافظ الاستثمارية والسندات والصكوك وغيرها الكثير من القنوات التي لم تكن متاحة في الماضي».

وأكد أن، «البحث عن آلية لعلاج هذه المشكلة لا يكون ببتر تجربة شركات توظيف الأموال، فهذه الشركات ليست بدعا، وهي منتشرة في ربوع العالم كشركات تمويل في بريطانيا وألمانيا والدنمارك ولكسمبورغ والنمسا وسويسرا وجنوب إفريقيا وهولندا وأميركا وغيرها، ومن هنا فالأولى أن تسن القوانين والتشريعات التي تفتح المجال لإنشاء واحتضان تلك الشركات في مملكة البحرين مع وضع الضوابط اللازمة لحفظ حقوق المودعين من خلال الإفصاح الوجوبي ورقابة محاسبين قانونيين، فضلا عن رقابة المودعين ومصرف البحرين المركزي على هذه الشركات، وبذلك يمكن وضع تلك التجربة في إطارها الصحيح لتمارس نشاطها في العلن بدلا من أن تمارسه في صورة مستترة ويكون الضحية دائما هم المودعين»

العدد 2508 - السبت 18 يوليو 2009م الموافق 25 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً