سأبدأ الموضوع الحصري... بحديث منسوب لأهل البيت عليهم السلام وهو «علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل».
لأدخل معكم في حوار أنيس بيني وبين أحد المضمرين الذين يرفعون اسم جدحفص والبحرين عاليا وعالميا في دولة قطر الشقيقة بعد أن رفعها في البحرين سابقا... كيف لا وهو مَنْ تجاوز تصريحات المنافسين وأسهم المرشحين الأوائل في مضمار قطر وقفزهم كما يقفز الحصان في سباق الحواجز واعتلى المنصات والسلام على سمو الأمير ومثله من الشخصيات القطرية بكلّ جدارة عندما حقق الكثير من الإنجازات مع اسطبلات رجل الأعمال البحريني حسين بوكنان وأغلاها على حد قوله بطولة الكأس الدولية وكأس أمير قطر أمام مضمرين أجانب أوروبيين وعالميين آخرين بتواضع وتمسك بتوفيق الله مع العمل الجاد والتكتيك الموجود في سباقات الخيل كما هو موجود في لعبة كرة القدم... وقبل سرد المزيد من نجاحاته وهو مغرد خارج السرب سأعرّفكم أولا بمَنْ هو زهير محسن؟!
ولد زهير ابن المرحوم محسن زهير في العام 1971 وعاش بحال ميسور ببيت يعرف خلف مأتم عبدالحسن بن جعفر ونمى بين ذكريات الطفولة والشباب في جدحفص مع أبناء سيد شبر كسيدعلي وسيد أحمد الذي كان معه في كرسي دراسي وفيه مواقف لا تنسى، والصديق مرزوق عبدالله مع أيام الحديقة المائية والتجمّعات الاجتماعيه الجميلة وأيضا ذكريات مطعم الفردان في مكانه السابق بجوار مأتم الكامل، ومعه زهير الجمل وأصدقاء أعزاء آخرين على نفسه اعتز بهم كثيرا ولم تكن ذكرياته مقتصرة على جدحفص فحسب وشبابها بل كان مرتبطا ببعض المشايخ الذين يشكّلون ثقلا في البحرين مثل: الشيخ أحمد العصفور، و المرحوم الشيخ أحمد مال الله.
له انجذاب وتجارب شعرية ومشاركات فيها مع رواديد حسينيين كإبداء وجهات نظر وتعديل على القصائد وإلقاء نظر قبل البدء في طرحها، هذا كلّه أتى مع ارتباطه الشديد بمأتم الحاج بن خميس بالسنابس الذي احتضنه هناك منذ الصغر كعاشق للحسين (ع) مكون ارتباطات وثيقة مع الرواديد عبدالشهيد الثور الذي يمثل أعز الأصدقاء وحسين أحمد وإبراهيم الموت وسجّلت له عضوية منذ زمن بعيد ومازالت له ذكرى من القائمين على المأتم وله زيارات متجددة كلما حلّ لوطنه الذي يحنّ له أرض البحرين... دراسيا لم يواصل مشوار القلم والدفتر فوقف عند شهادة التوجيهي ومن قبل ذلك ارتبط فكره ونظره على الخيل وهامَ حبّا بها حتى النخاع خارجا عن نص عائلة زهير التي عرفت بميولها للجانب الدراسي أكثر وإكمال الدراسة فمنها خرج الطبيبان حميد زهير وأخته الصغرى أم عبدالله و أخوه المثابر أمير زهير وأيضا المدرسون مثل عقيل والأخوين محمد وجبّار جمعة والحديث فاضل عباس أو التجاريين كوالده المرحوم محسن وابن العائله الشاب التجاري الجديد يوسف. ومن هنا تبدأ فقرة جديدة من حياة الشاب الطموح.
ارتباطه وحبّه وعشقه للخيول لم يقف عند الحب والهيام فقط بل بدأ تدريجيا يندمج مع نشاطات المدربين والاسطبلات والسباقات بعد أن كان يجيد ركوب الخيل طبعا بمهارته حتى تدرج من مساعد مدرّب أومضمر كما يسمّى مع المضمر غازي الحليبي (1990) له دور كبير ومع مدربين لهم ثقلهم سابقا مع اسطبل المرحوم نبيل الزيرة وشهد له ذلك التاريخ تحقيق إنجازات بحرينية ومعها اعتبر حالة استثنائية وأعطي رخصة التدريب عندما كان أقل سنا من الحد المسموح به لسن التدريب وكل ذلك حدث بطموحه وإرادته وطبعا بتوفيق الباري الذي وصل معه لكي يكون أحد مضمري البحرين الشباب (1993) أي قبل وصوله للسن القانوني (25) وهو يبلغ من العمر (22).. ومن خلال تدريبه في البحرين وتميزه كثيرا شارك في سباقات كثيرة بجياد لها بطولات بحرينية يملكونها أسماء رنانة في البحرين منها للراحل نبيل الزيرة وفاضل العصفور أصبح مضمر مميز مع التشجيع الدائم من أخيه عبّاس وبعض القريبين منه وطبعا بعض الانتقادات الموجّه إليه بتخصصه هذا حدث تغيير جدري في حياته بعد أن عقد قرآنه على إحدى المؤمنات بأشهر قليلة ومع برزو نجاحاته وصله عرض للعمل في دولة قطر الشقيقة في البدايه تردد كثيرا في الذهاب إلى هناك ومع حياته الجديدة حتى أمعن في التفكير الصحيح مليا مع الحياة الطموحة ورد بإيجابية الذهاب للعمل بقطر ومعرفة أمور وتحديات جديدة بعد أن ترك ذكرى طيبة في مضمار الفروسية في البحرين من خلال إنجازاته المتعدده الذي بدأها بذهب «شركة زاس المصرية للطيران» مع الفرس «سفيرة» وختمها العام 1998 بالمركز الأوّل للسباق مع الفرس «بيرديزي» والتي كان آخر سباق يشهده مضمار البحرين «نادي الفروسية» للمضمر زهير محسن.
كان يحلم بالذهب فبعد مشاركيتن حصد فيها البرونز ومشاركة الفضية ومثلها الرابع.. أتت رحلة المضمر زهير محسن لدولة قطر ليست كالبطيئة كجسر المحبّة بين البحرين وقطر الذي ينتظره الكثير من محبّي الوطن، بل كانت تقطع الثمار بين الحين والآخر عندما كان له دور كبير وبارز في اسطبل رجل الأعمال البحريني هناك حسين بوكنان عندما جعل من هذا الاسطبل زاخرا بالذهب والبطولات المتنوعة بعد أن كانت أرفف الأسطبل نادرة الذهب والإنجازات... وأيضا إضافة لذلك شكّل مع الاسطبل من جياد مهمّشة إلى جياد تلعب دورا مهما في السباقات القطرية و العالمية فيها ومع ذلك جعل اسمه الشخصي على باب كلّ صحافه مع الاسطبل و رجل الأعمال الذي استقطبه مشكلين معا عملا جماعيا ناجحا من خلال التكاتف و الجد و العمل الدؤوب المجتهد تكلل بالكثير من النجاحات سأوردها لكم الآن:
مَنْ يستطيع أن يجمع ما يقارب 200 ألف ريال قطري في أقل من عام؟... هذا فعلا ما عمله المضمر زهير محسن مع الخيل المدعو «شهاب».. شهاب ربّاه منذ الصغر المضمر زهير وقام بتجهيزه وتدريبه مليّا حتى أصبح بمقدرته المنافسة ومنافسة من؟!.. منافسة خيل له صيته في قطر الشقيقه واسمه «جلمود»، إذ إنّ هذا الخيل لم يقهر لسباقات كثيرة ولكنه قهر عن طريق «شهاب» وبه قدم سباقا مثيرا للجميع شهد عليه الكثير من الجمهور الذين عاينوا أخيرا هزيمة الخيل الذي لا يهزم سابقا وشكّل هذا السباق تميزا للمضمر زهير واسما جديدا في السباقات القطرية لشهاب الذي حصد أكثر من 200 ألف ريال قطري في أقل من عام؛ أيّ ما يقارب 20 ألف دينار بحريني.
وغير ذلك كانت من مسيرة زهير محسن مع البطولات متعددة كالفوز بسباق الداربي القطري مع الخيل «فورست» بجائزة مبلغها نصف مليون ريال قطري، علما بأنّ هذا السباق كان يشارك فيه أبطال ذوي صيت في أوروبا وسمعة وهذا كله لم يقف أمام طموح ابن محسن الذي حقق الأصعب من ذلك بفوزه الكبير والمثير بأغلى الكؤوس القطريه «كأس أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني» عندما شارك بالمهر «كيسمت» بامتطاء الجوكي الفرنسي «جيرالد» الذي استطاع أن يسجل اسمه به ضمن السجل الذهبي للكأس الغالي عندما استلم الكأس المطلي بالذهب من يد سمو الأمير بعد أنْ حقق المهر «كيسمت» المركز الأول فيه بعد مناسفه من مرشحين بارزين للقب خطفه منهم بكل جداره بفارق طولين عن صاحب المركز الثاني «بشير» بعد أن مسك زمام الصدارة في السباق بشقه طريق الذهب بكل صمود وتحدٍ أمام بقية المنافسين ومع تكتيك عالٍ من المضمر زهير تمثل بإشراكه الفرس «نايسفل» ليشاغب فرس آخر يتبع لاسطبل الشيخ عبدالله آل خليفة وهو الذي كان يتقدم السباق منذ البداية ليأتي دور «كيسمت» في إكمال التكتيك ويأتي من الخلف كالريح ليرفع المضمر زهير أغلى لقب في مسيرته التدريبية وهو الذي ينتظره القطريين كثيرا من أجل السلام على سمو الأمير.
يذكر أنّ جائزة هذا السباق مليون ريال قطري أضيفت لإنجازات ابن محسن في الموسم الماضي الذي شهد أيضا فوز كيسمت بالسباق الدولي وكان مفاجأته قبل الفوز بكأس سمو الأمير فكان بعيد الترشيح الوحيد في السباق ولكنه أتى من البعيد وكأنه يطوف سور الصين العظيم وخرج من حبّه للمسافات القصيرة وسجّل اسمه بلوحة الشرف بصاحب المركز الأول فيه ونيله نص مليون ريال قطري بفرحة كبيرة للمضمر محسن وإشادة مبهرة من وسائل الإعلام القطرية عن قناة «الكأس» والفضائية القطرية و المضمرين الأجانب الأوروبيين والمحلين في قطر. يذكر أنّ السباق الدولي يشارك فيه نخبة الخيول من دول العالم الأوروبي والخليجي كدبي والبحرين وطبعا قطر.
«كيسمت»... أثار الكثير وأبغض المنافسين حتى استقطب أحد الاسطبلات خيل من بريطانيا اسمه «كاربلو» خصيصا لهزيمة «كيسمت» وهو ما توجه به وسائل الإعلام للمضمر زهير وما هي ردة فعله مع سباق الخور فقال لهم: «إذا فاز (كاربلو) لا توجد مشكلة وسأبارك لمنافسي ولكن انتظروا السباق وإرادتي قوية مع الله تعالى»... فبدأ السباق وانتهى بفوز عابر سور الصين العظيم الخيل «كيسمت» وباءت محاولة منافسيه بالفشل الذريع.
إنجازات كيسمت لم تقف عند ذلك فقط بل كان أحد الخيول التي تحمل نتائج طيبة في سباقات البحرين ويفوز على خيول مميزة في سباقات البحرين أمثال «غولياس» و»لوج» حتى حصد أول لقب في مشواره في سباقات قطر مع المضمر زهير بعد أن طار بسباق كأس برزان وجائزة مقدراها 150 ألف تلاه بفوز آخر كان مقدار المسافة فيه 1400 متر ليأتي كأس ولي العهد بمسافة 2200 متر كسباق أول يضع «كيسمت» في اختبار حقيقي مع الفارس البريطاني المشهور ستانلي تشين كان قبل الكأس الدولي وسمو الأمير اكتفى فيه بالمركز الثالث خلف «مداراك وبشير»> قبل أنْ يفجّر طاقته وغضبه بالفوز بذهب سمو الأمير والدولي.
هامور سمكه لذيذة عند شعب البحرين يطلبها الخليجين بكثرة عند زيارتهم للبحرين وسعرها غال.. فكان هذا الاسم «هامور» لحصان عربي ضمن طلبة المضمر زهير ولكنه من الطلبة الكسولين الذي لا يصلح لأيّ سباق كان فشكل له تحديا من نوع آخر... إذ قام بتكريس نفسه لـ «هامور» وكأنه مدرّس يقدّم دروسا خصوصية وأعلن تحديه وأشرف عليه لفترة زمنية حتى حان موعد المغامرة به وأشركه في سباق لأوّل مرة وفيه منافس شرس يدعى الخيل «ليث» للشيخ عبدالله آل خليفة ولكن الخيل «هامور» على حد المعلق في ذلك السباق قال «هاامور» طلع من الفشت وهزم كلّ التوقعات للخيل «ليث» وحقق هامور بطولة جديدة ووقع على نجاح تحد تجديد.
مغامرات وتحديات المضمر زهير لم تقف... فبعد شهاب ومغامرته بكيسمت يأتي الدور على سانكس وهو خيل جديد الاكتشاف يعرف بتحركه الخلفي المباغت للأمام لكي يحصد الذهب في اللحظات الأخيرى وفعلا هذا ما فعله واتبعه المضمر زهير في فترة من السباقات ونجح مفعوله بشكل مميز جعل من اسهم المضمر ترتفع مع أوّل خيل ياباني يغامر به وهو ما لم يفعله أي اسطبل قطري آخر.
سباق آخر يدخل ضمن سجلات المضمر زهير الذهبية وهي هذه المرة مع الفارسات، إذ عمل لمرتين في سباق للإناث مؤهل لمشاركة دولية وتشارك فيه الكثير من الفارسات وفيه المضمر زهير تمكن من الفوز بهذين السباقين وليسجلا حصريا باسمه على الذهب.
غدير.. هي الخيل القادمة للساحة القطرية على يد المضمر زهير محسن الذي دأب على تربيتها منذ الصغر وتجهيزها للموسم الجديد الذي سينطلق قريبا في قطر هذا العام 2008/2009
ابن محسن مع إنجازاته لم تقف شهرته في حدود المضمرين والفارسين بل أيضا كانت له ذكريات وصور تذكارية مع فنانين كويتيين وأيضا الفنان عاصي الحلاّني واكتشف أنه يملك اسطبلا أيضا وله اهتمامه بالخيول. كما كانت له علاقة قويه بالشيخ أحمد مال الله وعند زيارته لقطر يكون بضيافته دوما ولم ينس علاقته الحميمة مع الرادود أبوغايب وعشقه بالشعر وميوله لحفظ القصائد والثقافة العامة التي ازدادت طبعا مع غربته ولو أنّها في دولة شقيقة أهلها طيّبون شعر معهم أنه في بيته الثاني بكلّ ودّ وترحيب وهو مستأنس في عمله هناك بجوار أشقاء يكنّون له الاحترام ويُبادلهم هذا الشعور بكلّ طيبة قلب.
زهير محسن يعشق الوائلي يرحمه الله والحسين (ع) إلى حد النخاع ملهم بقصائد الرواديد محبّ للخير والمساعدات الخيرية والتجمعات الشباب الذي يحنّ إليها كثيرا مع أصدقائه وزملائه في الطفولة.
في قطر يتدرّب على يده من الصغير والكبير سواء عن طريق الدروس العملية أو النظرية وأيضا عُرف بقدرته على معالجة الخيول المصابة بنفسه... فهو يعرف الكثير من خفايا أمراض الجياد وإصاباتها وخير تجربة على ذلك ومثال الخيل شهاب وما فعله بعد معالجته بنفسه من صولات وجولات.
ومع ذلك... شخصية جدحفصية جديدة تعرفنا عليها كانت مخبأة... مجهولة الملامح إلاّ عند البعض القليل معروفة المهارة وحسن الصنعة... ومن ذلك المنطلق نتمنى لزهير محسن دوام التوفيق في رحلته بدولة قطر الشقيقة ومواصلة الإنجازات والسمعة الحسنة التي شكّلها له من خلال بطولاته... مع انتظار أخبار التميّز في الموسم الجديد الذي سينطلق قريبا على مضمار الدوحة
العدد 2222 - الأحد 05 أكتوبر 2008م الموافق 04 شوال 1429هـ