العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ

سيبوح الفنانون السعوديون عن صمتهم المزعج في مسرحيتهم

ضمن العروض المسرحية التي تتوج مهرجان مسرح الرِّيف الخامس 2008م مسرحية «الصمت المزعج»، التي هي من إعداد و إخراج الفنان السعودي ماهر حسن الغانم وتمثيل نخبة من الشباب السعودي العاشق للأعمال الفنية في المنطقة الشرقية.

وتعدُّ هذه المسرحية أوّل مسرحية من خارج حدود البحرين يستضيفها مسرح الريف في مهرجان الريف منذ إشهاره في 18 يونيو/ 2008. المسرحية بما تحمل من فكر رمزي وعبثي كما قال عنها المحللون النقديون، إلا أنّ المخرج ماهر الغانم أفصح عن صمته المزعج في فضاء قاعة المسرح بجمعية الثقافة والفنون بالدمام مساء الثلثاء الموافق 8 يناير/ 2008 عندما تحلَّق حولها الجمهور يوم افتتاح مسابقة الدمام للعروض القصيرة في دورتها السادسة. نذكر أنّ هذه المسرحية آثارت الجمهور واستفزتهم بمحاكاتها لرسالة إنسانية توجهها.

نذكر أنّ الفنان البحريني عبدالله سويد الذي كان موجودا علّق عن مشاهدته أنّ المسرحية قدّمت الرمزية بشكل جميل ولكن فكرة العمل وصلت قبل نهايتها وأنّ المخرج عطل الجسد، أمّا الفنان سيلمان البوظي قد استفزه العرض؛ لأنه خلق نوعا من التشتت الذهني ورأى أنّ المخرج لم يوظف الرمزية في استخدام الألوان ولا أجزاء من الديكور، كما انتقد البوظي أداء الممثلين الذي غلب عليه العبثية. و لكن يبقى العرض الرمزي له جماليته وشكله الخاص وإيقاعه الخاص وقراءاته المتعددة، ويختلف حوله المثقفون كلّ بحسب قراءاته.

نحن لسنا بصدد القراءات النقدية عن هذه المسرحية، فلنتركها غذاء شهيا لمثقفي البحرين عندما تعرض في الصالة الثقافية ضمن فعاليات مهرجان الريف المسرحي الخامس الذي سينطلق ابتداء من 22 أكتوبرالجاري.

ولكننا سنسلط الضوء على مسرحية الصمت المزعج نفسها و سنتحاور مع المعدِّ والمخرج الفنان ماهر الغانم و الممثلين لعلنا نمسك بمفاتيح نستلهم منها ثقافة العرض الذي استفز المشاهدين .

المخرج الفنان ماهر الغانم .. ما الرسالة التي تقديمها للناس في صمتك المزعج ؟

- إنّ العرض يُحاكي الإنسان الذي يقدم التَّضحيات في سبيل رقي المجتمع وإصلاح نهجها لتساير الأمم في النهضة وعادة ما يلاقي التغيير المصاعب والاتهامات لذا فمن خلال الصَّمت المزعج تتضح الرسالة... وهي أنّ أيّ مقاومة شريفة وشرعية لن تسقط أبدا مهما تكن الظروف صعبة ضدها فلابدّ أن ينبلج صبح الحقيقة وتقوى شرعية الحق.

العمل المسرحي التجريبي والتعبيري ممتع جماليا و فنيا ويتأطر بفلسفة الحوار دائما والتنظير وعادة ما يعرض للنخبة. فما السر في بُعد هذه الأعمال التجريبة عن الكوميديا؟

- غالبا أنّ المخرج يغرق في الجماليات ويذوب في فنياته على حساب التوصيل الجيد فيغلب عليه كما ذكرت الصورة الفلسفية، ولكن في أعمالي عادة ما أقدم مذاقا جديدا يعتمد على الكلمة في قوتها ودلالاتها بطعم الكوميديا السوداء الراقية، فالطبق الذي أرغب في تقديمه عادة «المضحك المبكي» ولكن في هذا العرض لم أستطع الولوج في الكوميديا بسبب حساسية العرض وإيقاع العمل السريع والجدي، فكلّ عمل له خصوصية ومذاق، لذا أرجو أنْ نوفق في إرضاء ذوق الجمهور البحريني ولو جزءا بسيطا؛ لأنني أعلم أنه مثقف ومتذوق لهذا النوع من الأعمال.

لك مشاركات في بلدك نذكر منها. مهرجان العروج ومسابقة العروض المسرحية القصيرة في جمعية الثقافة والفنون، و لكن هل لك مشاركات في مهرجانات دولية. وماذا لاقت مسرحياتك عند أوساط المثقفين السعوديين وغيرهم؟

-مشاركاتنا بالمسرحية لم تكن مقصورة على المؤسسات الثقافية في المنطقة الشرقية والدمام بل كانت ضمن الأعمال الفنية المقدّمة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» بالرياض وهذا المهرجان له ثقل عربي وتتنوع فيه كل الثقافات والفنون وحكومتنا توليه الاهتمام والراعية، وعادة ما يفتتحه خادم الحرمين الشريفين لما لهذا المهرجان من أهمية. علما بأن مسرحيتنا اختارتها جمعية الثقافة والفنون بالدمام لتمثيل المنطقة الشرقية. وقد حصدت جائزة افضل ممثل مناصفة في احدى المشاركات من بين العشرات من الممثلين. المسرحية لها بريق فني مميّز وقد عرضت خارج حدود بلدي أيضا كان آخرها جمهورية مصر العربية إذ مثلت المملكة العربية السعودية في مهرجان الأيام السعودية الثقافية الذي افتتحه وزيرا الثقافة السعودي والمصري بحضور عدد من السفراء، كما تنقل العرض في اكبر أربع مدن منها القاهرة والاسكندرية ونال إعجاب الجمهور والأساتذة المختصين بالمسرح.

وفي هذه التغطية كانت لنا وقفة مع الممثل الفنان سعيد يوسف الهليل... المتخرج من جامعة الملك فيصل بالدمام تخصص طب وجراحة الذي يؤدّي الشخصية المركبة في هذه المسرحية.

حدثنا عن طبيعة الشخصية التي تتقمصها في هذه المسرحية.

- أنا لا أقف عند حدود شخصية واحدة بكلّ حدودها النفسية و الانفعالية بل أنّ شخصيتي في هذا العمل مركبة؛ لأنها تمثل عدة شرائح داخل مجتمعنا وعالمنا، وتتضح من معالم شخصيتي التناقضات في المجتمع البشري بما يحمل من إيجابية وسلبية.

العمل في المسرح التعبيري (التجريبي) مضنٍ ومتعب. فما الصعوبات التي واجهتك أثناء التدريب وفرضت نفسك في تحدٍ من أجل الوصول إلى الشخصية المقنعه لنفسك وللجمهور؟

- الصعوبات تكمن في أنّ الممثل بأدواته يعتبر جزءا من مكونات المسرح التجريبي فيحتاج إلى تدريبات على الصوت والنفس والحركة والتناغم مع الاضاءة والموسيقى والمؤثرات والديكوروالتنقل بين الشخصيات واللياقة البدنية والإرادة ولأشياء ذات قيم وهدف وأيضا توصيل الفكره الى عقل وقلب المشاهد، لهذا ينتاب الممثل بعض القلق والخوف، لكن بتحضير الممثل الواعي لشخصيته يمكن أن يلم بكل تركيباتها.

أنت طبيب و جراح في مهنتك والمسرح هم وخبرات متراكمة، فمن الذي كان له الدور الأكبر في صقلك فنيا، ولا يمكنك تناسي فضله وخبرته في تطورك؟

- صحيح أنني أمتهن الطب و الجراحة و لكن الهواية أيضا ثقافة لها إشعاع في النفس ولا ضير أنْ أجمع بين المهنة والهواية... فالعمل الطبي يعني بإسعاد الناس والوقوف على صحتهم ويعتبر رسالة، كما أنّ تبصير الناس بهمومها وتوعيتهم أيضا رسالة.

أما عن تنمية موهبتي وصقلها فالفضل الكبير يرجع إلى المخرج الفنان والرائع ماهر الغانم؛ لأنه أوّل مَنْ علّمني كيف أقف على المسرح، وكيف أتفاعل مع الجمهور وعلّمني أنّ المسرح رساله فكلّ مايُقال أو يجسّده الممثل محسوب له وعليه أيضا... فهو معلّمي وله مني الشكر والتقدير.

في وقفة أخرى استضفنا ممثلا آخر وهو الفنان عبدالله المغاسلة الذي يشارك الفنانين السعوديين في صمتهم المزعج فسألناه:

كيف كانت بدايتك مع المسرح؟

- المسرح عشق إذا استطربه القلب أدمن به، وأنا أحببته منذ أن كنت في الصف الثاني الابتدائي بمدرسة الجش الابتدائية عندما تمَّ ترشيحي لتمثيل شخصية اليتيم من قبل معلمنا آنذاك... هذه التجربة الرائعة بداية العشق أتذكّر أيامها بكلّ تفاصيلها، ثم كانت بعد ذلك الانطلاقة والاستفادة من الأساتذة، وصل الأمر أنْ أكون متيما بهذا العشق وقلبي استطرب به فأدمن وعقلي سحر به فأحب تعبه و قسوته، وهذا هو سر تعلقي بهذا الصرح العظيم.

ما الذي أعجبك في نص المسرحية «الصمت المزعج»؟

- لابدّ لمن يعشق المسرح ويستهويه حتى يصل إلى قلب المشاهد أنْ يتبصر ما يطرحه النص من قضايا مهمة وما يتطرق إليه في المعالجة لهذه القضايا التي تهم الناس.

المسرح مرآة نقدية لما يحدث في المجتمع... والنص هو المضمون يجب أنْ نعوّل عليه في إيصال الرسالة المهمة. فأنا من خلال قراءتي لنص المسرحية وضعت يدي على ما يتميّز به من جرأة كبيرة تحمل شحنات نقدية تهم كل إنسان شريف.

في بلدكم جمعيات ثقافية ونواد أدبية تعنى الفن المسرحي والأدبي، فهل ترى أنّ الفنان السعودي يأخذ فرصته الطبيعية في الظهور من خلال هذه المؤسسات الفنية والأدبية؟

- في الحقيقة من وجهة نظري أن المؤسسات في المملكة لم تقم إلاّ على أكتاف الفنانين، ويجب أن تكون هذه المؤسسات الحاضنة... لكنها مع الأسف لم تقدم شيئا لنا شيئا أما بالنسبة إلى الفرص لا أرى أن هناك فرصا حقيقية بمعناها الطبيعي للفنان السعودي قد حصل عليها. ولكن نأمل كلّ الخير من جمعية المسرحيين السعوديين الجديدة.

العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:03 ص

      جميل

      اتمنى لفرقة مواهب وللفنانين كل التوفيق وصراحه عرض ممتع وكنت متوقعه شيء ثانية بس لما ييت وشفت العرض تفاجئة بنجوم راقية جداً وفن مدقن
      والاضاءة حلوه ولكن التوقيت كان يتاخر بعض الشيء في بداية العمل
      اتمنى للفنانين التوفيق خصوصا الطفل الصغير والي قام بدور المرأه
      ومشكورين

اقرأ ايضاً