حذرت وزارة الداخلية من تكرار حوادث الشغب التي شهدها شارع المعارض ليلة رأس السنة الميلادية أمس الأربعاء، مؤكدة في بيان رسمي أنها «لن تتهاون مع كل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه التجاوزات».
في الوقت ذاته كشفت وزارة الداخلية أن 125 سيارة تضررت من حوادث الشغب واحترقت سيارتان بالكامل، في حين ألقى رجال الشرطة القبض على 41 من المشاغبين الذين تجاوز عددهم الألف. وقال بيان الداخلية إن المشاغبين سيحالون إلى القضاء بعد استكمال التحقيقات معهم، وأكدت أنها مستمرة في ملاحقة بقية المتورطين سواء بالتنفيذ أو التحريض بغية القبض عليهم.
وفيما أصيب ثلاثة خليجيين جراء اعتداءات الغوغاء في حوادث الشغب بشارع المعارض، قالت وزارة الداخلية: «إن إصابات طفيفة تم تسجيلها جراء الشغب بين المواطنين ورجال الأمن العام».
ومن جانبها استنكرت الجمعيات السياسية والمؤسسات الشبابية الأهلية الحوادث، شاجبة السلوك الغوغائي الذي قام به بعض الشباب العابث، قائلين: إن هذه الأفعال المشينة لا تعبّر بأي حال عن قطاع الشباب البحريني.
إلى ذلك رصدت «الوسط» في تغطيتها لحوادث الشغب اعتداء فرد من أفراد الأمن على مصوّر في تلفزيون البحرين.
شارع المعارض - هشام عدوان
كان جنونا كاملا ذلك الانفلات الأمني للشغب الغوغاء «الهوليغنز» الذي فوجئ به رجال الأمن والمحتفلون برأس السنة الميلادية في شارع المعارض على وجه الخصوص. ولم تكد الساعة تقترب من منتصف ليلة امس الاربعاء حتى كان نحو ألف من المشاغبين «هوليغنز البحرين» قد تجمهروا على طول شارع المعارض - أشهر شوارع العاصمة المنامة - ليبدأوا في ممارسة جنون الشغب، وخلال نحو الساعة كانت أكثر من 125 سيارة تحمل أرقام دول مجلس التعاون قد تحطمت نوافذها واحترقت سيارتان بالكامل، وبدا شارع المعارض كأحد شوارع نيويورك إثر حوادث الشغب، اجهزة الهواتف العمومية اقتُلعت من مكانها، وترنحت عدادات مواقف السيارات على جانبي الشارع، في الوقت الذي تحطمت فيه واجهات نحو أربعة فنادق وخمسة مطاعم للوجبات السريعة، في حين تناثرت الاحجار من مختلف الاحجام في طول الشارع وعرضه، واستقرت صخرة ضخمة داخل صالة مطعم «كنتاكي» على بعد عشرات الامتار من مقر قيادة أمن منطقة المنامة الواقع في قلب شارع المعارض.
قوات الأمن التي تجمعت منذ عصر اليوم ترقبا لأية حوادث شغب لا تهدف إلا للتخريب من دون أي هدف فوجئت بأعداد المشاغبين الذين تراوحت اعمارهم بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين، والذين تجهزوا بالمفرقعات النارية واقتلعوا الاحجار لممارسة الشغب المجاني في قلب العاصمة التي استحقت عن جدارة المرتبة الاولى في التنمية البشرية على قائمة الدول العربية جميعها.
ماذا يريد أولئك المشاغبون؟ ذلك السؤال الذي ما انفك يراودني اذ انظر الى شارع المعارض وقد تحول الى ساحة معركة لا يبررها أي سبب. وكيف تحولت جزيرتنا الوادعة التي ما فتئت يوشوش فيها النخيل بحر الخليج الاخضر، والتي ما انفكت تتمتع تجاه ضيوفها وزوارها بذمة لا تُخفر، الى ساحة شغب منفلت العقال يتنادى الى ممارسته ألف بحريني ممن اصابتهم لوثة «البانكس» بشعورهم ذات القصات الغريبة وسلاسلهم ذات الاشكال الأغرب؟ ضابط التحقيق في قيادة أمن المنامة الرائد خليفة بن أحمد آل خليفة لم يتردد في ان يوضح وسط حوادث الشغب في تصريحات خاصة الى «الوسط» ان تحذيرات رجال الأمن ورجال مكافحة الشغب لم تثنِ المشاغبين عن ممارسة عبثهم وشغبهم العنيف ضد زوار البلاد وضد واجهات الفنادق والمطاعم وضد أمن المواطنين والمقيمين، وضد كل شيء جميل في البحرين. الرائد خليفة قال ان المشاغبين بدأوا في التجمهر منذ التاسعة مساء امس الاول، لتتزايد اعدادهم دقيقة بدقيقة وليبدأوا التحرش برجال الأمن واستفزازهم ليزداد جنون الشغب لديهم كلما اقتربت عقارب الساعة من الثانية عشرة، وما ان أعلنت الألعاب النارية في عواصم العالم دخول العام الجديد 2003، حتى اعلن المشاغبون المنفلتون في المنامة دخول العام الجديد بالمفرقعات النارية التي وجهوها الى سيارات زوار البلاد من دون ادنى رادع من اخلاق او عقل او دين، وبالاحجار التي وجهوها إلى الواجهات الزجاجية لمطاعم وفنادق شارع المعارض. رجال الأمن - بحسب الرائد خليفة وبحسب شهود عيان - اغلقوا شارع المعارض منذ التاسعة مساء لمنع حدوث أية اختناقات مرورية ولمنع تدفق وتجمهر المشاغبين بسياراتهم الى الشارع الأشهر في المنامة، لكن عصابات المشاغبين لم تعدم وسيلة في ركن سياراتهم على طول الواجهة البحرية للمنطقة الدبلوماسية على امتداد جامع الفاتح ولغاية المتحف الوطني ليتدفقوا جماعات جماعات على شارع المعارض من مداخله جميعها لممارسة جنون الشغب بالتكسير والتخريب والاعتداء على المحلات والفنادق والاعتداء على السيارات الخاصة، بل والبلوغ بالجنون والانفلات الى اقصى غاياته للاعتداء على زوار البلاد من السواح من الدول الخليجية الجارة.
«ثلاثة خليجيين استقبلتهم طوارئ السلمانية تعرضوا لاعتداءات المشاغبين». ذلك ما قاله لـ «الوسط» الطبيب المناوب في قسم طوارئ السلمانية سيد محسن شرف، الذي أوضح انها كانت اصابات بسيطة لكن واحدة منها استدعت خياطة جراحية في الرأس لأحد المصابين الذي اعتدى عليه المشاغبون من دون سبب.
سيد محسن شرف ارجع السبب - بحسب أقوال المصابين - الى خسارة المنتخب الوطني مباراته في كرة القدم قبل يومين امام إحدى الدول الخليجية الشقيقة، فيما استبعد الرائد خليفة بن أحمد هذا السبب على الاطلاق، قائلا ان التحقيقات المبدئية مع نحو 41 مشاغبا ألقى رجال الأمن القبض عليهم لم يتمكنوا من ابداء أي سبب لممارسة شغبهم.
في هذه الاثناء كان الشاب الخليجي الذي لم يتجاوز عقده الثاني يقود سيارته التي تحطم زجاجها الامامي والخلفي، وكان مذهولا امام موجة الشغب المجاني الذي حطمت زجاج سيارته، ليقول: «ركنت سيارتي الى جانب مطعم، وذهبت لتناول العشاء، لأفاجأ حين عودتي بتحطيم سيارتي». وتساءل والذهول لا يفارق سمات وجهه: «لماذا؟»، «ومن سيعوضني عن هذا التخريب الذي تضررت منه؟».
الرائد خليفة بن أحمد أوضح ان الشرطة سترفع للجهات العليا تقارير شاملة عن السيارات المتضررة التي ستتدارس كيفية تعويض المتضررين، غير ان الضرر الذي الحقه المشاغبون بسمعة البحرين كواحة أمان على مر الازمان يبدو انه لن يكون من السهل ترميمه في وقت قريب ما لم توقف عصابات المشاغبين العبث بأمن البلاد.
المنامة - وزارة الداخلية
صرح مصدر مسئول بوزارة الداخلية بأن حوادثا مؤسفة قد وقعت أثناء الاحتفالات برأس السنة الميلادية الجديدة خارجة عن نطاق السلوك العام ما اضطر رجال الأمن الى التدخل استتبابا للأمن والاستقرار وسير الأمور بشكل طبيعي حفاظا على الممتلكات العامة والخاصة في المملكة، وأضاف المصدر بأن هذه التجاوزات التي أقدم عليها البعض بعيدة عن أخلاق وصفات هذا المجتمع الآمن وأن الاحتفالات لا تعني الخروج عن الآداب العامة والسلوك السليم بما يشكل إضرارا لممتلكات الغير وأضاف المصدر ان المتسببين في هذه الحوادث والمتورطين فيها سيقدمون الى القضاء.
وأفاد شهود عيان في موقع الحادث ان المشاغبين استخدموا الاحجار والطوب وكل ما أتت عليه أيديهم في الاعتداء على ممتلكات المواطنين والوافدين ما أدى الى إحداث أضرار جسيمة بهذه الممتلكات، وأضافوا أن أعمال الشغب والتخريب شملت المواطنين والمقيمين والوافدين الذين أصيب الكثير منهم بإصابات بالغة ما استدعى رجال الأمن إلى التدخل للحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين والمقيمين والوافدين، وأفاد الشهود أن هؤلاء الخارجين على القانون لم يفرقوا بين أحد، وكان هدفهم فقط هو إلحاق الضرر والتخريب بأكبر قدر ممكن من الممتلكات، وأعرب عدد من الذين تضررت ممتلكاتهم عن استغرابهم لمثل هذه الأعمال الخارجة على القانون وعادات وقيم وأصالة أهل البحرين المعروفين بالطيبة وحسن الخلق والتسامح وإكرام الضيف مبدين أسفهم الشديد لمثل هذه الأعمال التي تلحق الضرر بهذا المجتمع وأهله وتسيء الى سمعة الشعب البحريني البعيد عن مثل هذه التصرفات غير المسئولة مطالبين الجهات المسئولة باتخاذ الإجراءات الرادعة لمثل هذه الأعمال. من جانب آخر أفاد مصدر مسئول بوزارة الداخلية أن عدد المشاركين في الحوادث المؤسفة والذين تم توقيفهم بلغ (41) شخصا ، فيما أحرقت سيارتان حرقا كاملا وتعرضت (95) سيارة خليجية وبحرينية الى الإتلاف والتخريب في شارع المعارض، الى جانب إتلاف (30) سيارة أخرى في مواقف بعض الفنادق بمنطقة المنامة.
وأوضح المصدر المسئول ان التخريب والاتلاف طالا كذلك واجهة مطعم جسميز ومطعم كنتاكي على شارع المعارض، كما تضررت واجهات سبعة فنادق في مناطق متفرقة من منطقة الحورة.
واختتم المصدر المسئول قوله: ان وزارة الداخلية حريصة على استتباب الأمن ومنع أية محاولات من شأنها زعزعة الاستقرار في المملكة، وانه سيتم التحقيق مع المتورطين في هذه الحوادث، وتقديمهم الى العدالة ضمن الاجراءات القانونية المتبعة للوقوف على الأسباب التي أدت الى وقوع هذه الحوادث المؤسفة.
المحرق - ملتقى الشباب
أعرب ملتقى الشباب عن استيائه البالغ من التصرفات الشبابية الطائشة التي حدثت بالأمس في شارع المعارض، ورافقت زخم الاحتفالات برأس السنة الميلادية الجديدة، إذ أكدت بالفعل عدم الاتعاظ من الحوادث المؤسفة، المصاحبة لاحتفالات العيد الوطني الاخير. وقال اعضاء الملتقى في بيان «إننا نعتبر مثل هذه التصرفات الشبابية المراهقة بعيدة عن الاخلاقيات الاسلامية والادب العام، فضلا عن اسهامها المباشر في تشويه الوجه المشرق للمملكة، بحيث تمكن ثلة من الشباب الغوغائي في التلاعب بصورة الشباب البحريني، ووسمها ومرادفتها بالتخريب والتكسير، وفي اعتبار الشباب جزءا منفلتا في سلوكياته العامة، على رغم التوجهات الملكية بأهمية إشراك الشباب في قضايا الشأن العام والعمل بروح وطنية للإسهام في دفع المسيرة الاصلاحية، التي يقودها جلالة الملك».
ولفت ملتقى الشباب النظر إلى الغياب الواضح لدور المؤسسة العامة للشباب والرياضة، التي لم تعِ أهمية اعداد البرامج والفعاليات الشبابية، المتزامنة مع مطلع العام الجديد، كي يتسنى للشباب من الجنسين الاستمتاع الايجابي بوقت فراغهم، بحيث لا يقضي الشباب الموتور وقت فراغه بممارسة هواية التخريب والتكسير، على رغم ادراك المؤسسة العامة للشباب والرياضة للثقل الشبابي في المناسبات الاحتفالية العامة، بيد أنها تتجاهل الاضطلاع بدورها المنشود في الاوقات الحرجة، وما حدث بالأمس مثال صارخ على ذلك، وكذلك بالنسبة للجهاز الإعلامي، الذي لم ينجح في استقطاب الشباب، للحيلولة من دون تنامي الحوادث المؤسفة في شارع المعارض، إذ لم يجد الشباب من الجنسين متنفسا لاستثمار وقت فراغهم للاحتفال بشكل عادي ومقبول اجتماعيا، ومما ساهم في عدم ارتداع «مخربي المعارض» أنهم لم يعاقبوا ابان الحوادث المؤسفة في 16 ديسمبر/ كانون الأول بشارعي المعارض والعدلية.
المنامة - منتدى الشباب
أعرب منتدى العمل الشبابي بجمعية العمل الديمقراطي عن أسفه وشجبه لتكرار حوادث الشغب الفوضوية في كل من شارع المعارض وشارع العدلية في ليلة رأس السنة الميلادية، إذ تكررت هذه الأعمال غير المسئولة والتي لا يمكن ان تصدر عن الشباب البحريني الواعي، أو تمثل المجتمع البحريني المسالم. وقال بيان صادر عن المنتدى ان هذه التصرفات الصبيانية غير الأخلاقية في التعامل مع مواطني هذا البلد والوافدين إليه من الإخوة الخليجيين والعرب والضيوف الأجانب، الذين كانوا في منطقة الحوادث والاعتداء على الأملاك العامة منها والخاصة تعتبر تخطيا لحدود الاحتفالات لتصل الى قمة الشغب والتخريب والتعدي على أملاك الشعب وحقوقه. وطالب البيان الجهات المختصة بالتحقيق في أسباب نشوب هذه الأعمال المتعمدة التي لا تعبر عن الشباب البحريني ولا تعبر عن طبيعة مجتمعنا العربي المسلم المحافظ على أساليب السلم والأمن في الاحتفالات بالأعياد والمناسبات الوطنية والعالمية مع مواطنيه وزواره من الدول العربية والأجنبية.
شارع المعارض - الوسط
في موازاة عصابات الهوليغنز وعبثها المجنون بأمن البلاد، كانت هناك حوادث اخرى تستحق ان تروى، حتى لا يختلط الحابل بالنابل ولا يؤخذ البريء بذنب المجرم. في أثناء كانت «الوسط» في قلب حدث شارع المعارض كان الزميل مصور تلفزيون البحرين عبدالرحمن الملا يرافقه فريق اعلامي من فنيي التلفزيون يسجل لعدسة كاميرته الحوادث المؤسفة وذلك بطلب رسمي من الجهات الرسمية، فوجئ الملا كما فوجئنا تماما بأحد أفراد الأمن يصرخ في وجهه «لا تصورني».
الملا الذي كان وقتها يصور دراجة هوائية كان قد حطمها الهوليغنز رفض ذلك الاتهام وردّ على الشرطي من دون ادنى غضب «لم اصورك». وأردف معرفا بهويته انه من تلفزيون البحرين وفي مهمة تصوير رسمية.
لكن رجل الشرطة أزبد وأرعد بل ورفع العصا مهددا زميلنا المصور التلفزيوني بل وشاتما إياه، من دون ادنى مبرر. موفد «الوسط» امام ما رآه اضطر للتدخل لمحاولة فض النزاع نظرا إلى معرفته الزميل عبدالرحمن الملا، وبالفعل انسحب الملا استجابة لطلبنا اليه، لكنه لم يتردد في اتخاذ الاجراءات الرسمية التي يكفلها له القانون في الشكوى. المفارقة في حادث اعتداء الشرطي على الزميل الملا انه لم يكن يعرف ان عدسة الملا سجلت بالصوت والصورة الحادث بكامل تفاصيله. وفيما يقوم الملا حاليا بمتابعة اجراءات قضيته ضد الشرطي الذي اعتدى عليه ورفع عصاه بقصد ضربه - وهذه الواقعة رأيناها عينا - نسجل كلمة حق للتعاون الذي أبداه الرائد خليفة بن أحمد آل خليفة في تسهيل مهمتنا كإعلاميين، والذي أكد على حرص قيادة الأمن على حفظ كرامة الصحافيين والاعلاميين.
من جهة أخرى سجلت طوارئ السلمانية ضمن المصابين في حوادث شارع المعارض اصابة مصور صحافي تابع لاحدى الصحف الزميلة تعرض لاعتداء من عصابات المشاغبين الذين اصطادوه يصور ممارساتهم.
المنامة - الوسط
تضاربت وكالات الانباء في نقل حوادث الشغب الغوغائية التي جرت في شارع المعارض ليلة امس الاربعاء، ففي حين اخفقت رويترز في قراءة الحدث الغوغائي بالكامل محاولة ربطه بأسباب سياسية، نقلت معظم وكالات الانباء حوادث الشغب عن «الوسط» التي تميزت بالدقة في نقل الحوادث من موقعها بشارع المعارض التي نفد عددها ليوم أمس من الأسواق.
وقالت «رويترز»: «نقلا عن مسئولين وشهود عيان إن عشرات من الشيعة البحرينيين قاموا بأعمال شغب اثناء احتفالات العام الجديد في البلاد وهاجموا عربا مغتربين وألحقوا اضرارا بسيارات وفنادق ومتاجر».
واضافت: أن شرطة مكافحة الشغب تدخلت لاعادة الهدوء إلى العاصمة المنامة وألقت القبض على 20 من المشاركين في الشغب. وذكر شهود عيان ان نحو 30 شخصا أصيبوا في المنطقة التي كثيرا ما يرتادها السعوديون والكويتيون.
واوردت: «ان هذه هي اول حوادث شغب كبيرة في البحرين منذ الاصلاحات التي استهدفت التخفيف من التوتر بين الشيعة والسنة الذي أثار اضطرابات مناهضة للحكومة في التسعينات».
مشيرة الى أن مسئولا حكوميا رفض ذكر هوية المشاغبين الا ان «شهود عيان قالوا انهم من الشيعة الذين يمثلون نحو 65 في المئة من سكان البحرين البالغ مجموع سكانها 651 ألف نسمة ثلثهم من الاجانب».
في الوقت ذاته نقلت وكالة الانباء الفرنسية أن صحيفة «الوسط» نقلت عن ضابط امن ان «38 سيارة تضررت بايدي هؤلاء الشبان الذين قدر عددهم بالف شاب».
واضافت أنه «أحرقت سيارة على الاقل وتم تكسير عشرات السيارات اضافة إلى تكسير واجهات ثلاثة فنادق ومعهد بيسان وذلك اثر حوادث شغب واسعة اندلعت في شارع المعارض عشية رأس السنة». وبحسب الصحيفة فان من بين الاجانب الذين تم الاعتداء عليهم «فلبينية امسك الشبان بها وخلعوا بنطلونها في الشارع».
ونقلت وكالة الانباء الالمانية أن صحيفة «الوسط» ذكرت أن الحوادث قام بإشعالها العشرات من الشباب المراهقين على رغم الانتشار الكثيف لرجال الامن في المنامة.
وقالت الصحيفة ان العشرات من الشباب انتشروا البارحة في شارع المعارض على الارصفة وأمام واجهات المحلات، يطلقون صرخاتهم ثم بدأوا برمي الحجارة على السيارات وأصيب بعض الاشخاص جراء رمي الحجارة عليهم، مشيرة إلى أن رجال الامن فشلوا في السيطرة على الوضع على رغم انتشار الدوريات الراجلة ودوريات السيارات في نقاط مختلفة من الشارع.
الوسط- عباس بوصفوان
دافعت بعض الشخصيات المعارضة عن الأجهزة الأمنية، في تعاطيها مع حوادث الشغب التي عمت شارع المعارض ليل الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، وقالت نائبة رئيس جمعية العمل الديمقراطي منيرة فخرو إنه لا يوجد «تهاون» من طرف رجال الأمن في متابعة الفوضى، وما حدث أمر «طبيعي»، ومشابه لما يحدث في دول أخرى، خصوصا في دول العالم المتقدم، إذ يخرج «الهوليغنز» للتظاهر في مناسبات رياضية أو غيرها.
وبدت فخرو متخوفة من أن تستخدم حوادث الشغب الشبابية لتقليص الحريات، مبينة أن عددا من الكتاب بدأ يقول إن «رجل الشرطة ليس مهابا»، وأضافت «أنا ضد نظرية المؤامرة»، لكن هذا الاحتمال يبقى قائما.
وطرحت فخرو احتمالا آخر لتفسير حوادث الشغب، وهو أن تكون «وراءها مؤسسات دينية محافظة لم يعجبها الاحتفال برأس السنة الميلادية على اعتبار أن المناسبة لا علاقة لها بالدين الإسلامي، لكننا نشكك في ذلك أيضا، خصوصا في ظل النقص في المعلومات عن خلفيات ممارسي أعمال الشغب، وأعمارهم، ومناطق سكنهم، هل من القرى أو من المدن؟».
من جهته أعطى عبدالله هاشم الحدث بعدا سياسيا مباشرا حينما قال: «إن ما حدث في شارع المعارض ينطلق أساسا من الشعور بالغبن والاحباط، وما يؤسس هذا الشعور تلك المواقف التي تكتنز أساسا مشاعر طائفية لدى هؤلاء الشباب في الوقت الذي تحمل فيه شعارات حضارية وانسانية، وأعتقد بأننا فعلا اليوم أمام تحدٍ للعمل السلمي».
وأضاف هاشم «إذا قامت القوى السياسية بإجراء حدث معين حددت فيه الاتجاهات، فإن نتائج ذلك تخرج طال الوقت أم قصر، وقد لا يكون ضمن الانتخابات، لكن وقتها سيأتي حتما بعد مرحلة الانتخابات النيابية، لذلك على القوى السياسية أن تتحلى بالشجاعة، وأن تنشر ثقافة التسامح ودرء ثقافة الانتقام، وأن لا تنساق إلى فكر الشارع الذي هو بالضرورة ذو نظرة قصيرة، خصوصا ونحن في خضم تطورات جد معقدة، ذات امتدادات دولية بشكل أساسي، فضلا عن التطورات التي تحتاج إلى مدى زمني للحصول على نتيجة مرضية فيما يتعلق بالإصلاحات التي نرجو أن تسير بشكل سليم، وعلى المعارضة أن ترى ما ينتجه الفعل، فإذا كان هناك تكتيك أو إجراء ما يرفع شعار حقوق الإنسان ويحقق هذا الإجراء 10 في المئة على مستوى هذا الشعار، في الوقت الذي يختزن 90 في المئة على مستوى تراكم مشاعر طائفية فإننا نخطئ في القيام به»، ويبدو أن هاشم يشير في ذلك إلى المظاهرات المطالبة بمحاكمة عادل فليفل.
وقال هاشم إن «الجماعات التي مارست الشغب في شارع المعارض، هم من المحبطين، إضافة إلى وجود قطاع آخر من الشباب غير المبالي، والمتحفز لإخراج طاقته بشكل فوضوي وتخريبي، ومطلوب من القوى السياسية عدم التصعيد في ملء شعارات يستحيل تحقيقها، وعدم دفع الناس إلى الانسياق معهم، ومطلوب من الحكومة تسريع الإصلاحات، ووضع برامج حقيقية، وليس مجرد شعارات». وانتقد هاشم أجهزة الأمن إذ قال: «إن وزارة الداخلية تعاني من قصور على مستوى ضبط الأمن العام، خصوصا وأنها كانت تعلم بالسوابق».
وقال رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع خالد الخليفة «إن هذه الظاهرة ـ المستنكَرة ـ جديدة على المجتمع، ولا يمكن حلها بطريقة أمنية، ولابد من تكاتف الأهالي، وتوجيه الشباب وتعريفه بأن الحدث خطير وقد يؤثر على مستقبله، ولابد من العمل للوقاية من الجريمة، وأن يتعامل القضاء بشكل صارم، عبر إصدار أقصى العقوبات». مضيفا أنه «لا يمكن الجزم بأن الشغب منظم، أو له بعد سياسي، وإن كانت المنطقة مأزومة بسبب حوادث العراق وفلسطين». النائب جاسم عبدالعال قال: «لا توجد أية أهداف وطنية لمحدِثي الشغب، وهؤلاء لا يوجد عندهم ولاء للوطن، وأتوقع أن تكون لهم أبعاد سياسية وإلا لماذا يعتدون على الضيوف ويسيئون إلى السياحة؟ هل هدفهم إرجاع قانون أمن الدولة؟» وأضاف عبدالعال أنه «على رغم التحذيرات التي أبلغت لجهاز الشرطة، فإنه لم يتخذ التدابير الاحترازية لضبط الأمن، لذلك سنناقش الموضوع في مجلس النواب، وسنسائل أجهزة الأمن التي عليها التعامل بشفافية مع الموقوفين، ونشر صور المدانين وأسماءهم في الصحافة». وقال رئيس لجنة الخارجية والدفاع بمجلس النواب النائب أحمد بهزاد: «سأقدم اقتراحا بتشكيل لجنة برلمانية لمعرفة من المسئول: هل البيت أم المدرسة أم عدم وجود الردع»، مضيفا أنه لا يعتقد أن جهاز الأمن «مقصر».
الناشط البارز عبدالوهاب حسين قال إن الحدث «ليست له صلة بالمطالبة السياسية، ولا بالقوى السياسية، ولا بالإسلاميين، وهو استغلال سيئ للحرية، والشباب الذين مارسوا الفوضى يشعرون بالفراغ وعدم الاحساس بالمسئولية، ويجب أن تعالج المسألة معالجة تربوية اجتماعية وفكرية وأخلاقية»، مضيفا «أنا لم أتابع التفاصيل حتى أستطيع أن أحكم إن كان جهاز الأمن مقصرا أم لا»
العدد 118 - الأربعاء 01 يناير 2003م الموافق 27 شوال 1423هـ