كشف مراقب العلاقات العامة في هيئة التأمينات الاجتماعية فيصل العيناتي أن هيئة التأمينات الاجتماعية وهيئة صندوق التقاعد يعانيان من أزمات مالية بسبب قرارت غير مدروسة اتخذتها الدولة مثل تخفيض نسبة الاشتراكات و إخراج الأجانب العام 97 من نظام التأمين ضد العجز والشيخوخة ما ميز العامل الأجنبي وجعله أقل كلفة وكذلك نظام التقاعد المبكر الذي أخرج البحرينيين من سوق العمل وجعل الوافدين يحلون مكانهم.
وأكد العيناتي أنه ليس هناك حد أدنى للأجور فهناك من المؤمن عليهم من يصل راتبه إلى 65 ألف دينار شهريا!! ومنهم من يحصل على 70 دينارا فقط !! وأكد أن نسبة العاملين الأجانب في القطاع الخاص تصل إلى 65 في المئة بينما نسبة المواطنين 35 في المئة فقط مشيرا إلى اننا بحثنا عن حل البطالة في إخراج الـ 35 في المئة من خلال نظام التقاعد المبكر وتركنا الـ 65 في المئة، جاء هذا في محاضرة للعيناتي في جمعية البحرين الثقافية الاجتماعية تحت عنوان «آخر المستجدات عن نظام التأمينات الاجتماعية».
في بداية ندوته قال العيناتي: «قضية التأمينات الاجتماعية من أهم القضايا فهي في دول أخرى توصل أناسا إلى سدة الرئاسة وتسقط آخرين، أما نحن فما زالت الأمور «تمشي لدينا بالبركة» فالرأي العام لا يؤثر في السياسة»
وأضاف: «عندما نتكلم عن التأمينات فإننا نتكلم عن أموال وطنية تحتاج إلى متابعة ورقابة، ودعونا نكون صريحين فما زال هناك قصور في عملية الرقابة المالية والإدارية لدينا، فهيئة التأمينات هي الوجه الآخر لصندوق التقاعد الحكومي. وهاتان المؤسستان تقومان بحماية المواطن العامل في القطاعين الخاص والعام وهما لأجل حماية العامل من المخاطر التي تنقسم إلى نوعين طبيعية كالكبر في السن وغير طبيعية كحوادث العمل أو حوادث أخرى خارج العمل كحوادث الطرقات ما ينجم عنه خطر انقطاع الراتب بحيث تعيش الأسرة في ضياع مالي فلهذا وضعت التأمينات الاجتماعية دخلا بديلا للراتب يسمى المعاش التعاقدي، وحاليا مسجل لدينا في هيئة التأمينات أكثر من سبعة آلاف مؤسسة ومصرف فيها حوالي 170 ألف مؤمن عليه ونسبة العمالة الوطنية في هذا العدد تساوي 35 في المئة أما العمالة الأجنبية فنسبتها 65 في المئة»
وتابع: «إن هذه المعلومات توصلنا إلى شيء مهم وسأوضح أكثر (...) فقد كانت هناك دعوات من الكثيرين إلى أن تفتح التأمينات الاجتماعية باب التقاعد المبكر لكي يخرج القدامى من سوق العمل وتدخل بدلهم دماء جديدة، وكلنا نعلم أن نسبة الاشتراكات الآن هي 15 في المئة يدفعها العامل والمؤسسة تدفع 10 في المئة ومع الأسف فالاشتراكات في السابق كانت 21 في المئة العامل يدفع 7 في المئة والمؤسسة تدفع 14 في المئة وقامت الدولة بخفض النسبة إلى 15 في المئة من دون استشارة التأمينات وخبرائها الاقتصاديين وحصل لدينا خلل مادي من ناحية تحصيل المدخرات، ولتقريب الصورة أكثر أقول إن أي شخص يريد أن يؤسس مؤسسة ما فسيقوم بعدة خطوات مثلا يستشير الخبراء في هذا النوع من المؤسسات وتكاليف المشروع والعائد المادي المتوقع وهذا ينطبق وهذا أيضا على التأمينات فنحن لدينا خبير يعطينا أساسيات المعلومات وأن الاشتراكات يجب أن تكون بنسبة كذا وإذا تغيرت النسبة المطلوبة تهتز المؤسسة وهذا ما حصل فتخفيض نسبة الاشتراكات أثر على صندوق التقاعد وعلى التأمينات الاجتماعية فلذلك لو لاحظتم قرار الدولة أخيرا برفع نسبة الاشتراكات إلى 18 في المئة، 6 في المئة يدفعها العامل والمؤسسة 12 في المئة وهذه النسبة لا تكفي بحسب الدراسات لدينا»
«قرار إخراج الأجانب من التأمينات أضرّنا» العيناتي «أيضا قرار إخراج الأجانب من نظام التأمين ضد العجز والشيخوخة أثر بشكل سلبي فالأجنبي لا يفيد الدولة فهو يستفيد من الخدمات الصحية والحدائق وغير ذلك ولا يقدم شيئا إلى صاحب المؤسسة التي يعمل بها فلهذا قرر الاستشاريون أن يتم اشتراك الأجانب في نظام التأمينات لنستفيد من استثمار إيداعاتهم لدينا فترة عملهم وهناك أكثر من 100 ألف عامل أجنبي ومدخراتهم تبلغ ملايين» ويستدرك: «لكننا - وللأسف - أخرجناهم العام 1997م من نظام التأمينات، وهذا أوجد مشكلة لدينا في التأمينات، وأوجد مشكلة أخرى وهي تميز العامل الوافد لدى صاحب العمل الذي صار ينظر إلى الكلفة المالية فالبحريني يجعله يدفع 12 في المئة من الراتب إلى التأمينات أما الوافد فيجعله يدفع 3 في المئة فقط من الراتب، لقد كان هناك قصور خاطئ بأننا لا نحتاج إلى اشتراك العامل الأجنبي في نظام التأمين لأننا لن نأويه إلى الابد ولكن الحقيقة اننا من يستفيد فسنستثمر مبلغا لمدة خمس سنوات بفائدة نسبتها 6,5 في المئة وسيكون لدينا ضعف المبلغ. أيضا ساهم هذا القرار في إيجاد مشكلة البطالة لأن العامل الأجنبي صار مغريا لأرباب العمل أكثر وأثر علينا فنحن في التأمينات وصندوق التقاعد نعاني من أزمات مالية بسبب هذه القرارات التي لم تدرس».
«لا سن محدد للتقاعد... والسبب الكويت!!» وقال العيناتي «إن نظام التأمين في الكويت سخي جدا لكنه أوجد خللا اجتماعيا فهو يعطي حق التقاعد بعد 15 سنة عمل ويعطي راتبا تقاعديا بنسبة 65 في المئة من الراتب الأصلي حدا أدنى، ولكن أنت عندما تشجع الموظف على التقاعد بعد 15 سنة فقط فكأنك تقول له خذ راتبا واجلس في البيت وهذا ساهم في إيجاد مشكلة بطالة من نوع آخر (شباب متقاعد) وأوجد انحرافا وضياعا وأمراضا اجتماعية كالمخدرات وغيرها، إذن لو وضعنا أنظمة تشجع على التقاعد المبكر فسنضر أنفسنا ولهذا نحن في التأمينات الاجتماعية لا يوجد لدينا سن للتقاعد ولكن توجد لدينا سنوات اشتراك فالمطلوب 20 سنة عمل لتحصل على راتب تقاعدي، إن هناك مصلحة وطنية في ذلك فعندما نتكلم عن نسبة عمالة أجنبية تبلغ 65 في المئة ووطنية 35 في المئة فهل نبحث عن حلول للبطالة في الـ 35 في المئة أو الـ 65 في المئة؟» وأضاف «ما الذي يضمن إدخال البحرينيين مكان من تقاعدوا مبكرا بل الذي سيحصل هو العكس كما حصل في شركة (...) إذ فصلت الكثير من البحرينيين وصارت ضجة كبيرة وبعد مرور 6 أشهر تقريبا وظفت هذه الشركة 150 عاملا أجنبيا تقريبا، نحن لسنا أمام شركات تشجع على توظيف البحرينيين»
«أؤيد مشروع دمج التأمينات وصندوق التقاعد»
بعدها تطرق العيناتي إلى مشروع دمج صندوق التقاعد وهيئة التأمينات الاجتماعية: «بصفتي مسئولا في التأمينات الاجتماعية أرحب بهذه الفكرة فهناك أكثر من فائدة لهذا المشروع الذي طرحه أعضاء المنبر الإسلامي في البرلمان، فهناك تمايز في المزايا بين الجهازين ولكنه ليس صحيحا. إن صندوق التقاعد أفضل من الـتأمينات، فصندوق التقاعد يعطي مكافأة قدرها 35 في المئة للموظف المتقاعد إضافة إلى الراتب التقاعدي الشهري أما نحن في التأمينات فلا ندفع هذه المكافأة بل تحسب هذه الزيادة وتدفع كل شهر مع الراتب التقاعدي أي اننا ندفع زيادة مع الراتب 2 في المئة من الراتب، ونحن لا يقل الراتب التقاعدي لدينا عن 150 دينارا».
وأوضح العيناتي أن هناك من أصحاب المؤسسات الخاصة وخصوصا من يوظفون أبناءهم وأقاربهم يلجأون إلى رفع رواتب أبنائهم وأقاربهم بشكل كبير جدا مع اقتراب فترة تقاعدهم لكي تدفع التأمينات لهم راتبا تقاعديا كبيرا، وقال: «نحن لا ندفع سوى 40 في المئة من هذه الزيادة»، وكشف العيناتي خلال حديثه عن أنه لا يوجد في البحرين حد أدنى للرواتب فهناك من المؤمن عليهم من العمال البحرينيين من رواتبهم لا تتعدى 60 إلى 70 دينارا والمفارقة في وجود أشخاص يصل راتب أحدهم إلى 65 ألف دينار شهريا !! وقال العيناتي: «إن وجود حد أدنى للراتب سيجعل الدولة تتحمل مسئولياتها بدفع تكملة الـ 150 دينارا لكل مواطن يقل راتبه عن ذلك» وأشار أيضا إلى أن أكثر من 65 في المئة من العمال البحرينيين رواتبهم تتراوح بين 100 و150 دينارا وهذا شيء مخجل بحسب تعبيره في حين انه يفترض ألا يقل راتب العائلة المكونة من خمسة أشخاص عن 300 دينار.
«استثمارات التأمينات داخليا وخارجيا»
وفي سؤال للحضور عن حجم استثمارات هيئة التأمينات خارجيا وداخليا قال: «نحن نستثمر 75 في المئة من مدخراتنا التي تبلغ 700 مليون دينار في الداخل ونستثمر 25 في المئة من هذه المدخرات في الخارج في كل من أميركا وإنجلترا واليابان ، أما بخصوص تأثير الحوادث العالمية على استثماراتنا فالخسائر واردة وهناك خسائر وهناك ارباح ولكنها ليست مآخذ علينا أو على صندوق التقاعد، ونحن نحقق عائدا استثمارا قدره 42 48 مليون دينار من مجموع مدخراتنا» وأضاف «أما داخليا فنحن نساهم مع الحكومة في بعض المشروعات مثل مركز البحرين للمعارض ولدينا مجمع التأمينات ونملك النادي البحري الذي اشتريناه بحوالي 80 مليون دينار، ولدينا مساهمات في بنك البحرين الوطني و بنك البحرين والكويت، ونسند كل المؤسسات الوطنية المهمة كي لا تتأثر» وقال العيناتي: «هناك تجار يريدوننا ألا ننجح ووقفوا ضد مجمع التأمينات لكي لا نستثمر في مشروعاتنا العقارية. نحن مؤسسة نفسها طويل ولن نهتز كأي تاجر فلقد بلغت نسبة اشغال مجمع التأمينات 70 في المئة» و قد انتقد بعض المحاضرين هيمنة السلطة على إدارة التأمينات الاجتماعية وكذلك دخول التأمينات في مشروعات فاشلة والاستثمار في بعض الدول فقط وعدم وجود الرقابة الكافية على التأمينات، وأن السلطة تدير الكثير من المشروعات بأموال التأمينات التي هي أموال الناس البسطاء، وقد أجاب العيناتي عن هذه الانتقادات واختتم كلامه بقوله: «إن الفساد والمفسدين سيذهبون وستبقى البحرين»
العدد 147 - الخميس 30 يناير 2003م الموافق 27 ذي القعدة 1423هـ