أوضاع وشئون الجمعيات الشبابية في البحرين، هي مثار جدل في الأوساط الشبابية ولدى المهتمين والمتابعين من حيث أدائها وتنظيم عملها في المجتمع، وقدرتها على استقطاب الشباب إلى برامجها وفعالياتها التي تقيمها، وهي تندرج ضمن مئات الجمعيات التي أشهرتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية خلال العام الماضي. تكمن أهمية هذه الجمعيات في انها تباشر قطاعا مهما وفعالا في المجتمع، وقادرة على أن تؤثر فيه وترسم معالم المرحلة المقبلة للشباب في المملكة. والاعتصام الأخير الذي نظمه عدد من التجمعات الشبابية أمام بيت الأمم المتحدة للتضامن مع الشعب العراقي دلل بوضوح على تفاعل المؤسسات الشبابية مع القضايا والحوادث التي تعصف بالساحة الوطنية والعربية، وأنهم ليسوا «بمعزل» عما يدور في فلك «الكبار». البعض يقيم أداء الجمعيات الشبابية ويشبهها بالحصان الأبيض الذي لم ينزل بعد في ساحة الميدان، فهناك الكثير من العمل والبرامج التي يفترض أن تبادر إلى تنفيذها.
وعلى رغم صعوبات العمل التطوعي، والاشكالات التي تحيط به، فإن أعضاء هذه الجمعيات مستمرون في عطائهم وتواصلهم مع الشباب ومؤسسات المجتمع المدني، ويخوضون عراكا عنيفا للثبات والصمود أمام التغيرات التي تعصف بالساحة الشبابية. وعن هذا الموضوع قمنا بإجراء لقاءات مع عدد من رؤساء الجمعيات الشبابية للتعرف عن قرب على أوضاعها والمصاعب التي يواجهونها، ورؤيتهم ونقدهم لتجربة العمل الشبابي.
بناء القاعدة الشبابية
رئيس جمعية الشبيبة البحرينية حسين الحليبي يصف الوضع الشبابي في الآونة الأخيرة بأنه مثمر ومشجع وخصوصا بعد قيام وتأسيس الجمعيات الشبابية، على رغم فتور ومحدودية النشاط والفعاليات التي تقوم بها بعض هذه الجمعيات، وعدم وجود توزان وتكافؤ للأنشطة التي تقوم بها طيلة السنة. ويقول الحليبي: «ركزنا ولانزال على بناء القاعدة الشبابية وتوعية الأعضاء وتثقيفهم بالبرامج والأنشطة التي تسهم في بناء شخصية الشاب والتركيز على النواحي الثقافية والتربوية والعلمية وغرس بذور القراءة لدى الشبيبة، ونحن نهتم بالشباب من السن الرابعة عشرة وحتى الخامسة والعشرين».
مشاركة جماعية
ويبين الحليبي أن أنشطة الجمعية لم تتوقف منذ تأسيسها، وهي مستمرة وتتجه إلى جميع الشباب. وعن الاعتصام الذين نظمته الجمعية أخيرا مع ملتقى الشباب بنادي الحالة واللجنة الأهلية لمناصرة الشعب العراقي بناء على دعوة اتحاد الشباب العربي، يقول: على رغم أن الدعوة وجهت إلينا فإننا أحببنا أن يشاركنا الشباب الآخرون في الجمعيات الشبابية هذه الاحتفالية للتنديد بالهجوم الأميركي على العراق والعزلة التي يتعرض لها الشعب العراقي. واعتبر أن الاعتصام يعد نقلة نوعية على مستوى العمل الشبابي من حيث التنظيم والطريقة المؤثرة التي ظهر بها في فضاءات القنوات التلفزيونية وأمام صحافيي الوكالات الأجنبية». وذكر أن الشباب بحاجة إلى تنظيم صفوفهم وتوحيد جهودهم لتحقيق الأهداف التي يسعون إليها.
ومع اعداد وتحضير المؤسسة العامة للشباب والرياضة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي لوضع الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالشباب، تلوح في الأفق بوادر تغيير على الساحة الشبابية. وعن ذلك يقول الحليبي: «هي خطوة ايجابية، وكنا ننتظرها منذ زمن بأن تكون هناك رؤية شاملة وعميقة للتوجهات والأطر العامة التي تسيّر الماكينة الشبابية»، مؤكدا ضرورة ان يكون للشباب دور في صوغ بنود هذه الاستراتيجية.
دور أكبر للجمعيات
ويوضح رئيس جمعية أطفال وشباب المستقبل صباح الزياني أن التكتلات والتجمعات الشبابية بدأت في الظهور نهاية التسعينات وتشكلت في الهيكل التنظيمي للجمعية منذ العام الماضي. ويقول: «تربط أعضاء هذه الجمعيات توجهات وأهداف مشتركة يسعون إلى تحقيقها، وهو أمر صحي ومطلوب. لقد قدمت هذه الجمعيات تجربة جيدة على مستوى العمل الشبابي، ونحاول أن نقدم ما يفي باحتياجات الشباب». مؤكدا أهمية دعم هذه الجمعيات، «وأن تعطى الفرصة لإثبات وجودها، وأنها قادرة على المساهمة في تقديم حلول للمشكلات التي يعاني منها المجتمع، ومنها البطالة، بالإمكان أن يشارك شباب الجمعيات في مناقشة هذه القضايا وتقديم خطط عمل لإحلال المواطن البحريني محل العمالة الوافدة».
لا يوجد مقر
وعن المشكلات التي تواجه عمل الجمعيات الشبابية يقول الزياني: «أبرزها ايجاد مقر ودعم مالي للجمعية، فلا يكفي التصريح فقط لإنشاء جمعية، وانما توفير الاحتياجات الأساسية، وقد لجأ البعض إلى جمعيات سياسية ومهنية من أجل الحصول على مقار عمل مؤقتة». ويطرح مسألة اعادة النظر في تنظيم الجمعيات الشبابية من حيث تبعيتها لوزارة العمل والشئون الاجتماعية، وأن تكون تابعة للمؤسسة العامة للشباب والرياضة بحكم الاختصاص. ويقول: «تبعية الجمعيات الشبابية للوزارة أثّر كثيرا من ناحية التنسيق مع البرامج الشبابية التي تنظمها المؤسسة، والدعم المادي والمشاركة في الفعاليات المحلية والخارجية».
وعن المشكلات السلبية التي تواجه عمل الجمعيات يركز الزياني على مسألة التنسيق والترابط بين الجمعيات وأنها بحاجة إلى عملية تنظيم لتعم الفائدة على جميع الشباب.
تنوع وتعددية...
نائبة رئيس ملتقى الشباب بنادي الحالة ابتسام الشنو تصنف التجمعات الشبابية إلى ثلاثة أقسام: «مستقلة، وتابعة لجمعيات غالبا ما تكون سياسية، ومستقلة ظاهريا ولكنها في الباطن تابعة لجهة ما». وتقول عن أداء الجمعيات الشبابية في الفترة الأخيرة: «التنوع والتعددية داخل التجمعات الشبابية ينعكس على نوعية الأنشطة التي يقوم بها الشباب. قليل من البرامج والأنشطة التي تتفاعل مع قضايا الشباب وتكون مفيدة ونافعة بحيث تطور من مستوياتهم الثقافية والفكرية. الكل يردد مقولة (نحن مع الكيف وليس الكم) ولكن الواقع يعكس وضعا آخر، ولا يعني ذلك أنه لا توجد جمعيات أو تجمعات شبابية توزان في طرحها». وتصف نشاط بعض الجمعيات بأنه خامل وهادئ حتى بعد تقديم فعالية ما، وتستطيع أن تتعرف على توجهات أعضاء الجمعيات من خلال ما يقدمونه من أنشطة وبرامج».
متابعة ومراجعة...
وتقول الشنو: «سعى الملتقى ومايزال إلى رفد الساحة الشبابية بمختلف الأنشطة الثقافية والاجتماعية والفكرية التي تعنى بشئون الشباب، وبرز (الملتقى) اعلاميا أخيرا واستطاع أن يصل إلى شريحة كبيرة من الشباب بسبب جدية الأنشطة التي يقدمها وقربها من الشباب. صحيح أنه كنت هناك بعض الأخطاء، وهي أمر طبيعي لأي مشروع يكبر ويستفيد من النقد الذي يوجه إليه». وترى أن التعددية في الساحة الشبابية لعدد التجمعات ظاهرة صحية ولا تدعو إلى القلق «ولكن نأمل ألا يكون ذلك لتحقيق أهداف ومصالح شخصية لأن من شأن ذلك أن يحيد الشباب عن الأهداف التي رسموها». وتؤكد أن تقديم النشاط الشبابي لا يكفي، اذ تتوجب المتابعة المستمرة لاحتياجات الشباب، ومراجعة البرامج الشبابية المقدمة.
التجمعات الشبابية لاتزال حديثة الولادة في المجتمع، وهي بحاجة إلى عناية واهتمام من قبل الشباب أنفسهم، ومن المهتمين والمسئولين في الدولة، حتى يكون لها دورها وموقعها الطبيعي في المجتمع
العدد 147 - الخميس 30 يناير 2003م الموافق 27 ذي القعدة 1423هـ