أيد رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني توجهات أميركا وبريطانيا لضرب العراق
يجسد برلسكوني نفسه بصورة الايطالي الذي يمكن أن ينتقل من صفوف الناس العاديين ليصبح أغنى رجل وأكبر سياسي في عقدين من الزمان، وصعد على ركام من الشكوك في أصول وأسلوب تطهيرها بدفع الضرائب.
جاء من مدينة ميلانو، قلعة الصناعة الايطالية في الشمال، بعد أن بدأ أولى خطواته مع الثروة سمسارا للعقارات يبيع ويشتري المنازل والدكاكين وقطع الأراضي، ثم وجد بين يديه مالا يغري بالحصول على الوجاهة واختار أسرع الطرق: الرياضة، والفن، ووسائل الإعلام. اشترى أولا نادي ميلان الرياضي خلال الثمانينات، وتزوج من نجمة السينما فيرونيك وبدأ يزحف على شبكات التلفزيون ومصانع السينما وشركات الاعلان ودور النشر ليتربع على عرش أكبر امبراطورية للاعلام في تاريخ ايطاليا، وربما في العالم، وغدا المنافس والمرادف الوحيد للاسترالي روبرت مردوخ صاحب أكبر مجموعة إعلامية تمتد من بريطانيا إلى الصين.
كل شيء في ايطاليا، شبيه بمنطق الأزياء، موضة تجهض أخرى، حتى في الاعلام وتكوين الذوق السياسي، فقد خرجت محطات تلفزيون برلسكوني وأكبرها ثلاث شبكات ببرامج منوعة وجريئة ومتحركة، جعلت الايطاليين يتسمرون أمام أجهزة التلفزيون ليتأملوا نمطا جديدا في الكلام السياسي الممتنع عن الحشمة فكان منهم من أحبه ومنهم من وجد فيه ضيفا غريبا هبط على مركز الديانة المسيحية في العالم، لكن صناديق الاقتراع شهدت له انه موضة مطلوبة، فأسس حزبا أطلق عليه اسم ايطاليا إلى الأمام ويلفظ بالايطالية بكلمتي فورسا ايطاليا، ثم دخل الانتخابات ليفوز بالغالبية ويعلن رئيسا للحكومة.
انقلب المزاج ثانية، فسقط من دون أن يكمل عاما كاملا وحلّ محله امبي - رئيس الجمهورية في الوقت الحاضر - وأراد خصومه من ثعالبة السياسة إنهاء دوره في الحياة العامة فألقوا عليه بنفايات التهم بشأن الفساد المالي والتهرب من دفع الضرائب، واحتاج إلى عامين ينظف فيهما ثيابه من تلك الشوائب التي تلطخت به، ولم يكن مهما معرفة أيهما كان على حق المتهم أم المتهم، لأن القاعدة هي أيهما أكثر براعة في إثبات الشيء أو نقضه وكان هو الأبرع.
فاز ثانية برئاسة الحكومة ليتسلم كتاب التكليف من امبي نفسه، خصمه السابق، وقد أصبح رئيسا للدولة، فشكل حكومة جديدة كانت أكبر مهماتها تنظيم قمة الدول الصناعية الثماني في جنوى وكان أمله أن تعقد بإراقة أقل ما يمكن من دماء إذ قتل شخص واحد وكان من الأفضل ألا يموت لكي يبدو النجاح واضحا من غير بقع دم تلوثه.
داس السياسي الملياردير على اليسار الذي تمتع بفترة حكم استمرت قرابة 5 سنوات تحت زعامة ماسيمو دليما وهو شيوعي سابق، نزع ثوب البروليتاريا الرث بعد سقوط الشيوعية، وتسربل بثياب اليسار الديمقراطي ليضم بين جوانحه كل أولئك الذين ترقبوا فرصة الحكم نصف قرن بعد سقوط موسوليني
العدد 160 - الأربعاء 12 فبراير 2003م الموافق 10 ذي الحجة 1423هـ