تجاهل مشروع البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب الصادر أمس الاشارة إلى القمة العربية الاستثنائية التي دعت إليها مصر قبل يومين، واكتفى البيان بمناشدة الولايات المتحدة «منح المفتشين الوقت الكافي لإنجاز مهماتهم التي حددها لهم مجلس الأمن لجهة تنفيذ القرار 1441» واعلن وزراء الخارجية العرب في بيانهم «امتناع دولهم عن تقديم أي نوع من المساعدة أو التسهيلات لأي عمل عسكري موجه ضد العراق والمنطقة».
وشدد مشروع البيان الختامي على «التزام الدول العربية بالحفاظ على أمن وسلامة العراق ووحدة أراضيه ورفض العدوان أو تهديد أمن وسلامة أية دولة عربية باعتبار ذلك تهديدا للأمن القومي لجميع الدول العربية مثلما هو تهديد للسلم والأمن الدوليين»، ورحب البيان باستمرار تعاون العراق مع المفتشين وبناء أرضية من الثقة المتبادلة. ودعا الوزراء مجلس الأمن الدولي إلى تفعيل قراراته ذات الصلة وخصوصا المادة رقم 22 من القرار 687 التي تنص على رفع الحصار المفروض على العراق مؤكدين تضامنهم مع الشعب العراقي ومواصلة العمل مع الدول الاعضاء في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الاوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز، من أجل تكثيف الجهود الدولية الرامية إلى تجنب الحرب ووقف الحشود والتهديدات العسكرية الموجهة إلى العراق والمنطقة.
وحذر البيان من التداعيات الخطيرة للحرب على المنطقة التي عانت من ويلات حروب كثيرة ومن استمرار سياسة الاحتلال والتدمير الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وضد حقوقه الوطنية المشروعة. وشارك في الاجتماع الذي حضره 20 وزيرا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، اضافة إلى وزير خارجية اليونان جورج باباندريو بصفة ان بلاده رئيسة للاتحاد الأوروبي.
عواصم - وكالات
في الوقت الذي تشير فيه واشنطن إلى أنها ما زالت تسعى الى قرار ثان في الامم المتحدة، ذكرت ذكرت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أمس أن عدد الجنود الاميركيين المحتشدين في منطقة الخليج وبعض الدول المجاورة بلغ 150 ألف عسكري. وأعلن البنتاغون ايضا ان قرابة 40 ألف احتياطي اضافية استدعوا للخدمة الفعلية في اطار حرب محتملة في العراق بينما تلقت وحدات عدة الامر بالانتشار ومن المفترض ان تتحرك باتجاه الخليج.
وفي هذه الأثناء، وضع رئيس الحكومة البلجيكية شروطا للتوصل الى حل وسط في مجلس شمال الأطلنطي من أجل الموافقة على مقترحات الأمين العام للناتو اللورد جورج روبرتسون بخصوص إجراءات لتوفير الحماية لتركيا في حال شن حرب ضد العراق. بينما أيد وزراء الخارجية العرب والمبعوثون الاوروبيون الذين اجتمعوا في القاهرة أمس دعم الجهود الدولية لنزع اسلحة العراق سلميا مطالبين هذا البلد بتعاون اكبر مع فرق التفتيش.
من جهة اخرى ارسلت بريطانيا اقرب حلفاء واشنطن 25 طائرة وحوالي ألف من عناصر سلاح الجو الى منطقة الخليج للقيام بدوريات في منطقتي الحظر في شمال العراق وجنوبه. ومن المتوقع ان ترتفع هذه الارقام في الاسابيع المقبلة لتبلغ نحو مئة طائرة حربية ونحو ثلاثين مروحية نقل وحوالي ثمانية آلاف عنصر، بحسب وزير الدفاع البريطاني جيف هون.
واكدت مستشارة الرئيس الاميركي جورج بوش للامن القومي كونودليزا رايس معلقة على التظاهرات الضخمة ضد حرب محتملة في العراق، في حديث مع محطة التلفزيون الاميركية (ان بي سي) أمس، ضرورة عدم نسيان «طبيعة سلطة» صدام حسين.
وفي حديث آخر الى شبكة فوكس التلفزيونية الاميركية، قالت رايس أمس ان الولايات المتحدة ما زالت تسعى الى قرار ثان في الامم المتحدة ولكن صياغته لم تبدأ بعد. وعلى صعيد التعليقات الأوروبية المعارضة للحرب، قال رئيس الوزراء البلجيكي في تصريح نقله راديو بروكسل العاصمة إن بلاده وفرنسا وألمانيا سيوافقون على تدعيم المقترحات المتعلقة بإجراءات ذات طابع دفاعي فقط لتركيا. أما وزير الخارجية البلجيكي لوي ميشال رجح أمس في بروكسل ان تصدر فرنسا والمانيا وبلجيكا «بيانا مشتركا» اثناء القمة الاوروبية الاستثنائية التي ستعقد اليوم الاثنين في بروكسل بشأن العراق.
بينما أكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك في حديث نشرته أمس مجلة «تايم» الاميركية انه اذا تم التوصل الى نزع سلاح العراق «فسيكون ذلك ناجما الى حد كبير عن الوجود العسكري الاميركي على الارض»، مجددا رفضه صدور «قرار جديد» عن مجلس الامن الدولي. وتابع ان «افضل خدمة يمكن ان يقدمها صدام حسين لشعبه وللعالم هي ان يتخفى»، مشيرا الى «امكان تحقيق هذا الهدف من دون شن حرب.
إلى ذلك حذر مسئول عراقي كبير دول العالم كافة من مغبة قيام الولايات المتحدة بشن هجوم مرتقب على بلاده على رغم ما وصفه بتعاونها التام مع القرار 1441.
وقال نائب رئيس الجمهورية العراقي طه ياسين رمضان للصحافيين أمس أثناء حضوره احتفال أقيمت في ملجأ العامرية ببغداد «إن إدارة الشر الاميركية ما تزال تدق طبول الحرب على رغم تعاون العراق مع القرار 1441». من جهته صرح نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز بان تدمير مفتشي الاسلحة للصواريخ العراقية من طراز (الصمود) التي ثبت انها تتجاوز المدى المحدد من جانب الامم المتحدة لن يكون مقبولا.
وقال طارق عزيز في حديث خاص لشبكة (سي ان ان) الاخبارية الاميركية أمس ان هذه الصواريخ العراقية تتجاوز المدى المسموح به في قرارات الامم المتحدة (اصلا 93 ميلا) باقل من ستة اميال فقط، كما انها غير مزودة بنظام للتوجيه ولا تمثل تهديدا يبرر تدميرها.
وعلى صعيد التحركات الدبلوماسية العربية، أيد وزراء الخارجية العرب والمبعوثون الاوروبيون الذين اجتمعوا في القاهرة أمس دعم الجهود الدولية لنزع اسلحة العراق سلميا، مطالبين هذا البلد بتعاون اكبر مع فرق التفتيش.
وردا على سؤال عمّا طلب من العراق في اجتماعات القاهرة، قال المتحدث باسم الجامعة هشام يوسف «طلبنا منه مزيدا من التعاون مع المفتشين وتطبيق القرار رقم 1441 للرد على من يريد الحرب». وللمرة الاولى، يحضر الاتحاد الاوروبي ممثلا بوزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي، بصفة مراقب قسما من الاجتماع، كما حضر المفوض الاوروبي للشئون الخارجية كريس باتن.
وشدد باباندريو امام نظيره العراقي ناجي صبري أمس على ضرورة امتثال العراق لمطالب الامم المتحدة الخاصة بنزع اسلحته من اجل تجنب الحرب. من ناحيته قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان وزراء الخارجية العرب لم يتوصلوا حتى الآن الى تحديد موعد انعقاد القمة العربية الطارئة.
وعلى الصعيد نفسه، دعا الرئيس السوري بشار الاسد في اتصال هاتفي اجراه أمس مع رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا اثنار الاتحاد الاوروبي الى اتخاذ موقف موحد من الازمة العراقية. كما تلقى العقيد القذافي اتصالا هاتفيا أمس من رئيس وزراء اسبانيا أحاطه خلاله علما بالاجتماعات التي عقدها الحلف الاطلسي والمجلس الاوروبي وبالاتصالات التي تجري على أعلى المستويات بين اسبانيا واميركا بشأن الموضوع العراقي.
لندن - أ ش أ
قالت صحيفة (اوبزرفر) البريطانية ان الولايات المتحدة الاميركية ستعاقب المانيا بسبب قيادتها للمعارضة الدولية للحرب ضد العراق واوضحت ان الولايات المتحدة ستسحب قواتها وقواعدها من المانيا وستنهي التعاون العسكري والصناعي بين الجانبين في اجراءات ستكلف الالمان خسائر تقدر بعدة مليارات يورو. واضافت الصحيفة في تقرير لها أمس ان الخطة التي ناقشها مسئولو البنتاغون والقادة العسكريون الاسبوع الماضي بناء على اوامر من وزير الدفاع دونالد رامسفيلد تهدف إلى الاضرار بالاقتصاد الالماني وجعل المانيا، التي يعتبر الصقور الاميركيون مستشارها جيرهارد شرودر خائنا، عبرة لمن يحذو حذوها.
وذكرت اوبزرفر ان الصقور فى الادارة الاميركية يعتقدون ان هذا الموقف سيجبر الدول الاخرى التى تعتمد بشدة على التجارة الاميركية على ان تفكر مليا قبل ان تقف موقفا متعارضا مع الاميركيين في المستقبل.
ونقلت الصحيفة عن مصدر اميركي انه يتم اتخاذ هذا الموقف لسبب واحد فقط هو الاضرار بالاقتصاد الالماني، كما اشار مصدر في البنتاغون إلى ان الامر لن يقتصر على عمليات سحب القوات والعتاد العسكري ولكنه سيمتد الى الغاء التعاقدات التجارية والترتيبات المتعلقة بالجوانب الدفاعية
العدد 164 - الأحد 16 فبراير 2003م الموافق 14 ذي الحجة 1423هـ