العدد 169 - الجمعة 21 فبراير 2003م الموافق 19 ذي الحجة 1423هـ

كبار زعماء عصابات المافيا في نيويورك حطّوا رحالهم في السجون

... أما بعد، لقد ذهب الجميع ولم يبق منهم أحد، فبعد انقضاء 70 سنة على المعركة الدامية التي انتهت باتفاق سلمي بين العصابات المحاربة وأدى الى ظهور عائلات المافيا الخمس في نيويورك أصبح رؤوس هذه المنظمات الاجرامية مع بعضهم بعضا لأول مرة.

يقول القائد السابق لقوة عمل الاجرام المنظم رونلاد غولدستوك: «كان هناك وقت لم يكن يدان فيه حتى زعيم واحد، وما حصل هو، رمزيا، مجرد منعطف آخر في الكفاح ضد المافيا».

ولنكن واقعيين. ان زج رجال المافيا في السجون جماعيا - وهذا مؤشر إلى تضاؤل حظوظ عصابات المافيا في بدايات القرن الحادي والعشرين - من شأنه أيضا أن يولد توترا على مستوى الشارع ويخلق مشكلات بين العائلات التي يقول الخبراء انها كانت من النوع الذي يحل في اجتماعات «لجنة» زعماء المافيا الخماسية.

ويقول الكاتب وخبير المافيا هاورد أبادينسكي انه إذا بقي الوضع على حاله فإنه ستحدث مشكلات لا يستطيع «الزعماء بالنيابة» أن يفضوها بسهولة.

وآخر الذين ألقي بهم في السجن هو زعيم عائلة بونانو الاجرامية جوزف ماسينو (60 سنة).

وقد ادين ماسينو في شهر يناير/كانون الثاني الماضي لعلاقته بجريمة قتل وقعت في العام 1981 وهي ذات صلة باختراق مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف.بي.اي) لعائلته بواسطة العميل السري دوني براسكو.

وهناك زعيمان آخران من المافيا في السجن محكوم عليهما بالسجن مدة طويلة، وآخر قيد التوقيف فيما المحكمة تنظر في قضيته، وآخر مسجون ريثما تبدأ محاكمته.

وتشير النائبة العامة روسلين موسكوف إلى أن «اللجنة» ظهرت في أعقاب «حرب كاستيلا ماريزي» في العام 1931 وانتهت باغتيال احد رجال المافيا في مطعم على جزيرة كوني آيلند، وتقول ان انتهاء المطاف لماسينو أمام محكمة فيدرالية في بروكلين متناسب مع منطق الأمور«فالهيكلية التقليدية للاجرام المنظم تم تشكيلها، إلى حد بعيد هنا في بروكلين بالضبط».

على مدى عشرات السنين بعد حرب المافيا عمل زعماء عصابات المدينة بطريقة تملصوا بفضلها من الأحكام المدبرة بالسجن وأداروا عملياتهم غير المشروعة بملايين الدولارات، واتسعت إمبراطوريتهم حتى شملت سوق فولتون للأسماك وصناعة الباطون المسلح ونقل القاذورات.

وبقي السجن مجرد عامل إزعاج صغير. فعندما أدخل فيتو جينوفيزي السجن في العام 1959 لم يكن ذلك الا نتيجة للشرك الذي نصبه له زملاؤه الزعماء بتهمة مخدرات. وتوفي جينوفيزي في السجن - وهذا رحيل غير اعتيادي لزعماء المافيا في جيله.

وكانت حال معاصريه أفضل من المصير الذي آل إليه. فجوزف بونانو، الملقب جوباناناس، توفي في السجن في شهر مايو/آيار الماضي بعد عمر مديد عن 97 عاما.

ومات الثمانيني كارلو غامبينو بأزمة قلبية في العام 1976. ومات تومي لوتشيزي بشكل طبيعي في العام 1967.

وكان هناك آخرون لن تكون لهم «نهايات سعيدة كهؤلاء:

- وريث عائلة عصابة جينوفيزي فينسنت جيغاتني(74 سنة) - الملقب «الحنك» - موجود في السجن لإدانته بالقيام بأعمال عصابات فيما ينتظر المحاكمة بتهمة أنه يدير عائلة جينوفيزي من زنزانته في السجن.

- زعيم عائلة غامبينو بيتر غوتي (62 سنة) لحق بأفراد عائلته إلى السجن مثل أخيه الراحل جون غوتي وابن شقيقه جون جونيور. وقد بدأت محاكمة بيتر غوتي أخيرا بتهمة القيام بأعمال العصابات والابتزاز في ميناء نيويورك.

- وعقد زعيم عصابات كولومبو، الفونس، برسيكو، الملقب «آلي بوي» صفقة مع المدعين العامين الفيدراليين قبل 12 شهرا» اعترف من خلالها بأنه زعيم العصابة وأصبح جويل كاكاسي زعيما بالنيابة - ولكنه ما لبث ان أدان نفسه في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي بتهمة تدبير عملية اغتيال أسفرت عن قتل والد أحد المدعين العامين في قضايا المافيا خطأ.

فيتوريو «فيك» أموزو، الذي يقال انه يتزعم عصابة لوتشيزي محكوم عليه بالسجن مدى الحياة وهو وراء القضبان من دون احتمال الخروج، بعدة تهم جرائم قتل والقيام بأعمال العصابات.

باستثناء جيغانتي هؤلاء ليسوا من الأسماء المشهورة. فماسينو حرص على العمل بعيدا عن الأضواء، وأموزو دخل السجن في العام 1992. وبيتر غوتي وبرسيكو، هذا الأخير هو ابن الزعيم المافيواي ذائع الصيت كارمين برسيكو (الأفعى) - ليس بوسعهما أن يفاخرا سوى بكونهما من صغار رجال المافيا.

والأذكى من ذلك بالنسبة الى العصابات، أن الزعماء يتعاونون الآن مع السلطات القضائية الفيدرالية.فالزعيم بالنيابة السابق لعصابة لوتشيزي جو دي فيدي كان أحد الشهود الرئيسيين ضد غوتي وقد ذكر أنهما التقيا خلال ثمانية اجتماعات عقدتها «اللجنة» بين العامين 1994 و 1998.

ويقول الخبراء ان مثل هذه اللقاءات حدوثها شبه مستحيل حاليا بالنظر الى تشتت الزعامة المافياوية.

ويقول غولد ستوك: «فور أن تضع هؤلاء في السجن لا يعود الى اللجنة وجود كيان.واللجنة آلية وضعت لتسوية الخلافات بين العائلات، والآن ليست هناك آلية للقيام بالعمل».

وبدخول هؤلاء السجن أصبحت المهمة التي بدأت في أواسط الثمانينات منجزة، وذلك بعد أن بدأ المدعون العامون يطاردون زعماء المافيا مسلحين بقانون يسمى قانون «ريكو».

وفي العام 1987 هناك أربعة أصبحوا وراء القضبان.

وبالنظر إلى سيف العقوبات المعلق فوق رؤوس زعماء المافيا لم يعد أفراد القاعدة يطمحون إلى الوصول إلى موقع القمة، والذين يصلون ليسوا من أفضل رجال المافيا وأكثرهم ذكاء.

يقول أبادينسكي: «لو كان شخص مثل بيتر غوتي يدير محل بيع الألبسة الذي يملكه والدك فإنك تصلي لله لكي يمرض ولا يأتي الى العمل»

العدد 169 - الجمعة 21 فبراير 2003م الموافق 19 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً