العدد 172 - الإثنين 24 فبراير 2003م الموافق 22 ذي الحجة 1423هـ

ومطالبات بتشكيل لجنة وطنية مشتركة للتحقيق

حصر 4500 مواطن تعرضوا للتعذيب

طالبت اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب الجمعيات السياسية والأهلية ـ بعد إن حصرت أكثر من 4500 اسم من ضحايا التعذيب ـ بـ «الشروع في التحرك السياسي والشعبي لتوفير الدعم الكامل للجنة والتعريف بها وبقضاياها والعمل على تحريك القوى الشعبية تجاه تبني قضايا الشهداء وضحايا التعذيب من خلال مشاركة الرموز الوطنية والدينية والدعوة إلى المشاركة الشعبية في الفعاليات والاعتصامات السلمية التي تقوم بها اللجنة لتحقيق أهدافها التي تتلخص في تقديم عادل فليفل ومرتكبي جرائم التعذيب إلى محاكمة عادلة غير شكلية وبحضور الجهات الحقوقية الدولية المعنية بمكافحة التعذيب والعمل على رفع الدعاوى القانونية المتعلقة بجرائم قتل الشهداء وما تعرض له ضحايا التعذيب من انتهاك لحقوقهم والسعي لتوفير الدعم المادي والعلاج النفسي والبدني لضحايا التعذيب الذين هم في حاجة ماسة إلى ذلك».

جاء ذلك في الندوة التي أقامها الملتقى الأسبوعي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية بعنوان «ضحايا التعذيب بين الإهمال الرسمي والتحرك الشعبي»، مساء أمس الأول في مقر الجمعية بالقفول.

وبدأ رئيس اللجنة جعفر العلوي حديثه مستعرضا الوضع السياسي والقانوني الخاص بملف الضحايا مشيرا «إلى ان هناك جرائم كبرى ارتكبت بحق العشرات من شهداء الوطن الذين أزهقت أرواحهم بغير حق، وبحق الآلاف من أبناء الشعب الذين تم تعريضهم للتعذيب، بالإضافة إلى محاكمة قسم كبير منهم من غير وجه عدالة من قبل محاكم أمن الدولة، وهذه اللجنة إنما قامت أساسا لتطالب بمحاكمة الذين ارتكبوا تلك الجرائم، وتعويض أسر الشهداء في اعتبارهم شهداء الوطن (أي الاعتراف بهم رسميا)، والعمل على تعويض ضحايا التعذيب ومعالجة المتضررين».

وأشار إلى «أن الجرائم في الحقبة السوداء أبشع واكبر من ذلك فقد جرى ترويع الأهالي وتعريضهم للحصار والمعاملة السيئة وإنقاص حقوقهم بما بشبه حالة التمييز العنصري التي مورست في جنوب افريقيا، والكيان الصهيوني».

واعتبر العلوي «المطالبة بمحاكمة المتهمين بالتعذيب له سنده الديني والدستوري والقانوني المحلي والدولي، إذ لا يمكن الالتفاف على ذلك بأي حال ولو بعشرات المراسيم والقوانين، فالدستور البحريني في المادة 19 الفقرة (د) ينص على «توقيع العقوبة على من يرتكب جريمة التعذيب أو الإيذاء البدني أو النفسي»، كما ان المملكة صدقت على «اتفاقية مناهضة التعذيب» وأصبحت جزءا من تشريعها الوطني.

وأشار العلوي إلى عملية إصدار القوانين لحماية مرتكبي التعذيب «تعتبر حالة متكررة في الكثير من الدول، ـ ونسب الكلام إلى منظمة العفو الدولية ـ التي تقول إن تحت عنوان الإفلات من العقاب المنصوص عليه في القانون هي القوانين التي تمنح الحصانة من المحاكمة للضالعين في ممارسة التعذيب، وهو أكثر أشكال الإفلات من العقاب سفورا».

وقال العلوي: «لقد استُحدث كثير من القوانين التي تضمن الحصانة من الملاحقة القانونية لمرتكبي التعذيب خلال الفترات السياسية الانتقالية، وتتقدمها الحماية من الملاحقة القانونية للأشخاص الذين عرف عنهم أنهم مارسوا التعذيب، إذ تتعارض هذه القوانين مع الإجراءات المماثلة مع القانون الدولي، التي تم سنها قبل إقرار الحقيقة فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبت، قبل تعويض الضحايا وقبل اكتمال العملية القضائية بصدور حكم واضح بالإدانة أو التبرئة».

و أشار العلوي إلى «ثلاثة أسباب أدت إلى الإهمال الرسمي لقضايا الشهداء وضحايا التعذيب وهي عدم احترام الإنسان في العالم الثالث بصورة عامة وضلوع الحرس القديم بكل الجرائم السابقة التي حدثت وهم مسئولون عنها بالدرجة الأولى إذ لا يغيب عنهم ما يحدث من تعذيب وسقوط شهداء، والسعي إلى الحفاظ على مكانة المتسببين في التعذيب والقتل».

وتناول أمين سر اللجنة مجيد ميلاد التحرك الشعبي فيما يخدم قضية الشهداء وضحايا التعذيب، مقسما هذا التحرك لثلاثة أقسام، أولها التحرك الفردي مشيرا «إلى ان هناك نماذج قليلة ولكنها مشرفة في خدمة قضية الشهداء والضحايا، فقد قام بعض الأشخاص وبشكل فردي تبني الاتصال بالمنظمات الحقوقية الدولية ومراسلتهم عبر مختلف وسائل الاتصال، وإيصال تلك الخدمات إلى اللجنة الوطنية، وهذا يدل على الإيمان بعدالة قضية اللجنة الوطنية».

وأما القسم الثاني فهو الجمعيات السياسية والمهنية، وأكد ميلاد «ان اللجنة الوطنية تأسست بفضل جهود وتحركات أهلية وعلى رأسهم (مركز البحرين لحقوق الإنسان) الذين بذلوا وما زالوا يبذلون الكثير من أجل اللجنة، والسعي إلى تقديمها للمحافل الحقوقية والدولية، كما أن هناك جمعية سياسية سبقت اللجنة الوطنية في ملف أسر الشهداء، فأخذت على عاتقها تغطية احتياجات أسر الشهداء والقيام بزيارات ميدانية لهم وتلمس حاجاتهم».

أما القسم الثالث فهو «التحركات الجماهيرية التي سعت اللجنة لاستغلالها من خلال تنظيمها عددا من الاعتصامات».

وتطرق ميلاد إلى الأسباب التي يراها عاملا مهما في التحرك الشعبي وهي الجانب الإنساني إذ إن الشهيد وضحايا التعذيب قضية إنسانية على مستوى العالم ككل، فلذلك تستدعي انتباه الأحرار في العالم بغض النظر عن الدين والعرق والموقع بالإضافة إلى الجانب الديني، مؤكدا أن «الشعب البحريني يعيش في مملكة إسلامية، وللشهداء موقع خاص في المنظور الإسلامي ومن هذا المنطلق تخرج الجماهير وتتفاعل معهم بشكل كبير»، وأما عن أهم الجوانب التي يراها ميلاد في الجانب التضحوي الحقوقي فتأتي في أن «الشهيد وضحايا التعذيب لم يقوموا بهذه التضحيات إلا من أجل الوصول إلى ما نحن وصلنا إليه الآن، بالإضافة إلى عدالة المطالب التي سقط من اجلها الشهداء، والمظلومية التي شعر بها الكثير من الشعب البحريني».

وفي ختام حديثه أشار ميلاد إلى أن «اهتزاز الثقة بين الشعب والحكومة يرجع إلى سببين هما الأزمة الدستورية التي تعيشها البلاد وإهمال ملف الشهداء وضحايا التعذيب».

واعتبر نائب رئيس اللجنة عبدالرؤوف الشايب «ان أهم الأسباب التي دفعتهم إلى تحريك هذا الملف هو قرار العفو عن مرتكبي جرائم التعذيب بصدور قانون بمرسوم 56 والذي كان من أثره عودة فليفل». وأشار الشايب إلى «ان هناك من يلوح بأن العفو عن مرتكبي الجرائم يقابله العفو عن الذين قاموا بحوادث شغب تسببت في الإخلال بالأمن، إلا انه لا يمكن مقارنة الجلاد بالضحية والمهاجم بالمدافع، ومتى كان سجناء الرأي مذنبين حتى يتم العفو عنهم؟»

العدد 172 - الإثنين 24 فبراير 2003م الموافق 22 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً