أثارت الكلمة التي ألقاها رئيس الاتحاد العام لعمال البحرين عبدالعفار عبدالحسين عبدالله إعجاب المشاركين في مؤتمر العمل العربي الذي ينعقد في تونس في الفترة ما بين 24 فبراير/ شباط و3 مارس/آذار، واعتبروها إحدى الوثائق المهمة الصادرة عن المؤتمر نظرا لما احتوت عليه من معلومات وجرأة في الطرح والتحليل وأهمها:
فيما يتعلق بالسياسة العمالية في الوطن العربي التي تمر بمرحلة ما يسمي «عنق الزجاجة»، ذلك ان ثمة معطيات تؤكد تأزم الوضع العمالي في المنطقة العربية، إذ احصاءات الهجرة في ازدياد على رغم القوانين الصادرة عن الدول الأوربية والبلدان المستقبلة للعمالة، وإذ يتواصل التردي في الاقتصادات العربية بصورة لم يعد من الممكن استمرار السياسات العمالية بهذه الطريقة التي تلخص كيفية إهانة الإنسان العربي وتجبره على الهجرة سعيا للقمة العيش أو هربا من القمع او بحثا عن فرصة عمل تتوافق مع تخصصه.
وأشار الى ان الهجرة العمالية تعبر عن مأزق الاقتصادات العربية والتي وصفها تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة حديثا بأنه الأردأ إذا استثنينا جنوب الصحراء... أي ان النمو الاقتصادي هو نمو سالب الأمر الذي أدى إلى وجود بطالة تصل إلى 14 في المئة حسب تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية... فثمة بطالة تصل إلى 12 في المئة، في حين يؤكد تقرير صادر عن منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا ان معدلات البطالة تصل الى 25 في المئة في البلدان العربية ما عدا دول مجلس التعاون الخليجي التي تواجه اليوم تحديات تزايد أعداد العاطلين عن العمل. وقياسا للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تتناسل كالفقر إلى درجة ان الانسان العربي مستعد لركوب المخاطر هربا من وطن لم يوفر له أية أساسيات للعيش الكريم. فالعمل أصبح مطلبا غالي المنال، والكرامة أضحت في أدنى مستوياتها، ما يجبر مئات الآلاف من الشباب العربي على التفكير بالهجرة الى مواقع يعتقدون انها تحترم انسانيتهم، لا يهابون ركوب الصعاب وتعريض حياتهم للغرق والموت في بطون البحار.
وأكد ان الوطن العربي أمامه تحديات كبيرة، فلم يعد بالإمكان الصمت على الفساد الإداري والمالي واستباحة المال العام، واحتكار الاقتصاد لدى القلة، فيما الغالبية تعاني من أزمات وعدم قدرة على استمرار حياتها الكريمة. فقد بلغ التسرب في الموازنات العامة نسبا مرعبة، وبلغ التهاون واحتقار عقلية المواطن العربي إلى درجات وجدت فيها الدوائر الغربية منافذ للهجوم ومبررات لضربنا وتحطيم بنيتنا التحتية.
واستشهد عبدالغفار بالبحرين مثالا وقال: حسب تصريح ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نواجه بطالة نسبتها 15 في المئة، في بلد تشكل فيه العمالة الأجنبية أكثر من 62 في المئة من إجمالي العمالة، ان هذا الإقرار من قبل السياسة في البحرين يشكل خطوة مهمة في طريق معالجة هذه الأزمة، وهذا مؤشرو دليل صدق وأمانة يتحلى به سموه والمطلوب منا عربيا ان ننتهج مثل هذا النهج من الشفافية والصدقية في العمل. كما تعاني السوق العمالية العربية من تناقض وتضارب المعلومات، وانعدام الشفافية وعدم الإفصاح عن حقيقة حجم أعداد العمالة الأجنبية وظاهرة التأشيرات الحرة (فري فيزا) التي استفادت وتستفيد منها فئة قليلة على حساب العمالة المواطنة».
وقال: ان البحرين ودول مجلس التعاون يعانون من استيطان للعمالة الأجنبية، وتغيير في الديموغرافيا السكانية ما يسبب أزمات وأمراضا اجتماعية وضغوطا من المجتمع الدولي لتحسين ظروف هذه العمالة التي تأتي غالبيتها من جنوب شرق آسيا، بل والمطالبة بحقوق الإقامة الدائمة لها.
إذ أضحت العمالة الأجنبية مستوطنة في بلادنا وتصل أعدادها في دول مجلس التعاون الى أكثر من عشرة ملايين شخص، بينما يشير تقرير المدير العام الى وجود عشرة ملايين عاطل عربي عن العمل، أي 14 في المئة بطالة سافرة.
وقال: ان الاقتصادات المتمتعة بالصحة تعتمد على المنشآت الصغيرة والمتوسطة في توفير فرص العمل الجديدة، وهذا يتطلب شفافية وإفصاحا وقواعد معلومات تفتقرها المجتمعات العربية.
لذلك، فإن وجود استراتيجية عربية لتنمية القوى العاملة، تصبح أكثر من ضرورة، بل هي حاجة ملحة للحفاظ على كرامتنا وعلى وجودنا واستقلاليتنا من التدخلات الأجنبية، وخصوصا الأميركية منها، في صوغ مستقبلنا.
وأشار عبدالغفار الى ان الحركة العمالية البحرينية تدخل مرحلة جديدة مع صدور قانون النقابات العمالية في الرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، إذ بدأ التشكيل النقابي في مختلف المواقع الإنتاجية تمهيدا لعقد المؤتمر العام الأول المزمع تنظميه خلال الشهور القليلة المقبلة. لقد حقق عمل البحرين الخطوة الأولى في طريق حلمهم الذي ناضل من أجله الرعيل الأول، وها هو الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين يتجسد على أرض الواقع في عهد الإصلاح الذي دشنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتدخل الحركة العمالية مرحلة النقابات العمالية الحرة المستقلة والموحدة في إطار الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين
العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ
شكر خاص
اشكركم على هذا الموضوع الجميل