العدد 179 - الإثنين 03 مارس 2003م الموافق 29 ذي الحجة 1423هـ

«صناديق سوداء» تزرع في الجسم وترصد الحوادث التي تطرأ عليه

تقدم أجهزة تسجيل المعطيات على الطائرات، والتي تسمى الصناديق السوداء. وصفا لما حدث بعد وقوع كارثة ما. والآن تتكاثر أجهزة طبية هي بمثابة صناديق سوداء تعمل داخل الجسم البشري، مع فارق انها تستعمل لمنع الكوارث صحيحة. ومع ان هذه الاجهزة لا تزال في مرحلتها المبكرة، الا ان السوق تنشط للمسجلات القابلة للزرع في الجسم، وهي أجهزة صغيرة تتبع عمل مختلف اعضاء جسم الانسان.

قبل خمس سنوات أماطت شركة Medtronic Inc اللثام عن أول جهاز تسجيل أو رصد، قابل للزرع مخصص للافراد الذين يتعرضون لنوبات اغماء عامضة. ومع ان هذا الجهاز كان سلعة عادية بالنسبة إلى الشركة الضخمة التي تصنع أجهزة تنظيم ضربات القلب، واستعادة الخفقان الا انه شكل انجازا كبيرا يوفر للاطباء معلومات اشمل عن الاثر على قلب الشخص المعرض للاغماء.

وباعت الشركة حتى الآن أكثر من 25,000 جهاز تسجيل يبلغ طول الواحد منها 5 سم ويزن غرامات قليلة. ويوضع الجهاز في عضلة الصدر، اذ يبقى لعدة ايام احيانا ويسجل نشاط القلب في دورات مدتها 45 دقيقة.

وعندما يستفيق المريض ويشفى من حادث الاغماء يوقف المريض جهاز الرصد بنفسه، وبعد ذلك يستطيع طبيب او ممرضة تفريغ المعلومات بجهاز استقبال لاسلكي خاص وبعيد تشغيل دورات التسجيل.

وثمة اجهزة زرع اخرى قيد الصنع تتبع ضغط الدم وضربات القلب، وقابلة للزرع في داخل القلب نفسه.

وأصبح جهاز التسجيل الذي صنعته شركة «مدترونيك» وسمي Reveal مفيدا لأشياء تتخطى الاغماء. روبرت ويلوبي (71 سنة) زرع في صدره جهاز تسجيل قبل سنتين وهو يعاني من ضمور في عضلة القلب، وهو حالة عضلية تفاقمية تؤدي عادة الى اضطراب ضربات القلب.

وحاول ويلوبي ارتداء جهاز تسجيل ضربات خارجي لرصد حدوث اشياء عادية في القلب. الا ان الجهاز الكبير شكل له ازعاجا. اما جهاز الرصد المزروع، فهو يظل في حالة ترقب متواصلة لتسجيل وتخزين 13 حدثا غير عادي - باعتباره حدا أقصى - تحدث خلال دورة الـ 45 دقيقة. ويتم تفريغ المعلومات المخزنة في المسجل خلال زياراته الفصلية للطبيب.

وبعد مرور سنة على زرع الجهاز لويلوبي سجل حادث خفقان تجويفي، وهو اضطراب في الضربات يمكنه احتمال الاصابة بنوبة دماغية. وقد وصف له الطبيب أدوية لتمييع الدم. وتحسنت نوعية التشخيص للاشخاص الذين يتعرضون لنوبات اغماء غير متكررة فور نزول مسجلات «مدترونيك» الى الاسواق. ويقول برايان لي وهو احد مخترعي الجهاز ان الاقبال شديد على الجهاز من قبل المرضى، وخصوصا من المحبطين الذين يعكر الاغماء صفو حياتهم، لأنهم لا يستطيعون قيادة سياراتهم او القيام بالأعمال الروتينية.

ان جهاز ريفيل هو نقطة البداية لأجهزة التسجيل القابلة للزرع في الجسم، اذ يتيح التقدم الحاصل في ميدان التكنولوجيا اللاسلكية والانترنيت لصانعي اجهزة الرصد الاخرى، مثل اجهزة تنظيم ضربات استعادة الخفقان، اضافة ميزات جديدة الى سلعهم.

وباشرت «مدترونيك» ومنافستها شركة Blotronik Inc لبيع مثل هذه الاجهزة في السنة الماضية. ويأمل الاطباء ان تساعدهم تلك الاجهزة القابلة للزرع على معالجة المرضى بكلفة أدنى وزيارات أقل للمستشفيات.

ويفكر المخترعون بتطوير اجهزة قابلة للزرع قادرة على رصد الضغط في ادمغة المرضى المصابين بهشاشة العمود الفقري الذين يحتاجون الى وصلات تصريف السوائل. وبالنسبة إلى المصابين بالكساح الرباعي (شلل الاطراف الاربعة) الذين فقدوا الحساسية في المثانة، يستطيع جهاز مزروع ان يصدر اشارة عندما يحين موعد التبول.

ويقول الطبيب الكندي جورج كلاين الذي طلب من «مدترونيك» مساعدته لتطوير جهاز ريفيل: «نظريا، يمكنك ان ترصد اشياء كثيرة اخرى مثل ضغط الدم ومستوى السكر في الدم. لديك جهاز يقوم بتسجيل كل انواع المعلومات البيوكيميائية والفيزيولوجية التي يمكن بثها الى احد المراكز الطبية او الى اجهزة اخرى مزروعة في الجسم».

وستباشر شركة Data Sciences International Inc الصغيرة في مينيابوليس تجاربها السريرية خلال السنة الجارية بأجهزة تسجيل تستطيع ان ترصد ضغط الدم داخل القلب نفسه.

وتتسابق هذه الشركة التي صنعت اجهزة رصد قابلة للزرع في الحيوانات مع شركة «مدترونيك» لانتاج اجهزة مخصصة لمرضى هبوط القلب.

وأحرزت هذه الشركة تقدما ايضا على صعيد استشعار الضغط وتكنولوجية التغليف. فأجهزة الزرع، مثل منظمات ضربات القلب، تغلف عادة بمادة التيتانيوم، فيما ستعتمد «داتا ساينسز» على مواد تغليف مصنوعة من السيراميك.

وسيكون لأول جهاز تنتجه الشركة محطة رئيسية أساسية لقراءة الاشارات اللاسلكية التي ترسلها اجهزة رصد ضغط الدم المزروعة. ويتم وصل هذا الجهاز بمخرج للهاتف ليبث المعلومات الى طبيب المريض.

ويعمل الجهاز المنافس الذي تصنعه «مدترونيك»، ويدعى «chronicle» بطريقة مشابهة، وهو الآن قيد التجارب السريرية.

وبالنسبة إلى الكثيرين من الاطباء تمثل الاجهزة القابلة للزرع ملاذا اخيرا. فقليلون منهم كانوا يؤمنون انه ينبغي استخدام الاجهزة للتشخيص، وهم يفضلون زرع الاجهزة لاصلاح المشكلات فقط، على غرار ما تقوم به اجهزة تنظيم ضربات القلب والخفقان.

الا ان النجاح الذي حققه ريفيل لشركة «مدترونيك» حمل الكثيرين من هؤلاء الاطباء على اعادة النظر في مواقفهم

العدد 179 - الإثنين 03 مارس 2003م الموافق 29 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً