في ظل حضور خجول للإعلام الرسمي لتغطية فعاليات موسم عاشوراء، كما يصفه المسئول عن قناة البث المباشر الإلكترونية حسين يوسف، وحضور لافت للجاليات العربية والأجنبية في هذه التظاهرة، سجلت عاشوراء الحسين، مع تدشين قناة البث المباشر الإلكترونية، أنماطا غير تقليدية في التعبير عن موسم عاشوراء في البحرين، وأنجزت قدرا كبيرا من التواصل مع الفعاليات الخارجية، من خلال تغطيتها لمحاضرات الشيخ الوائلي في دبي، واستقبالها مكالمات هاتفية من الإمارات والكويت وغيرها من المناطق، وبثها كلمة يومية باللغة الإنجليزية عن المناسبة، مخصصة للجاليات الأجنبية بالتحديد.
واستطاعت هذه القناة أن تعيد الحيوية لدور المثقفين، وتخلق له تنميطا شعبيا، يوازي المواكب والمسيرات العزائية، من خلال البرنامج المفتوح الذي تبثه هذه القناة تحت عنوان «حوار المثقفين». ومثل ذلك فعل المرسم الحسيني الذي استطاع أن يجذب هذا العام مجموعة من الفنانين التشكيليين من بريطانيا واندونيسيا والجاليات العربية الأخرى، ممن وجد في الصورة تعبيرا يخترق حاجز اللغة، ويوصل الرسالة من دون عناء.
وبلغة الأرقام، ذكر المسئول عن قناة البث المباشر «حسين يوسف» أن الإقبال على فعالية «عاشوراء الحسين في البحرين» فاق توقعاتنا واستعداداتنا أيضا، وفوجئنا بأن العدد الذي يشاهد القناة قد وصل «175 ألف» متابع، ويستهلك من البيانات ما مقداره «170 جيجا بايت»، قبل أن ينتصف عاشوراء. وتبدأ الفعالية الكبرى وهي «البرنامج المفتوح» الذي سيبدأ بثه ابتداء من ليلة الثامن، وسيقوم ببث مباشر للفعاليات العزائية، وحوارات مباشرة مع المثقفين عن عاشوراء، وهذا ما جعلنا نحتاط بشكل أكبر، ونزيد في قدرة الموقع الاستيعابية.
وعن المناطق التي يغطيها البث أشار يوسف إلى أن قناة البث المباشر تتخذ من المنامة مركزا رئيسيا لها، على مساحة قطرها 4 كيلومترات، لتغطية كل الفعاليات في العاصمة، وتمتد لتشمل 13 منطقة في البحرين، من المحرق حتى مدينة حمد وداركليب، لتغطي الفعاليات المقامة في هذه المناطق.
وبشأن أسباب نجاح هذا المشروع، أوضح يوسف أن السبب يعود إلى أن المؤسسات الثقافية والسياسية والدينية، استطاعت أن تتعرف على كيفية تطويع خدمة البث المباشر لتحقيق أهدافها، خصوصا مع وجود تجربة ناجحة تتمثل في تغطية مختلف الفعاليات الدينية والسياسية طوال عهد الإصلاح، ما أعطانا جرعة كافية للبدء بهذا المشروع الضخم، بالتعاون مع فعاليات قائمة في الساحة، وتمارس أنشطتها وفعاليات بشكل تلقائي، مضيفا «أعتقد أن المؤسسات بدأت تستشعر بشكل أكبر أجواء الانفتاح، وبدأت تمارس حريتها في طرح قضاياها، وهي في الوقت نفسه تجس النبض لتفجير طاقات كامنة فيها كانت قبل مكبوتة ومقموعة».
وبخصوص البرنامج المفتوح الذي ستبثه القناة في أواخر عاشوراء، أشار المتحدث إلى أن البرنامج بدأ فعالياته قبل ذلك في شهر رمضان الفائت، في ثاني بث لنا للمسيرات العزائية، إذ كان الحادث تحت عنوان «شهيد المحراب» وقد حرصنا على أن تخصص لقاءات وكلمات معدة باللغة الإنجليزية، واستقلبنا عددا من المكالمات الهاتفية من الكويت والإمارات تثني على هذا العمل وتشيد برقي المراسم الحسينية، خصوصا بعد قيام قناة المستقلة ببث حوارات السنة والشيعة. أما في هذا الموسم فسيشمل اللقاء المفتوح حوارات معدة مع المثقفين، وأخرى مباشرة للتعليق على المسيرة العزائية، بغية توصيل صورة واقعية عما يجري في مواسم عاشوراء من فعاليات.
وعلى صعيد الإعلام الرسمي والصحافة، وجه يوسف نقدا لاذعا لتلفزيون البحرين معتبرا إطلالته على موسم عاشواء هذا العام «إطلالة خجولة»، وإن كانت أكثر تطورا من العام السابق، مؤكدا أن «تلفزيون البحرين توجد به طاقات قادرة على تغطية المناسبة ومواكبتها بشكل أفضل»، كما انتقد الصحافة واصفا إياها بالتنافس على نقل عاشوراء كما تراها هي، وأنها تحمل وجهة نظر قطاع معين، ولا تحمل وجهة نظر واقعية عن عاشوراء، داعيا إياها لممارسة الدور الإعلامي قبل الثقافي والتنظيري».
وعن جديد موسم عاشوراء هذا العام، أكد حسين أن الانفتاح قد فعل فعله في صبغ عاشوراء بأنماط جديدة للتعبير، فبالإضافة إلى تدشين القناة الإلكترونية بشكل أكبر من السابق، وظهور المرسم الحسيني للعام الثاني على التوالي، فقد بدا العنصر المؤسساتي واضحا وجليا في هذا الموسم، من خلال النتاج الفكري المطبوع والمرئي، والمتمثل في كثرة الكتيبات والمنشورات التي تنتمي إلى مختلف الجمعيات الدينية والثقافية والسياسية، كما أن قضية عاشوراء أصبحت محل نقاش وحوار في المنتديات الخاصة، من خلال طرح الإشكاليات المتعلقة بالقضية، ما أعطى دلالة على حرية في مساحة التعبير حتى داخل الوسط الديني.
وكشف يوسف عن تواجد لافت للجاليات العربية والأجنبية، مشيرا إلى أنهم شهدوا انطلاقة قناة البث المباشر، وحضروا فعاليات المرسم الحسيني، وسجلوا انطباعات مهمة ومريحة عن موسم عاشوراء في البحرين.
وعن انطباعاتهم عن موسم عاشوراء في البحرين، قال يوسف: «كان أول لقاء لنا معهم في المرسم الحسيني، إذ تواجد في المرسم فنانون تشكيليون من بريطانيا واندونيسيا، ومن الجاليات العربية أيضا، كما قاموا بزيارتنا في موقع البث المباشر، وشهدوا معنا انطلاقة بث القناة الإلكترونية، وقد تحاورنا معهم بشأن مختلف المظاهر الموجودة في البحرين في موسم عاشوراء، فعبروا عن سعادتهم بهذه المراسم، وأكدوا لنا أنهم بحاجة لوجود موسم عاشوراء في بلدانهم، كما هو في البحرين، وخصوصا أن بعضهم يشهد هذه المراسم للمرة الأولى».
وأضاف : «ومن انطباعاتهم بشأن مراسم عاشوراء، أنهم يعتقدون أن مراسم عاشوراء تتتجاوز الأجواء الكرنفالية إلى حال الممارسة اليومية، ذلك لأن الأجواء الكرنفالية تكون مخصصة لطوائف معينة، ومحددة بمساحة جغرافية صغيرة، لكن عاشوراء في البحرين توجه عامٌ نحو مشروع وفعاليات كبيرة لا تختص بطائفة، فنبذ الظلم، واحترام حقوق الإنسان، والدعوة إلى العدالة، هي شعارات إنسانية عالمية، لا يستطيع الإنسان إلا أن يقف أمامها إجلالا».
وفي ذات الموضوع، ذكر يوسف أنهم لاحظوا أن هذه الفعاليات لكل الفئات العمرية في المجتمع، وأن ممارسة الشعائر عملية تلقائية، وأكبر من البعد العاطفي، كما أبدوا اهتماما خاصا بالمرسم الحسيني، معتبرين أن الفن والإبداع والرسم التشكيلي هو تفجر للطاقات إثر صراع وشعور عميق ومركز يعيشه الإنسان.
إلا أن يوسف كشف من خلال مرافقته لبعض الجاليات أن بعضها، لازالت تعد ما يحدث من مراسم عاشوراء في البحرين، أمرا غامضا لعدم وجود تواصل إعلامي رسمي وشعبي بها لتعريفها بالمناسبة، مضيفا « على سبيل المثال لا الحصر، فإن التغطية الإعلامية التي يقوم بها تلفزيون البحرين هذه الأيام لموسم عاشوراء، لا تبث على القناة الإنجليزية، فغالب الفعاليات المقدمة هي لذر الرماد في العيون، أو أن المستفيد منها هو الجاليات العربية فقط».
وفي ختام حديثه معنا، قال يوسف: «إن عاشوراء الحسين مفجرة للطاقات المبدعة، ويجب أن تخرج هذه الفعاليات من إطارها التقليدي، فتطوع وتطور كل الأساليب المشروعة من أجل خدمة قضية الحسين. وأرى أن الكثير من المؤسسات لم تستطع أن توصل رسالتها إلا إلى جمهورها، ولكن لعل كثرة هذه الفعاليات وانتشارها في جميع أنحاء البحرين، جعلها تصل إلى قطاع أوسع من الناس، إلا أننا بحاجة إلى التمرد على الإطار التقليدي لنبدع في أجواء الحسين»
العدد 186 - الإثنين 10 مارس 2003م الموافق 06 محرم 1424هـ