أحالت الكوميديا السوداء كل الأوسمة وعبارات التمجيد المحيطة بالفلاح العراقي علي عويد منقاش، الذي أسقط مروحية الأباتشي الأميركية، بحسب الرواية الرسمية العراقية، إلى مادة ثرية للكثير من التعليقات عبر الرسائل النصية القصيرة التي يتم تبادلها عن طريق الهواتف النقالة.
فقد نسي الناس التعليقات على صفارات الإنذار، وتلوعات المحبين، والرسومات الداخلة في نطاق «الأدب» والخارجة عنه، وكذلك وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف وعباراته الخارجة عن قاموسهم اليومي، وانكبوا على إشباع «منقاش» وأسطورته المرتبطة بالأباتشي بالتفنن في تقليب هذه القصة يمنة ويسرة.
ويبدو أن للاسم الغريب للرجل، والمأخوذ من إحدى الأدوات المطبخية، وكذلك هيئته، دورا كبيرا في إطلاق هذا الكم من التعليقات التي لم تخلُ من ظُرْف، في الوقت الذي تتعرض فيه عاصمة المأمون والرشيد إلى غزو بجحافل لم تشهدها على مر التاريخ، وبنوعيات من الأسلحة لم تعهدها حتى في السنوات التي دخل فيها العراق الحرب تلو الأخرى.
يقول الكثير من الناس، إن الأمر لا يعدو خللا أصاب المروحية فهبطت اضطراريا، في الوقت الذي كان «منقاش» يطلق فيه النار عليها، فتوهم - أو هكذا أراد الإعلام الرسمي - أنه هو من أسقط الطائرة بسلاحه العتيق «الكلاشينكوف»، رمز حروب العصابات، وحركات التحرر. فكان من بين هذه الرسائل: «أطلقت صفارات الإنذار في الكويت، لأن منقاش استيقظ من النوم»، «سحب الجيش الأميركي غواصاته من الخليج، فمنقاش نزل «يحدق»، «للاستفسار عن سقوط أية أباتشي، يمكن مراجعة ٍُك.منقاش.ٌٌٌّّّ، «الصحاف يصرح: إحباط محاولة أميركية حقيرة لاختطاف منقاش لاستنساخه»، «للبيع: هليوكوبتر أباتشي فول أوبشن، معرض كربلاء للمعدات الزراعية»، وغيرها من التعليقات التي تراوح بين التهكم على القدرات الأميركية، أو على إسقاط الفلاح لفخر مروحيات الآلة العسكرية الحديثة.
الحرب الانجلو - أميركية على العراق بدأت على شاشات الهواتف قبل أن تبدأ في سماوات بغداد، فكانت الرسائل في البداية الدعاء بنصر العراق، وتوحيد الدعاء، والصلاة، أو السخرية من كل من حكام العراق والولايات المتحدة، ولكن هناك «شهوة» أخرى في ابتداع الرسائل النصية القصيرة التي تلاحق الحرب ساعة بساعة، بغية الخروج منها بمواد تصلح للتبادل، وتبعث على الضحك أحيانا.
إن كان اليوم هو يوم «منقاش»، فلسرعان ما سيختفي اسمه غدا في انتظار «بطل» جديد للرسائل الهاتفية
العدد 209 - الأربعاء 02 أبريل 2003م الموافق 29 محرم 1424هـ