العدد 211 - الجمعة 04 أبريل 2003م الموافق 01 صفر 1424هـ

تحف نادرة للإينكا معروضة في متحف بيبادي في كونكتيكت

كونكتيكت - دايان سكاربوني 

04 أبريل 2003

بعد أيام من التجوال في أدغال البيرو في العام 1911 عثر حيرام بينغهام على أحد أعظم الكنوز الأثرية في العالم الجديد، وهو لم يع أهمية ما عثر عليه.

زار متحف بيبادي للتاريخ الطبيعي في جامعة يال محظوظون أكثر منه - فالمتحف نظم أكبر عرض تشهده الولايات المتحدة عن شعب الإينكا ومستوطنته الجبلية الغامضة التي تدعى ماتشو بيكتشو.

والحال أن بينغهام، المؤرخ، كان يبحث عن «المدينة الضائعة» الأسطورية للإينكا عندما اكتشف ماتشو بيكتشو.

وقد استنتج الباحثون العصريون في يال أن ماتشو بيكتشو كانت قصرا «ملكيا» يستخدمه أفراد نخبة الإينكا لتمضية عطلاتهم مع اشتداد البرد في عاصمة الإينكا في الصيف.

وتوصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج من دراستهم للأواني الخزفية والمنسوجات وأغراض الزينة المكتشفة في المقابر ومن دقة نحت الحجارة المذهلة المستعملة في بناء المجمع.

ويقول عالم الآثار ريتشارد برغر المدير السابق للمتحف: «لدينا فكرة أوضح بكثير عن المستوطنة التي أنشأها الإينكا. والقول ان المكان هو مقام ملكي منطقي تماما».

ويضم المعرض مئات من القطع الفنية ومعظمها لم يعرض على الناس من قبل، إضافة إلى فيلم قصير ومجسم صغير للمستوطنة وأغراض تعكس الحياة اليومية للاينكا.

وسيبقى المعرض في متحف بيبادي حتى الرابع من شهر مايو/أيار المقبل ومن ثم يتنقل إلى لوس أنجليس وبيتسبرغ ودنفر وهيوستن وشيكاغو.

بينغهام ومساعدون قاموا بثلاث رحلات إلى المستوطنة بين العامين 1911 و1915 وقطعوا الأشجار وكشفوا عن تحف فنية في مقصورات مخصصة لدفن الموتى تعكس الحياة الراقية والمتنوعة التي عاشها الإينكا قبل الغزو الإسباني.

ويقول برغر ان بينغهام كان مؤرخا وليس عالم آثار لذلك توصل إلى بعض الاقتراحات الخاطئة عما كانت تمثله ماتشو بيكتشو.

المباني الحجرية في ماتشو بيكتشو كانت جميلة ورائعة مثل القصور الملكية في العاصمة كوزكو ووفرت المؤشر الأول إلى أن المستوطنة لم تكن مدينة إينكا عادية.

وقد درست عالمة الآثار البيروفية لوسي سالازار الأواني الخزفية والتحف الفنية الأخرى واكتشفت أن قطعا كثيرة جاءت من بعض الأنحاء البعيدة في أميركا الجنوبية ومن ثقافات اختلطت مع الإينكا وخدمت الإمبراطور.

وتقول سالازار ان المشغولات الحجرية والمنسوجات والأواني الخزفية زينت بنقوش ورسوم هندسية مخصصة للعائلة الملكية للإينكا. فثمة معطف عثر عليه في الموقع مصنوع من صوف حيوان فيكونا المتوحش - ولم يكن يسمح لغير الحاشية الملكية بارتداء ألبسة مصنوعة من ذلك الصوف.

الحاكم الأول للإينكا الذي حمل اسم باتشاكوتي بنى المستوطنة حوالي 1450. وكان باتشاكوتي هذا الاسكندر الأكبر بالنسبة إلى أميركا الجنوبية وامتدت امبراطوريته من جنوب كولومبيا إلى أجزاء من الأرجنتين والتشيلي.

وفي ماتشو بيكتشو كان الامبراطور وذريته وأقاربه يأتون للاستجمام هربا من البرد القارص صيفا في العاصمة ويستمتعون بالمناظر الجبلية الخلابة ويشاركون في الطقوس الدينية. وكان هناك مرصد فلكي في المستوطنة يراقب به الفلكيون الظواهر السماوية.

وتقول سالازار إن القصر بني ليتسع لعدة مئات - وليس الآلاف من الأشخاص الذين كانوا يقيمون في كل مدينة من مدن الاينكا. ولم تكن هناك مزرعة في المستوطنة ولذلك كانت المؤن تأتي بالقوافل من المناطق الريفية.

أما الإسبانيون الذين كان اهتمامهم ينصب على الذهب والفضة وليس حضارة الإينكا، فلم يذكروا الكثير عن ماتشو بيكتشو في يومياتهم. ولهذا السبب يعتقد الباحثون أن ماتشو بيكتشو في يومياتهم. ولهذا السبب يعتقد الباحثون أن ماتشو بيكتشو بدت مكانا غامضا بعض الشيء.

ولم يعثر بينغهام ومرافقوه على نماذج لمشغولات الإينكا الذهبية والفضية في ماتشو بيتشكو، فكل الأغراض المعدنية كان قد تم صهرها في شكل سبائك وشحنها إلى إسبانيا. إلا أن متحف بيبادي استعار بعض نماذج مصنوعات الإينكا من متاحف في مدن أخرى.

وتشمل المعروضات الفنية الجميلة تماثيل صغيرة لحيوان اللاما وحيوانات أخرى من الفضة وكؤوس شرب من الفضة كانت تستعمل في الطقوس الدينية لاحتساء بيرة مصنوعة من الذرة التي كانت تلعب دورا رئيسيا للشعب. ويضم المعرض بعض البراميل الخزفية والأواني الأخرى لتخزينها وشربها.

وفي مقابر ماتشو بيكتشو عثر رجال بينغهام على دبابيس للشالات مصنوعة بشكل مراوح ذات مشابك طويلة لتثبيت أغطية الرأس مصنوعة من الفضة ومعادن أخرى. كما عثروا على أغراض أخرى للاستعمال اليومي كقدور الطبخ والصحون والأدوات والألعاب - بينها ما يشبه حجارة النرد.

وهجرت ماتشو بيكتشو حوالي العام 1545 مع وصول الغزاة الإسبانيين لغزو بلاد الإينكا. وفر سكان المستوطنة إلى العاصمة أو إلى الأدغال المجاورة هربا من الموت.

ويقول برغر: كانت ماتشو بيكتشو مثل تاج محل. كانت تعبيرا عن الثروة والقوة لمجموعة واحدة من الناس، ولم تعد قادرة على الصمود فور ان خسر هؤلاء قوتهم وثروتهم

العدد 211 - الجمعة 04 أبريل 2003م الموافق 01 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً