العدد 187 - الثلثاء 11 مارس 2003م الموافق 07 محرم 1424هـ

الوضع الحالي والمستقبلي للمياه الجوفية في البحرين

أبوصيبع - عقيل الصيبعي 

تحديث: 12 مايو 2017

أثر موقع البحرين الجغرافي تأثيرا مباشرا في سيطرة الظروف المناخية الجافة على البحرين، إذ المناخ الصحراوي المتميز بارتفاع درجة الحرارة طوال العام وقلة الامطار التي قلما يزيد متوسطها العام على 77 ملم، وتتميز الامطار في البحرين بالتباين الكبير من سنة إلى أخرى وعدم انتظامها. لذلك لا يمكن الاعتماد عليها مصدرا رئيسيا للمياه في البحرين.

ولذلك كان الاعتماد قديما في البحرين على المياه المتدفقة طبيعيا عبر 15 عينا في اليابسة و24 عينا في البحر - والتي تعرف باسم الكواكب - وحفر أول بئر ارتوازية في البحرين سنة 1925، إذ بداية الاعتماد على المياه الجوفية المستخرجة.

وتتوافر المياه الجوفية في البحرين من خزان جوفي رئيسي هو خزان الدمام الذي يمثل جزءا صغيرا من الخزان الجوفي الواسع الامتداد وهو الخزان العربي الشرقي الممتد من صحراء الدهناء إلى المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية والبحرين، ويلبي خزان الدمام ما نسبته 75 في المئة من المياه الكلية المطلوبة في البحرين.

ويعود تكوين الدمام إلى العصر الايوسيني الاوسط وله مكاشف عند الساحل الشرقي السعودي وفي قطر وفي مناطق متعددة من الربع الخالي، وتمتد تكشفاته حتى العراق. ويبلغ أقصى سمك له قرب الدمام، ويتألف الخزان (التكوين) من خمس طبقات: اثنتان هما الحاملتان للمياه، وهما طبقة العلاة وهي الطبقة العليا وطبقة الخبر وهي الطبقة السفلى، وتتكون الطبقتان من الحجر الكلسي والحجر الكلسي الدولومايتي والمارل، وتفصل بينهما طبقة من المارل.

وقد تسببت زيادة الطلب على المياه في زيادة واضحة في عدد الآبار في البحرين، وخصوصا في الفترة ما بين 1975 و1985 إذ يطلق على هذه الفترة فترة زيادة الطلب.

عدد الابار في البحرين في الفترة ما بين 1924 و1990

ويرجع الكثير من الدارسين اسباب زيادة الطلب في هذه الفترة إلى:

- نمو عدد السكان في هذه الفترة بزيادة تقدر بـ 60 في المئة.

- تطور مستويات المعيشة، نتيجة الطفرة الاقتصادية في هذه الفترة.

- تغير نوع السكان من تقليدي إلى حديث.

- المرافق الترفيهية الحديثة التي ظهرت في هذه الفترة واستنزفت الكثير من المياه.

زيادة الطلب على المياه كما اشرنا ادت إلى زيادة عدد الآبار... الذي يعني زيادة السحب، ويعبر عن هذه الزيادة في السحب باسم السحب غير الآمن، إذ بلغت كميات المياه المستخرجة من الطبقات الجوفية سنة 1995 إلى ما يقارب 218 مليون متر مكعب، في حين ان الحد الآمن للسحب من الخزان لايتجاوز 100 مليون متر مكعب في السنة وهي الكمية المتدفقة من الجانب السعودي في حال التدفق المستقر.

التغير النوعي والكمي للمياه الجوفية:

تسبب السحب غير الآمن للمياه الجوفية في تملح المياه بمعدلات عالية في مناطق البحرين كافة، فنجد أنه في سنة 1992 اختفت المناطق التي كانت تتوافر فيها مياه جوفية تقل نسبة الملوحة فيها عن 2500 مليجرام/لتر، في حين كانت تغطي مساحة تتجاوز 17 كيلومترا مربعا سنة 1965، وفي المقابل نجد أن المياه التي تزيد نسبة ملوحتها على 6000 مليجرام/ لتر تغطي مساحة تقدر بـ 5 كيلومترات مربعة سنة 1965 فأصبحت تغطي 75 كيلومترا مربعا سنة 1992.

إلى جانب السحب غير الآمن للمياه الجوفية، هناك الكثير من العوامل أدت إلى المساهمة في التغير النوعي وخصوصا مثل عمليات الدفان في مساحات واسعة من البلاد التي فتحت الكثير من الابار على مياه البحر، وكذلك أدى الانتشار الواسع لمزارع الالبان في الجانب السعودي إلى تقليل المياه المتدفقة نحو البحرين.

هذا التغير النوعي والكمي له الاثار الواضحة في المجال الزراعي خصوصا، ونوعية المياه الموصلة إلى منازل المواطنين. وأدى ارتفاع نسبة الملوحة في المياه الجوفية إلى بوار الكثير من مزارع البحرين، كما حدث في جزيرة سترة التي هجرها المزارعون في السابق نتيجة ارتفاع نسبة ملوحة المياه إلى أكثر من 5000 مليجرام/ لتر. وكذلك المياه الموصلة بمنازل المواطنين فانها غير صالحة للشرب، إذ ان معظم ما يصل إلى منازل المواطنين حاليا هو مياه محلاة مضاف اليها بعض المواد الحافظة.

ويرى الكثير من الدارسين أن خطر المياه لن يقف عند هذا الحد، فالزيادة السكانية والزيادة في المشروعات التنموية ستؤدي إلى ارتفاع الطلب على المياه الجوفية، فإذا كان اجمالي الطلب على المياه الجوفية العام 1998 حوالي 240 مليون متر مكعب، فإنه من المتوقع ان يصل سنة 2005 إلى 315 مليون متر مكعب، وقد يصل إلى 400 مليون متر مكعب سنة 2010.

هذه الارقام المخيفة في اجمالي الطلب على المياه تهدد بخطر مائي في البحرين، سيكلف الحكومة مبالغ طائلة في انشاء محطات التحلية التي لا تغطي سوى 20 إلى 25 في المئة فقط من اجمالي الطلب على المياه. وهي تحتاج كذلك إلى وعي وطني بأهمية المحافظة وترشيد استهلاك المياه.

المصدر: تقييم الموارد المائية المتاحه وأوجه الاستخدام في البحرين، مبارك النعيمي 199





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً