ان تفضل اصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون في القمة الرابعة عشرة باقرار تشكيل مركز التحكيم التجاري باعتباره مؤسسة قانونية خليجية هو عمل محمود. فهو مؤسسة تهتم بتنمية وسائل التحكيم التجاري لفائدة القطاع الخاص الخليجي وتعزيز جهود النظام القضائي الخليجي وبما يخفف الضغوط عنه، لما في ذلك من اهمية. وهو خطوة تستحق الاشادة لما لها من ضرورة استراتيجية كونها تعبر عن رؤية صائبة وبُعد نظر حضاري وحرص على عوامل الوحدة والتلاحم الخليجي من جهة وعلى تعزيز كل ما يؤدي الى توفير ضمانات احقاق الحقوق ازاء التعاملات التجارية، وما يوفر الضمانات الكافية لتشجيع الاستثمارات الخارجية. فالمستثمر الخارجي يستطيع ان يجد في خدمات المركز ضمانات كبيرة لحماية حقوقه إذ يستطيع اللجوء الى التحكيم واعتماد آلية عالمية يمكنه من خلالها توضيح دفعاته والاستعانة بخبراء عالميين ان دعت الحاجة لتوضيح وجهة نظره في اية منازعة قد تنشأ.
ان وجود مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون هو ضمان اكيد لحل المنازعات التجارية المحلية والاقليمية او الدولية اذا ما كانت جميع الاطراف راغبة في ذلك. واللجوء للتحكيم هو وسيلة متعارف عليها في ارجاء العالم بديلا للتقاضي امام المحاكم.
ان غرفة التجارة والصناعة باعتبارها مؤسسة عريقة تعلم كيف كان ارباب التجارة والاعمال التجارية يحكمون كبار التجار وشخصيات السوق والوجهاء لفض المنازعات. وكانت احكام امثال هؤلاء الوجهاء نافذة باعتبارهم خبراء في ادارة الاعمال التجارية. واليوم تحولت اعمال التحكيم الى نظام متكامل يعلم كل طرف كيف يستفيد منه لحماية حقوقه وصيانة مصالحه. ولقد بات التحكيم التجاري اليوم جزءا مكملا للنظام القضائي وان يكن يتميز عنه ببساطة اجراءاته وسهولة ادارة هيئاته والدور المباشر للاطراف المتنازعة المباشرة في التوصل الى تسوية بشأن مواضيعه. لكن ذلك لا يعني بأي حال بأن التحكيم ليس علما ومعرفة ودراية. بل على العكس فقد بات العالم كله اليوم يعرف اهميته ودوره في فض المنازعات والتوصل الى حلول مرضية للطرفين بل ان التحكيم باعتباره علما من علوم القانون، بات يدرس في الجامعات والمعاهد ويتخصص فيه الكثيرون.
رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة البحرين
العدد 194 - الثلثاء 18 مارس 2003م الموافق 14 محرم 1424هـ