قال رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري: «إن الشعب البحريني لديه الحق في أن يقول إنني انتفضت فإنني موجود» معتبرا ان على الشعب البحريني التمسك بحقوقه التي ضحّى من أجلها خلال السنوات الماضية وان النتيجة حصول الشعب على حريته وعلى الجميع ان يتعامل مع الشعب على انه شعب حرّ « فنحن لا نفهم لغة الاستبداد».
جاء ذلك في إحياء ذكرى يوم «السبت الأسود» مساء أمس في قرية بني جمرة الذي يصادف مطلع ابريل/نيسان من العام 95، وشهدت القرية الحصار الدامي وفرض الإقامة الجبرية على سماحة الشيخ عبدالأمير الجمري وعائلته وإخلاء المنطقة المحيطة بمنزله ما أدى إلى خروج الكثير من أهالي القرية بعد أذان الفجر في ذلك اليوم وسقوط شهيدين هما الشهيد محمد عبدالرزاق والشهيد محمد عطية وبتر رجل محمد العرب وجرح أكثر من 40 شخصا.
وقال رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان: «إنه لابد من وجود روح طيبة من المؤسسات الحكومية تقابلها روح أخرى مماثلة من مؤسسات شعبية» حتى يمكننا تجاوز الكثير من المشكلات التي أوجدت في العهد السابق من ضحايا وشهداء ومعذبين وأسر حرمت من كافلها ولابد من «الاعتراف بأن الشهداء شهداء وطن وتعويضهم وتعويض أسرهم وكذلك إعادة كل المفصولين من أعمالهم ومعالجة المتضررين من تلك الفترة» حتى يتسنى للطرفين نسيان الماضي والمشكلات التي خلدها التاريخ وتسيير العملية الإصلاحية من اجل مصلحة البحرين».
بني جمرة - هاني الفردان
دعا رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان إلى تضميد جروح الماضي، وقال: «لابد من وجود روح طيبة من المؤسسات الحكومية تقابلها روح أخرى مماثلة من القوى الشعبية حتى يمكننا تجاوز الكثير من المشكلات التي أوجدت في العهد السابق ضحايا وشهداء ومعذبين وأسرا حرمت من كافلها»، وأضاف «لابد من الاعتراف بشهداء الوطن وتعويضهم وتعويض أسرهم وكذلك إعادة كل المفصولين عن أعمالهم ومعالجة المتضررين من تلك الفترة حتى يتسنى للطرفين نسيان الماضي والمشكلات التي خلدها التاريخ وتسيير العملية الإصلاحية من اجل مصلحة البحرين».
جاء ذلك في إحياء ذكرى «يوم السبت الأسود» مساء أمس والذي يصادف الأول من ابريل /نيسان من العام 1995، والذي شهدت فيه القرية حصارا حديديا، وتم فرض الإقامة الجبرية على الشيخ عبدالأمير الجمري وعائلته، وإخلاء المنطقة المحيطة بمنزله مما أدى إلى خروج الكثيرين من أهالي القرية بعد أذان الفجر في ذلك اليوم للاحتجاج على «القبضة الأمنية» كما صورها عضو المجلس البلدي في المنطقة عمران حسين، والذي ألقى كلمة بالنيابة عن أسر الشهداء، صور فيها مشاهد ذلك اليوم بقوله «لا نريد أن نقلب في الماضي بأكثر مما نريد أن نظهر الحقيقة التي أراد الزمن أن يخفيها، ولكن الله أراد لها البقاء».
وقد أقيم الاحتفال في جامع زين العابدين في قرية بني جمرة بحضور حشد من الجماهير.
وأضاف أنه «مرت تسع سنين عن تلك الواقعة التي ارتبطت باسم القرية، والتي عاش فيها أهلها ساعات من الويلات والآلام، إذ كان الهدف هو حصار منزل الشيخ وأهله، ولكن لا يمكن أن يتم ذلك إلا بعد عن يخرج كل من في المنازل المحيطة بمنزله، وأنا واحد من هؤلاء، إذ خرجت مع أسرتي من دون أن نأخذ معنا أي شيء، وبقينا في العراء مع تلك الجموع التي ملأت الساحة بسياراتها ورجالها».
وأشار عمران إلى انه بعد أذان الفجر حدثت الواقعة وخرج الناس ليتجمعوا في الساحة المقابلة لمنزل الشيخ الجمري للاحتجاج على حصاره، وراح ضحية هذه الواقعة اثنان من أبناء القرية وهما الشهيد محمد عبدالرزاق والشهيد محمد عطية، وبترت رجل محمد العرب الذي تعرض لكمية كبيرة من الرصاص، كما نقل الكثيرون من أبناء القرية إلى المستشفيات بعد إصابتهم بالرصاص المطاط والغازات المسيلة للدموع، بعد ذلك شهدت القرية حصارا دام 15 يوما يفتَّش فيها كل من يدخل أو يخرج منها.
وقال: «تبقى ذكرى (يوم السبت الأسود) خالدة في أذهان كل من عاشها أو سمع عنها، وعار على جبين من لهم صلة بما جرى».
وتطرق رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، في كلمته بهذه المناسبة إلى طرح أهم مميزات الحركة المطلبية التي شهدتها فترة التسعينات، ولخصها في ميزتين أولاهما: ان الحركة المطلبية «منابعها محلية، وتحركاتها نابعة من أرض البحرين ومن مشكلات أهل البحرين ومن طموحاتهم، وان نسبة التأثر بخارج البحرين معدومة لأنها نابعة من صلب المجتمع نفسه».
معللا ذلك بأن هذه الحركة «طالبت بمطالب لا يستطيع أحد أن ينكر عدالتها وشرعيتها منذ العريضة النخبوية في العام 1992 والتي وقعها ستمئة شخص تقريبا، والعريضة الشعبية التي شارك فيها الكثيرون من أبناء الشعب، وحتى الانتفاضة الشعبية في العام 1994 كانت تطالب بإعادة الحياة النيابية ودستور العام 1973، والسماح للشعب بمشاركة السلطة في اتخاذ القرار، وأن السلطة لم تملك أية حجة أو جواب يُسقط عدالة هذه المطالب، فلجأت دائما إلى حرف القضية والعمل على تشويهها ببعض الأعمال ووصفها بالعمالة للخارج وغير ذلك».
وأضاف أن الكثير من أبناء هذا الوطن استطاع مواجهة «الجلادين» بتأكيدهم على نهجهم وخطهم ومطالبهم الشرعية وإصرارهم على الاستمرار في الحركة، وتقديم الكثير من التضحيات في سبيل تحقيق المطالب.
وأشار سلمان إلى الميزة الثانية التي كانت تتميز بها حركة التسعينات وهي «سلميتها في حركتها»، وقال: «إن سلمية الأساليب كانت توقع السلطة في ارتكاب بعض الأفعال، وتحريك بعض الجهات لافتعال الحوادث التخريبية من حرق وتكسير، كما اننا لا ننكر أن بعض الشباب قد انجر وراء ذلك، ولكن كان من منطلق الدفاع عن النفس».
واعتبر سلمان استخدام القوة في مواجهة الحركة السلمية بمثابة «عمل مشين ووصمة عار لن تمحى أبدا لاتخاذ القسوة في مواجهة عرائض شعبية ونخبوية ومسيرات وتجمعات ومواجهتها بالرصاص والاعتقال» واصفا الأمر بأنه «لا مثيل له في الكثير من الدول التي تبادلها المعارضة بالمثل من أعمال تخريب وقتل وغيرها».
وقال: «إننا اليوم ومن خلال ذكرى (يوم السبت الأسود) ندعو إلى تجاوز هذه الحدود بشكل واقعي وموضوعي، وأن نطوف على كل الجروح التي تسببت فيها تلك الفترة، والنظر فيها والعمل على تضميدها من خلال إعطاء كل ذي حق حقه، والاعتراف بالشهداء كشهداء الوطن، وتعويض الأسر المتضررة والمعذبين وغيرهم، وإن استمرار هذه الجروح سيؤدي إلى الكثير من المشكلات، ومن أهم هذه الجروح مشكلة التجنيس والبطالة والتمييز الطائفي، ولابد من العمل على حلها حتى لا تبقى الجروح مفتوحة، وألا يبقى الشك في قلوب الناس، وذلك من أجل أن يعيش الجميع بسلام، وعلى الجميع إن يفكروا بنيات مخلصة لمصلحة البحرين».
كما ألقى رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري كلمة بهذه المناسبة صور فيها كيف أستقبل نبأ «المصيبة» التي حلت على القرية من خلال المكالمات التي كانت تصل إليهم في لندن من بعض «الجنود المجهولين» الذين كانوا يعملون على إمداد المعارضة في الخارج بكل ما يجري في البحرين عن طريق الاتصالات الخارجية واستخدام أجهزة الفاكس.
وأضاف الجمري انه كان يظن أن عملية الحصار لا يمكنها أن تقع في نهايات القرن العشرين، إذ انها ـ بحسب قوله ـ أساليب تعود إلى القرون الوسطى، «إذ يحاصر جنود السلطان المناطق والقرى لتجويعها حتى الموت، ولم نتوقع أن يحدث ذلك على أرض البحرين وأن يستخدم لحصار أهالي قرية بحرينية».
وأشار إلى ان النبأ جاءهم من «أحد الأصدقاء» عبر مكالمة هاتفية لتخبره عن فاجعة بانتشار رجال الأمن بشكل كبير في القرية وأن أصوات الرصاص كانت تدوي في أنحاء القرية، وعن سقوط أكثر من 40 جريحا، وبعد نصف ساعة وفي مكالمة أخرى أخبر عن سقوط شهيدين وبتر رجل لأحد الأشخاص.
وقال إنه في الوقت الذي سبق «الانتفاضة الشعبية»، كان هناك من يعتقد أن أهل البلاد لا قيمة لهم، أو أنهم «أدنى من الصفر» بحسب تعبيره، إلا أن الانتفاضة قلبت الموازين وأعادت ترسيم العلاقات، والنظر إلى أبناء الشعب وهمومهم بشكل مختلف، ساعد كثيرا على الوصول إلى الوضع الراهن الأكثر تطورا مما كان عليه الوضع في السنوات التي سبقت الانفتاح.
وأضاف الجمري «إن الشباب استطاعوا أن يدحروا تلك العقلية التي لا ترحم والتي لا تستطيع أن تركع هذا الشعب الأصيل الذي يطالب بحقوقه، والنتيجة إننا اليوم أحرار في هذا البلد، وقد أثبت العالم الصغير الذي نحن فيه للعالم الكبير وجوده في كل المحافل الدولية وأن كل من يحاول إعادة قانون أمن الدولة سنذكره بذكرى الأول من ابريل 1995».
واعتبر الجمري ما يحدث في العراق نتيجة «لعدم وحدة قواه المعارضة وتلاحم الشعب (...) فالشعب البحريني استطاع أن يخط طريقه ويصل إلى كل ما وصل إليه نتيجة وحدته وتلاحم صفوف شعبه في المواجهة والمطالبة بكل حقوقه».
وقال: «إن ما لدينا في البحرين يعد تجربة رائدة على رغم صغرها، وهي التي تتحدث عن التكامل والتكاتف والاستعداد للصمود والتضحية في سبيل المبادئ التي يطالب بها الشعب»
العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ