العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ

من العمل الميداني والبحث الأكاديمي إلى السجن

تمت تبرئة الناشط الحقوقي وأستاذ علم الاجتماع سعدالدين ابراهيم من جميع التهم الموجهة اليه وذلك بتاريخ 18 مارس/ آذار 2003، وقد تم اعتقال إبراهيم في المرة الأولى في العام 2000 مع 27 عضوا من أعضاء مركز البحوث الذي يرأسه «مركز ابن خلدون للدراسات الاجتماعية»، بتهمة «تشويه سمعة مصر واختلاس أموال من الاتحاد الأوروبي وتسلم مبالغ من جهات خارجية من دون ترخيص».

كان مركز ابن خلدون يركز اهتمامه على الأزمة المتصاعدة في القضاء المصري الذي يفاخر باستقلاله عن انظمة القضاء الأخرى في منطقة الشرق الأوسط. في العقد الماضي ومع استخدام النظام المصري قانون الطوارئ المعمول به منذ عقود عدة وذلك لقمع الجماعات الاسلامية، كانت هناك ثلاثة انواع من المحاكم التي يعمل بها في مصر وهي محاكم أمن الدوله ومحاكم الطوارئ والمحاكم العسكرية. وعندما اعتقل فيه سعدالدين في صيف العام 2000، أصبحت هذه المحاكم هي المعتادة للقضايا ذات الأهمية العالية.

وقد قامت محكمة أمن الدولة، وهي الأقل صرامة بين المحاكم الثلاث، بالحكم على إبرهيم مرتين بالسجن لمدة سبع سنوات. وهو الحكم الذي ألغته محكمة النقض العليا مرتين بعد أن تولت القضية في الجلسة الاستئنافية الأخيرة، إذ برأته من جميع التهم.

يقول إبراهيم للصحافيين بعد صدور الحكم بالبراءة: «اعادت هذه المحكمة لي ايماني بالعدالة في المحاكم المصرية، وهذا الحكم يؤكد وجوب الغاء محاكم أمن الدولة لأنها وصمة عار على جبين مصر».

وكانت قضية سعدالدين إبراهيم بمثابة الشرارة التي دفعت القضاة الى الكتابة عن القضاء المستقل.

يقول إبراهيم: «كان للقضية تأثير على المجتمع المدني، فقد قامت بعض المنظمات غير الحكومية بإيقاف نشاطاتها او بتقليلها. اما في الاعلام، فقد بدأ الحديث يصبح صريحا عن هذا الموضوع، ما أدى الى بروز الكثير من الأشخاص وخصوصا بعد ان شهدوا الدعم العالمي للقضية».

في البداية كان الدعم الشعبي لسعدالدين إبراهيم ضعيفا وكانت اخبار القضية تنشر على صفحة اخبار الجرائم في الصحف وهو الأمر الذي ادى الى تشويه سمعته، لكن بعض المثقفين المصريين دعموه علانية، ربما لصلته بدوائر مقربة للحكومة المصرية ولمعرفته الشخصية بعائلة الرئيس، إذ انه كان قد قام بكتابة الكثير من الخطب لسيدة مصر الأولى سوزان مبارك كما انه كان قد أشرف على بحث الماجستير لها، هذا عدا عن انه قام بتدريس ابنها جمال الذي بدأ نجمه يلمع الآن في السياسة المصرية.

ويعتقد البعض ان انتقاد ابراهيم القادة العرب الذين يهيئون ابنائهم لتولي السلطة، قد يكون سبب وقوعه في هذه المشكلات. فقبل يوم واحد من اعتقاله كان قد كتب مقالة في صحيفة عربية حذر فيها من مخاطر «الجوملوكية» وهو مصطلح ابتكره من المزج بين كلمتي «جمهورية» و«ملكية». ويقول ابراهيم إنه لن يعارض الآن صعود جمال مبارك إذا كان ذلك سيؤدي الى إصلاحات ديمقراطية.

اما فيما يتعلق بنشر الديمقراطية في المنطقة فان إبراهيم رحب بأية مبادرة في هذا المجال سواء كانت محلية أو أوروبية أو أميركية، على أن يتم ذلك بطريقة استراتيجية لا تكتيكية.

قضى إبراهيم عامين في العراق في منتصف السبعينات إذ كان يعمل على برنامج لتحديث الدولة التي كانت تعتبر حينها من الدول النامية، وقد التقى بصدام حسين مرات عدة، والذي اعجب به في ذلك الوقت، وهو يقول الآن «حين أستعيد ما حدث، أرى انني ساهمت في الكارثة التي حلت على العراق فيما بعد ولكن من غير قصد، وذلك لدوري في استقطاب كبار العلماء والمهندسين الى بغداد».

سعدالدين ابراهيم يعمل حاليا على كتابة سيرته الذاتية وكذلك كتاب آخر يتحدث فيه عن الشهور التي قضاها في السجن، برفقة أشهر سجناء مصر السياسيين الاسلاميين.

ويأمل سعد الدين ان يتمكن من إعادة افتتاح مركز ابن خلدون ليواصل عمله. ولكن أولوياته الآن هي صحته التي بدأت تتدهور خلال فترة سجنه

العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً