إن للإيمان لذة وحلاوة لا يضاهيها شيء على هذه الأرض ولا تأتي تلك اللذة إلا لمن كان ربُّه أحب إليه من كل شيء، فالذي يفضل شيئا من الأشياء على ربه لا يعد من عباده المخلصين الأوفياء.

ونحن إذا ما ذكرنا الحب تتراود إلى أذهاننا التضحية. فالحب حال قلبية لا تدركها الأبصار وليس لشغف القلب به مؤشرا أو دليلا. والرجل لا يستطيع أن يدّعي بالقول إنه عاشق لحبيبته حتى يترجم حبه عمليا في وقت التضحية والإيثار وإلا فإنه لا يعتبر محبا.

إن من يحب الله سبحانه وتعالى يحبه الله وإذا أحب الله عبدا ملأ قلبه حبا له. وهذا الحب إذا ما ارتفع أريجه إلى عنان السماء أحب أهلها ذلك العبد والذي إذا انتشر عبيره في أقطاب الأرض أحبه كل من عليها من مخلوقات من إنس وحيوانات وطيور ووحوش.

وقد قال رسول الله (ص): إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.

إن ذكر الله سبحانه وتعالى يجلب إلى الذهن حقيقة واحدة وهي أنه عز وجل يحب خلقه. أو ليس من مظاهر حبه أنه أوجد ما لا يعد ولا يحصى من أسباب ليتمتع خلقه بالحياة فأمر الأرض بأن تخرج الثمار باختلاف أنواعها وألوانها، وأمر الشمس بالقضاء على الملوثات البيئية بأشعتها الساطعة لئلا يصاب الناس بالأمراض، وأمر القمر بتحلية الثمار بضوئه الهادي ليتفكرالناس في الثمار الحلوة اللذيذة، وأمر الرياح بالهبوب ليتوفر الأكسجين العنصر الأساسي لبقاء الحياة، وبسط الأرض فلا هي صلبة بما يعسر على المرء المشي فتتورم قدماه ولا رخوة فتغوص فيها قدماه. ومن دلائل حبه سبحانه وتعالى أنه ألزم الطبيعة بإنماء خلقه بقدر موزون معين، وخلق نظاما يحميهم من حر الشمس المحرقة. ولتوعية خلقه بهذا النظام بعث من الرسل والأنبياء ما يبلغ عدده 24000 نبي. وما أعظم وأجل من إرساله الحبيب المصطفى (ص) رحمة للعالمين!

ومن دلائل حبه أن غرس في قلب الأم الحب لرضيعها بحيث لا تتوانى عن تغذيته بكل قطرة من دمائها.

وإذا أحب الله عبدا أراد منه أن يحب الله فقد قال النبي عن الذي يحب أخاه بأنه قد عظّم ربه.

وقد قال تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» (آل عمران:31)

فلا تتم محبة الله عز وجل ولا يتحقق قبولها إلا باتباع رسوله (ص) فلا تقبل أية دعوة من دعوات محبة الله إلا إذا ما اقترنت بمحبة رسوله الكريم.

محمد تقي