العدد 1585 - الأحد 07 يناير 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1427هـ

تواعدت مع زوجها لشرب الشاي على البحر... فالتقاها في المشرحة!

ثاني حادث من نوعه في أسبوع ينتزع أمّا من رضيعها البكر

كانت زينب علي رضي على موعد مع زوجها جعفر عبدالله، لشرب الشاي على ساحل أبو صبح بعيد صلاة المغرب من مساء السبت الماضي، وفعلا لم تخلف زينب الموعد المرتقب وتم اللقاء في الزمان ذاته، إلا أن المكان كان أمام مشرحة مجمع السلمانية الطبي على وقع أنين الرحيل وليس على وقع هيجان الموج على البحر! لتغرب شمس ذلك اليوم آخذة معها امرأة كانت على الأعتاب الأولى من أبواب الحياة الزوجية، ولاتزال أمامها قائمة طويلة من الأحلام والطموحات لم يترك لها الأجل فرصة لتحقيق اليسير منها، كما كانت للتو أنجبت مجتبى طفلها البكر رفيقها في حادث الموت الذي عاش في بطنها أكثر مما عاش في حضنها, ومضت تاركة، الزوج، والابن، ومواعيد الشاي على البحر، وكل شيء!

زينب ذات الستة والعشرين ربيعا المدرسة في مدرسة أم سلمة الإعدادية للبنات كانت في زيارة لبيت والديها في قرية سماهيج وبرفقتها رضيعها مجتبى الذي لم يبلغ أربعة أشهر من عمره بعد، إذ اعتادت على زيارة «العائلة» في يوم إجازتها السبت، ومع انتهاء اليوم وبعد أن قضت بعض الاحتياجات مع أختها الوحيدة، قررت زينب كعادتها العودة إلى بيت زوجها في قرية كرانة, هذا ما أفصح به زوجها في بداية لقاء «الوسط» به يوم أمس الأحد.

أثناء الحديث معه، كان الزوج لا يقوى على النهوض، إذ كان مستلقيا وإلى جنبه ابنه مجتبى، الذي كان ينظر إلى الوجوه الشاحبة من الحزن باستغراب, وكان يوزع نظراته على المحيطين به, وكأنه يريد أن يسأل: لماذا تبكون؟ غير مدرك أنه أحقهم بالبكاء، وأنه أكثرهم مصابا, وأشدهم تضررا، وأن أكثر البكاء الذي يمر على سمعه, شفقة عليه, ورحمة به!

يقول الزوج جعفر الذي كان يتحدث مع «الوسط» وهو مستلق بعد أن أضعفه الحزن على زوجته العروس «كان الاتصال الأخير بيني وبين أم مجتبى قبيل أذان المغرب بدقائق, وأخبرتني في هذه المكالمة أنها جهزت الشاي, وبعض المكسرات، استعدادا للخروج في نزهة قصيرة على ساحل أبو صبح، وأنها ستخرج من بيت والدها بعد صلاة المغرب».

انتهت المكالمة التي أجراها جعفر مع زوجته زينب, ليبدأ الانتظار الذي كان أطول من المسافة ما بين قريتي سماهيج وكرانة، لذلك بدأت أنامله تتحرك على حبات الهاتف وأعاد الاتصال بها ليستفهم منها عن سبب هذا البطء الذي لم يعتد عليه عندما يقطع معها موعدا! إلا أن زمن الرنين ينتهي، وتنتهي المكالمة بجملة تظهر لجعفر على شاشة الهاتف وهي «لم يتم الرد»، ويكرر الاتصال مرة ثانية وثالثة ورابعة ولا رد أيضا وهكذا حتى بلغ عدد محاولاته أكثر من خمس عشرة محاولة والإجابة لم تتغير «لم يتم الرد» هنا قام بالاتصال ببيت والدها ليسأل والدتها: هل خرجت زينب؟ وكان الجواب المقلق: نعم خرجت منذ ساعة! وحينها بدأ قلب جعفر في الخفقان، وكلما مر الوقت كانت دقات قلبه أسرع من دقات الثواني على ساعة يده، وكل دعائه أن يكون المانع في عدم الرد خيرا!

بعد فشل تلك المحاولات في الاتصال لم يجد جعفر سبيلا إلا أن يخرج بسيارته بحثا عن سبب تأخر الزوجة ورضيعها! ولم تكن المسافة بين كرانة وبين الجواب الذي ينشده جعفر طويلة، فما أن صعد على جسر السيف حتى لاحت له أنوار سيارات المرور, وكلما اقترب من موقع الحادث اتضحت ملامح سيارة زوجته الكامري الذهبية، حينها أوقف سيارته على جانب الطريق، وهرع مسرعا نحو السيارة التي كان بينها وبين أن تهوي من على الجسر أدنى من قوسين، وكان النصف الأول منها منتهيا, إلا أن ذلك كله لم يكن جوابا شافيا لجعفر، فالسيارة كانت خالية من زينب ورضيعها! وكان الزجاج يغطي مقعد مجتبى في الخلف! فسأل أحد شرطة المرور عن حال الاثنين فأخبراه أن الطفل لم يصب بسوء, وأن أمه تعرضت لإصابة بسيطة في الرأس، الأمر الذي لم يُقنع جعفر وخصوصا بعد أن عاين السيارة التي تغيرت معالمها!

غادر جعفر موقع الحادث إلى مجمع السلمانية الطبي في سيارة الأمن, وعندما وصل إلى هناك تبين أن حالة زوجته حرجة جدا, أما مجتبى فكان بصحة جيدة أخذه ليعانقه عناقا طويلا, ولم يعرف جعفر بعد أن عليه أن يقوم منذ هذه اللحظة بدور الأب والأم معا، وأن الموعد مع شرب الشاي تغير إلى موعد مع الموت, وبينما جعفر ينتظر ما يطمئنه على حالة زوجته زينب حتى حل النبأ المؤلم على رأسه كالصاعقة التي لايزال وحتى لحظات لقاء «الوسط» به يحاول إقناع نفسه بها.

الحادث المروري الذي وقع على «جسر السيف» وأودى بحياة زينب وهي في منتصف العقد الثاني من العمر، كان الثاني من نوعه خلال 7 أيام فقط، إذ فقد زوجان بحرينيان حياتهما معا في حادث مماثل على شارع منتزه عذاري قبل أسبوع، وتم القبض على الخليجي المتسبب في الحادث بعد فراره، أما المتسبب في حادث زينب وهو خليجي أيضا فسيمثل اليوم أمام القضاء.

ولا يقتصر هذا النوع من الحوادث على هذين الحادثين الأخيرين فقط، بل هناك عشرات الحوادث التي يتسبب فيها خليجيون وأجانب سنويا وتروح ضحيتها عشرات الأنفس البريئة، هذا ما أنهى به جعفر حديثه لـ«الوسط» وهو يحترق على عمر زوجته الذي أهدره تهور من لا يعبأون بأرواح الآخرين، حتى يصل بهم التهور إلى الفرار غير آبهين بما يخلفونه من مآس، وما أكثر من كانوا سكارى خارج وعيهم من المتسببين في مثل هذه الحوادث، فهل ستقف الجهات المعنية وقفة مراجعة حقيقية, لوضع الحلول الناجعة، حفاظا على أرواح الأبرياء مثل زينب وغيرها ؟.

العدد 1585 - الأحد 07 يناير 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً