العدد 1610 - الخميس 01 فبراير 2007م الموافق 13 محرم 1428هـ

محامون يرونه مخالفا لقانون تعيين السلطة القضائية

آراء متباينة بشأن حكم إلغاء التعيينات القضائية

تباينت ردود أفعال القضاء الواقف (المحامون) بشأن حكم المحكمة الإدارية الأخير القاضي بإلغاء قرار تعيينات مساعدي النيابة العامة، وهو الحكم الأول من نوعه في تاريخ المملكة.

فبعض المحامين أيد الحكم موضحا أنه بني على أسباب قوية لا يمكن دحضها، أو الطعن فيها بسهولة، مشيرين إلى أن ذلك الأمر يعود إلى المدعين الأربعة الذين اجتهدوا في تقديم الدعاوى والرد على دائرة الشئون القانونية التي كانت تدافع عن وزير العدل السابق محمد علي الستري.

أما آخرون فقد اختلفوا مع من سبقهم، متوقعين أن تلغي محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة وهي المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم، مرجعين ذلك إلى أن القانون لم يشترط في توظيف المواطنين أن يكون المتقدم لشغل الوظيفة حاصلا على أي درجة من الدرجات، وإنما اكتفى (القانون) بحمل المواطن لتك الشهادة التي تؤهله لشغل المنصب القضائي.

إلا أن القضاء الواقف اتفق على أن حكم المحكمة الإدارية يعتبر سابقة في تاريخ البحرين، كما أنه يسجل لنزاهة القضاء واستقلاليته، ويؤكد الرقابة القضائية على السلطة التنفيذية، إضافة إلى أنه يعطي مجالا أرحب في الاجتهاد وتقديم الخبرات.

«الوسط» تابعت موضوع التعيينات القضائية في النيابة العامة منذ البداية، التي ابتدأت عند تظلم المدعين الأربعة من قرار التعيين ولجوئهم إلى وزير العدل السابق محمد علي الستري إضافة إلى النائب العام علي فضل البوعينين، إضافة إلى النائب المنتهية ولايته والمحامي فريد غازي لرفع ظلامتهم وحل مشكلتهم، ولكن من دون جدوى ما حدا بهم إلى اللجوء للقضاء.

وهنا تعرض «الوسط» استقراء لبعض آراء المحامين بشأن حكم المحكمة.

الحواج: القانون لم يشترط الحصول على درجة الجيد

المحامية فاطمة الحواج قالت: «إن قانون السلطة القضائية في تعيين القضاء لا يتطلب الشروط التي طرحتها النيابة العامة، بل يتطلب أن يكون المتقدم حاصلا على درجة البكالوريوس وأن يكون قد عمل في الجهة القانونية لمدة سنتين أو مر عليه فترة تدريبية قانونية لمدة سنتين».

ولم يتطلب القانون أن تكون درجة البكالوريوس «مقبول» أو «جيد»، كما لم يتطلب أن تكون الشهادة صادرة من جهة معينة، فكل ما يتطلبه القانون أن تكون الشهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم وأن يكون المتقدم لشغل الوظيفة بحريني الجنسية.

وأضافت الحواج ان غالبية المتقدمين تنطبق عليهم الشروط القانونية في التعيين للسلطة القضائية، ووكلاء النيابة العامة يعتبرون جزءا من السلطة القضائية وتنطبق عليهم هذه الشروط القانونية، وإذا طرحت النيابة العامة في إعلانها المنشور في إحدى الصحف المحلية أن يكون المتقدم لشغل منصب وكيل نيابة حاصلا على درجة جيد فهذا يخالف النص القانوني، كما أن القانون لم يتطلب اجتياز امتحان معين، وإنما ذلك الأمر اجتهاد من صاحب القرار.

وأردفت الحواج «بالتالي فإن قرار وزير العدل باجتياز الامتحانات هو أمر يخالف القانون ونص المادة المشار إليها في تعيين السلطة القضائية، وعليه من حق وزير العدل بحسب النص القانوني أن يعين ما يشاء وفق القانون سالف الذكر».

واوضحت انها تعتقد أنه قد يكون لمحكمة الاستئناف رأي مغاير لحكم المحكمة الإدارية علما بان من كان حاصلا على درجة المقبول وتقدم للنيابة العامة، والنيابة العامة في بادئ الأمر رفضت تسلم أوراقهم، الأمر الذي أدى إلى احتجاج المنتسبين في بادئ الأمر على عدم قبول أخذ الأوراق، واعتبروه مخالفة قانونية ما حدا بالنيابة العامة عمل دروتين، الأولى كان عددها محدودا، والدورة الثانية ضمت حاملي الشهادات من ذوي التقديرات المقبول والجيد والجيد جدا، وذلك درءا للخطأ الذي وقعت فيه النيابة العامة لاعتراض مجموعة من المتقدمين للامتحان.

وانتهت المحامية فاطمة الحواج في تعليقها على الموضوع بالقول: «إذا كانت النيابة العامة تريد أن تعين وكلاء نيابة بالطريقة التي اتبعتها فهذا اجتهاد في تطوير الكادر واختيار الأفضل، ولكن هذا الاجتهاد يخالف النص لأنه غير منصوص عليه في القانون، فبالتالي القرار الإداري باطل والقانون صحيح ما يترتب عليه أن تكون جميع التعيينات التي تتوافر فيها شروط القانون صحيحة، وما لا تتوافر فيها شروط القانون فتعتبر غير صحيحة، ومخالفة للقانون».

حيدر: «العدل» قيدت نفسها بالشروط التي أعلنتها

المدعي الأول في قضية التعيينات القضائية والمحامي حسن حيدر علق بالقول: «إن السلطة التقديرية كانت موجودة لدى وزارة العدل ولكن بمجرد وضع الشروط والمعايير والضوابط التي أعلنت عنها في الصحف المحلية للتقدم بالترشح للمناصب القضائية، تكون قد تنازلت عن هذه السلطة التقديرية المطلقة وأصبحت سلطتها مقيدة ضمن الإطار (الشروط والمعايير والضوابط) التي ألزمت وزارة العدل نفسها بنفسها، ويتعين عدم الخروج عن هذه الشروط، ومع ذلك فعلى فرض أن تكون سلطة وزارة العدل هي سلطة تقديرية مطلقة فإنها خاضعة لرقابة القضاء الإداري بطلب إلغاء القرار إذا شابه عيب من العيوب أفقده ركنا من أركانه وعلى وجه الخصوص في النزاع الماثل بشأن التعيينات القضائية فإن القرار الإداري افتقد إلى ركن الإرادة وعدم ابتغاء المصلحة العامة منه، وعدم وجود السبب القانوني الصحيح للقرار وذلك لمخالفته الشروط التي سبق الإعلان عنها وتخطي المدعين في التعيين في الوظيفة القضائية، مع ما لازم ذلك من مخالفات جسيمة وعلى وجه الخصوص تعيين أفراد كانت درجاتهم المرصودة من قبل اللجنة المشكلة من قبل المجلس الأعلى للقضاء متدنية جدا.

غنيم: الحكم أكد أن السلطة القضائية هي صمام الأمان

المحامي عبدالرحمن غنيم أيّد ما ذهب إليه حيدر، إذ اعتبر الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية إنما يؤكد مبدأ الفصل بين السلطات وأن السلطة القضائية ستظل صمام الأمان لرقابة السلطة التنفيذية عندما تخرج على مبدأ المشروعية وتتجاوز القانون في قراراتها حتى ولو كان مصدر القرار وزير العدل، فقد طمأن هذا الحكم الكثير ممن لهم منازعات إدارية بأن منازعاتهم بين يدٍ أمينة وأن القضاء البحريني بخير.

وقال: أما عن صلب النزاع الذي تقدم به بعض المتقدمين لامتحان النيابة العامة بخصوص ترشيحهم كوكلاء نيابة، فإنه وبعد الاطلاع على أسباب الحكم نرى أن المحكمة قد أنزلت حكم الرقابة القضائية على مخالفة جهة الإدارة على شروط التوظيف المعلنة وارتأت أن وزارة العدل قد تجاوزت هذه الشروط عندما اختارت من بين المرشحين لوظيفة مساعد نيابة الشروط المعلنة والتي نشرتها في الصحف المحلية اليومية، والتي أصبحت قيدا على جهة الإدارة أن تتقيد بها مع كل من تقدموا لهذه الوظيفة، بل أصبحت هذه الشروط بعد إعلانها تمثل التزاما على جهة الإدارة لا يجوز أن تتجاوزه، فإذا ما انتهى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بعد اطلاعه على أوراق بعض المرشحين الذين تم اختيارهم ووجدوا أن الشروط المعلنة لا تتطابق مع بعض المرشحين، فإن حكم المحكمة يكون عنوانا للحقيقة.

وأفاد غنيم «أما عن آثار الحكم فنراها مقيدة بالمرشحين الذين لم تتوافر فيهم الشروط المعلنة من قبل وزارة العدل، وهم من أصابتهم آثار الحكم الصادر، بمعنى أن إلغاء القرار يسري فقط على من تم اختيارهم لوظيفة مساعد نيابة على رغم عدم توافر أحد الشروط المطلوبة، كما ان من لم يحصل على درجة جيد في الشهادة التي يحملها، أو لم يكن حاملا لشهادة القانون عند تقدمه للاختبار، أو لم يتجاوز الاختبارات التحريرية والشفوية التي تقدم لها، هؤلاء فقط هم من يسري عليهم حكم المحكمة بقرار الإلغاء، أما باقي المرشحين الذين تم تعيينهم وتوافرت فيهم الشروط فلا يمسهم الحكم الصادر من المحكمة الإدارية وتبقى قرارات تعيينهم صحيحة من دون أن تتأثر».

وتابع «إن بات هذا الحكم نهائيا بعدم الطعن عليه من وزارة العدل أو تأييده من محكمة الاستئناف فيجب على وزارة العدل تصحيح أوضاعها واستبدال من تأثروا بقرار الإلغاء بمرشحين آخرين تقدموا للامتحان وتوافرت فيهم الشروط المعلنة في طلب الوظيفة المعلن عنها من قبل وزارة العدل».

السيد: الكفاءة والنزاهة والاستقلالية قبل وبعد كل شيء

أما المحامية جليلة السيد، فعلقت بالقول: «يجب أن تحكم التعيينات القضائية قبل كل شيء وبعده الكفاءة والنزاهة والاستقلالية، فإذا ما تحدثنا عن الكفاءة على رغم أن القانون لا يرسم محددات موضوعية بخلاف أن يكون لمن سيتولى منصب القضاء حائزا على إجازة في القانون أو ما يماثلها في العلوم الشرعية، وأن تتوافر له سنين الخبرة بحيث لا يقل عن السنتين بحد أدنى ويتضاعف هذا العدد بحسب المحكمة التي يعين فيها القاضي، ولكن يبقى لجهة التعيين أن تبحث بطبيعة الحال عن الأكفاء وعن الأكثر خبرة، وبالتالي فإنه إذا ما تقدم لشغل الوظيفة من يتساويان في المؤهل ويتفاوتان في سنين الخبرة فإن العدالة والمنطق وحسن سير القضاء تتطلب تفضيل واختيار المتقدم صاحب الخبرة الأوفر.

وقياسا على ذلك فإنه كان لجهة التعيين أن تقدر ملاءمة الأشخاص لشغل مثل هذه المناصب، اذ إنها تبقى وقراراتها خاضعة لرقابة القضاء بحسب قواعد القانون وكذلك العدالة ومنطق الأمور.

وأضافت ان «القول بغير ذلك معناه تحصين قرارات جهات التعيين من أية مراقبة قضائية حقيقية على سلطتهم في تقدير الملاءمة وتحقيق المصلحة العامة بتغليب الأصلح على الصالح».

واختتمت السيد حديثها «أنظر بإيجابية إلى أي حكم يصدر ويحمل في أسبابه ما يكفي للدلالة على صحة نتائجه».

غازي: الحكم يعتبر سابقة مهمة ويفتح طريقا أرحب للعدالة

أما المحامي فريد غازي، فأكد أن الحكم يعد سابقة مهمة من سوابق القضاء الشامخ الجاد في إيجاد طريق أرحب للعدالة في القضاء البحريني.

وشدد غازي على أن الحكم الذي تصدى لإلغاء قرار وزير العدل لابد وأنه مؤصل تأصيلا قانونيا على أعلى درجات الجودة.

وقال غازي: «بغض النظر عما إذا كان الحكم سيلغى أو سيؤيد من محكمة الاستئناف أو التمييز إلا أن صدوره في حد ذاته يعد أمرا ساميا في مجال الأحكام القضائية، فالمحكمة التي أصدرته قد انتهت ولايتها بإصداره، إلا اننا نثق بأن المحكمة قد استندت إلى أسباب قدرتها تقديرا جيدا». وأوضح غازي «مع تقديرنا لحرية محكمة الاستئناف والتمييز، ومع تقديرنا لمن صدرت قرارات تعيينهم في النيابة العامة، فكل هذه القرارات نحترمها ونجلها، ونؤكد للجميع أن هذا الخلاف هو خلاف قانوني بحت ويسمو إلى مرتبة عالية من الحرفية والمهنية»، مضيفا «لذلك فإن ثقتنا في القضاء عالية وثقتنا في المحامين الذين أقاموا هذه الدعوى أيضا عالية، وهم مثال للشباب البحريني الواعد الذي يتطلع إلى مستقبل زاهر في مجال القضاء الجالس أو الواقف وهم المحامون».

العدد 1610 - الخميس 01 فبراير 2007م الموافق 13 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً