يرى محللون سياسيون فلسطينيون أن نجاح الاتفاق بين حركتي «فتح» و «حماس» الذي تم التوصل إليه في مكة المكرمة سيبقى مرهونا بموقف الغرب و «إسرائيل» منه ومدى رغبتهما في رفع المقاطعة الاقتصادية والسياسية التي تسبب عزلة الحكومة التي تقودها «حماس».
ويقول هؤلاء إن «فتح» فتحت بتوقيعها الاتفاق الطريق أمام إمكان اعتراف دولي بـ «حماس» التي باتت الآن في مرحلة امتحان سياسي حقيقي بشأن ما ستمارسه مستقبلا.
ورأى رئيس الأكاديمية الفلسطينية للشئون الدولية مهدي عبدالهادي أن اتفاق مكة «حقق شراكة سياسية رسمية وشرعية فلسطينية بمباركة عربية إسلامية لكن يجب عدم المبالغة بمستقبل هذه الشراكة». وأضاف أن «لدينا الآن ترحيب روسي وبتقديري لن تتردد الأمم المتحدة في الموافقة على هذه الصيغة مع استمرار التحفظ الأميركي والإسرائيلي ومحاولة وضع عقبات جديدة، والاتحاد الأوروبي سيتعامل بتحفظ، مع تباين في مواقف دول الاتحاد». وأكد أن «هناك إجماعا عربيا على دور السعودية التي لم تتجاوز مواقف دول عربية أخرى، والدور الأهم الذي سيجد تأييدا عربيا هو أن التدخل السعودي أوقف الهرولة نحو إيران، وهو الأمر الذي سيساهم في فتح نافذة صغيرة للعالم ليتعامل مع (حماس)».
من جهته، قال مدير المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية جورج جقمان «استبعد كليا أن تكون السعودية قامت بهذه المبادرة من دون تنسيق مع الأوروبيين والولايات المتحدة الأميركية». وأوضح «ليست مصادفة تزامن وجود وفد فلسطيني (ضم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه ورئيس دائرة المفاوضات صائب عريقات) في الولايات المتحدة الأميركية ومدير المخابرات المصرية عمر سليمان ووزير الخارجية المصري، إذ اعتقد أنه جرى بحث صيغة الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في مكة في الولايات المتحدة أيضا». وعن رأيه بإمكان التعامل الدولي مع الحكومة المقبلة قال جقمان «بتقديري ان الموقف الأوروبي شبه جاهز للتعامل مع الحكومة عقب تشكيلها، أما الموقف الأميركي والإسرائيلي سيتأخر». وأوضح «أميركا و (إسرائيل) ستعودان إلى المطالبة بأمور فلسطينية داخلية، مثل وقف الصواريخ وضبط الميليشيات المسلحة غير التابعة لـ (فتح) أو (حماس)... سيكون هناك تغيير في الموقف الدولي، ولكن بالتدريج». وعلى رغم غياب الضمانات العملية لتعامل دولي مع الحكومة الفلسطينية التي سيتم تشكيلها ورفع الحصار، فإن ما تم الاتفاق عليه في مكة يعتبر من وجهة نظر أكاديميين سياسيين «اختراقا سياسيا مهما وكبيرا». وقال رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سمير عوض إن «الاتفاق بحد ذاته سيؤدي إلى بلورة موقف عربي جديد للتعامل مع الحكومة وسيؤدي إلى تغييرات في مواقف الدول الأوروبية أيضا». وأضاف «ما جرى اختراق سياسي كبير مهم، ولا اعتقد أنه مجرد احتفالات بروتوكولية جرت في مكة». وأوضح «على الصعيد الدولي وفر الاتفاق فرصة أفضل للتعامل مع حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وهذا ما سيحدث اختراقا في الموقف الأوروبي وقد يضع الولايات المتحدة الأميركية و (إسرائيل) في مأزق».
وفي حين يرى بعض المحللين أن نجاح الاتفاق يعتمد على التعامل الغربي مع الحكومة المقبلة، ترى النائبة حنان عشراوي أن نجاح الفلسطينيين في ترتيب بيتهم الداخلي هو ما سيؤدي إلى الاعتراف الدولي بالحكومة. وقالت «نحن الآن في مرحلة اختبار، وعلينا أن نتصرف بشكل سليم، كي نفرض على العالم التعامل معنا». وأضافت «لكن المهم، هو أن ترفع (إسرائيل) حصارها الاقتصادي والجغرافي عن الشعب الفلسطيني وعن الحكومة كي نتمكن من مخاطبة العالم».
العدد 1618 - الجمعة 09 فبراير 2007م الموافق 21 محرم 1428هـ