لم يبلغ من العمر 14 عاما، لكنه يحمل جهازي موبايل من أحدث الموديلات.. من يراه يظن أنّ الجهاز الآخر ربما تعود ملكيته الى صديقه أو شقيقه أو أحد والديه، استعاره؛ لينقل منه ملف «بلوتوث» أو ما شابه ثم يعيده، لكن الأمر خلاف ذلك، فهذا الشاب الغض، يمتلك كلا الجهازين، أما دوافعه في ذلك، فلا يمكن معرفة حقيقتها أبدا، اللهم إلاّ للتفاخر بين أنداده، وهذا هو أقرب تحليل للصورة في هذه المرحلة العمرية، لكن ماذا عن الفتيات الراشدات والسيّدات المتزوّجات والرجال اليافعين؟
هنا، يثير موضوع حمل جهازي موبايل حساسية «خاصة» لدى الكثير من المواطنين، ورغم أنّ حملة الجهازين، خصوصا من الفتيات والسيّدات، يعلمن أنّ النظرة تكون «سيئة» في أغلب الأحيان، لكنهنّ، مطمئنات الى صدق نواياهنّ.. ترى، ما هي الدوافع لاقتناء أكثر من جهاز موبايل، ولماذا نرى في بعض الأحيان، شخصا يجلس على طاولة في مقهى لوحده وأمامه جهازان أو ربما ثلاثة أجهزة نقالة في آن واحد؟ وهل تحتاج العملية لأناس يمتلكون قدرات إضافية في أجهزتهم العصبية والنفسية، وفي جيوبهم وفي مقدرة جهاز السمع لديهم على تحمّل الموجات الكهرومغناطيسية بدرجة أعلى من سائر خلق الله؟
ولا يعتقد أحمد رضا، الذي يُدير محلا للهواتف النقالة في سوق المنامة أنّ الموضوع تحوّل الى ظاهرة، لكنه يُلاحظ أنّ هناك الكثير من الناس أصبحوا يحملون جهازي نقال، وهذا الأمر يسري أيضا على فئات شبابية وبعض الأطفال والناشئة، أما بالنسبة إلى وجهة نظره وتصنيفه للفئات، فإنه يرى أنّ الأطفال والناشئة يكون دافعهم التفاخر والتباهي، أمّا الشباب، فبالإضافة الى التباهي (يعتقد) أنّهم يستخدمون الخط الآخر للمعاكسات الهاتفية والعلاقات السرية، وهذا الحال يسري على بعض الرجال من المتزوّجين ممن لديهم علاقات خاصة لابدّ وأن تحظى بالسرية، والحال ذاته مع بعض فئات الفتيات والسيّدات المتزوجات؛ لأنّ وجود رقم سري يختلف عن الرقم الأصلي يعد بمثابة حاجز لكشف «الفضيحة» إنْ كان هناك احتمال لوقوعها، فحسب رأيه، تستخدم الفتيات والسيّدات الأسماء المستعارة للخط (الثاني) ويكون الاسم الحقيقي والرقم الحقيقي وكلّ شيء (حقيقي) في الجهاز الحقيقي.. الأوّل.
ويختلف معه عبدالرحمن نجاوي، وهو صاحب محل لبيع الهواتف النقالة، حيث يرى الأخير أنّ هناك بعض الناس ممن يستخدمون الخط الثاني التابع للعمل، فيما الخط الأوّل أو الجهاز الأوّل هو جهازهم الخاص، وتعليقا على هذا الكلام ومحدودية هذا النوع من الموظفين الذي يتم منح هواتف نقالة لهم من مكان العمل، وعدم امكانية أنْ يكون كلّ من يحمل جهازين فإن أحدهما مقدّم له من جهة العمل، يشير إلى بقوله :»نعم، قد لا يكون العدد كبيرا، وهناك الآلاف من الناس من يستخدمون هواتفهم النقالة من دون استخدام جهاز ثان ويتم دفع علاوات مالية شهرية لهم نظير استخدامهم هواتفهم، كما هو الحال لبدل المواصلات، بل هناك من تتولى جهة العمل تغطية رسوم فاتورته، بيد أنه لا يُريد أن يشير الى أنّ كل من يحمل جهازين، فهو شرير ونواياه سيئة.
ويعترف بأنه يحمل الكثير من الاستغراب في قضية الفتيات والسيّدات اللواتي يحملنَ أكثر من جهاز، فمن وجهة نظره الشخصية، فإنّ منظر الفتاة أو السيّدة ليس لائقا باستخدام جهازين نقالين، وربما أثار هذا المشهد الشكوك التي ربما تكون صحيحة، وربما هي غير صحيحة في الواقع، لكن لكلّ إنسان الحق في استخدام جهاز أو جهازين، والمسألة هنا لا تخرج عن إطار استعداده المالية وقدرته على شراء ما يُشاء من أجهزة.
ويرى بعض المواطنين، من الجنسين ممن يستخدمون أكثر من هاتف نقال ممن استمعنا الى وجهات نظرهم، أنّ طرح هذا الموضوع عبر الصحافة يدل على «الإفلاس للموضوعات المهمّة»، لكن تعقيبا على هذه النقطة، وأنّ هذا الموضوع يصنّف في فئة الموضوعات الخفيفة أو ما يسمّى تقارير المشاهدات، فإنّ بعضهم يرى أن في ذلك تدخلا في خصوصيات الكثير من الناس وهو موضوع لا داعي له، لكن الشاب «ج.أ.يوسف» يؤكّد أنه ما فكّر في اقتناء جهاز آخر إلا لأجل تخصيصه فقط للتحدّث مع الفتيات، ويعلّق على ذلك بالقول :»لو شاهدت القائمة الرئيسية للأسماء لن تجد فيها اسم «ذكر» واحد! كلها «إناث».. وزاد ساخرا :»ربي يحرسها من عين الحاسدين».
وهو يرى في المقابل، أنّ تلك القائمة التي لديه في «موبايله»، لا تتحدث معه من خلال «موبايلها» الأصلي، بل من موبايل آخر مخصص لهذه المهمّات.. ويعلّق بظرافة أيضا :»حيث أنها أصبحت من مهمّات العصر الحديث».
وعلى أن صفة الموضوع «التافه» طاردت هذا التقرير حتى مع الاختصاصيين النفسانيين الذين اعتذر بعضهم عن إبداء ملاحظاته على نفسية الفئة المقصودة كون الموضوع «ليس مهمّا»، إلا أن هناك اتفاقا على أن حمل هاتفين نقالين يعتبر من العادات غير المقبولة وغير الحسنة بالنسبة لمن لا يحتاج الى حمل جهازين أصلا.. فالأضرار الصحية وكذلك التعب النفسي، ثم الصورة السيئة التي تقلل من نظرة الناس لمن يحمل جهازين على أنه صاحب «نوايا غير حسنة أو سلوكيات غير طيّبة»، هي الأسوأ في هذا الشأن.
أما المدافعون فلهم رأي آخر.. وهو أنّ الجهاز الآخر هو فقط لحالات الاحتياط، أما من يشكك وينظر الى مَنْ يحمل جهازين على أنه من أصحاب المعاكسات والعلاقات الغرامية الخفية أو ما شابه، فهذا رأيه، لكن ليس ذلك هو كل الحقيقة..
ويبدو أنّ الحقيقة «كلّها» لا يعلمها إلاّ حملة «الجهازين» ويمكن لكل واحد منهم أنْ يجيب عن السؤال الذي طرح على بعض العيّنة وهو :»بصراحة ودقة وبإجابة مباشرة لا تحتمل اللف والدوران.. لماذا تستخدم جهازين؟».. ويبقى السؤال مطروحا وحرية الإجابة مطروحة، و.. الأهم من ذلك كلّه، حرية الناس فيما يفعلون على ألا يتجاوزوا القانون وحقوق الآخرين.
العدد 2247 - الخميس 30 أكتوبر 2008م الموافق 29 شوال 1429هـ