من سترة في البحرين إلى فاس في المغرب، ومن أم درمان بالسودان، إلى قاهرة المعز لدين الله الفاطمي؛ تنتعش المقاهي وترتدي أبهى حلة وتزدحم بالزوار... حتى أن بعضها يكون أكثر ازدحاما من بعض المساجد خلال شهر رمضان المبارك!
وحين تسأل أي شاب بحريني أين تقضي أوقات فراغك... تأتي الإجابة سريعة وشافية «المقهى طبعا»، وقد يرد البعض على السؤال مستنكرا «إلى أين أذهب غير المقهى!؟».
أكاد أجزم أن الإجابة لن تخرج عن هذه الكلمات ومشتقاتها، ففي أنحاء المملكة يوجد بين كل مقهى وآخر، مقهى ثالث... ربما تختلف الأمكنة والخدمات المقدمة، سواء كانت شاي أو قهوة، أو كريمة طازجة، أو الشيشة، لكن الغاية واحدة، الترويح عن النفس، أو «تغيير الجو» كما يقول غالب.
في السنوات الأخيرة لم تعد المقاهي معقلا للرجال كما كانت العادة، إذ اكتسحت المرأة هذا الميدان مشاركة وعاملة في بعض المقاهي الراقية، حتى أنه قد يتفوق عدد النساء في بعض الحالات. وهناك من لا يوظف إلا الجنس اللطيف لاستمالة الزبائن، وهذا عامل آخر شجع الشباب على ارتياد المقاهي، بحيث أصبحت هي «الهوبي» أو الهواية الوحيدة التي لا تقدر أعرق النوادي الثقافية والرياضية على تقديمها، فهي المتنفس الأوحد والفضاء «الترفيهي والتثقيفي» للشباب الآن.
المقاهي التي كان عددها محدودا في الكويت قبل عشر سنوات فقط، تكاثرت بشكل لافت خلال الأعوام الأخيرة لجدواها الاقتصادية المرتفعة، وأضاف كثير من أصحابها كلمة مطعم على لافتة المقهى ليوفر أكبر وفر من الخدمات لرواده من ناحية، وأكبر وفر من الدخل المادي من الناحية الأخرى.
يلاحظ التفاوت العمري في رواد المقاهي، فنجد الشباب «الكشخة» يقصد مقاهي المجمعات أو «سوري» كما يطلق عليها «الكوفي شوب» متناسيا لغويا أنها تدعى القهوة، فيما الشباب الذي إن صح التعبير «الكادح» يفضل المقاهي الشعبية إذ يمكنه هنا التشيش براحة واللعب مع الأصدقاء، بالإضافة إلى أنه يمكنه مشاهدة المباريات المشفرة التي يعجز عن الاشتراك بها بسبب دخله المحدود. أما كبار السن فإن قبلتهم المقاهي الشعبية التقليدية التي تقدم الشاي في «الاستكانة» والقهوة في «الفنجال».
العدد 1646 - الجمعة 09 مارس 2007م الموافق 19 صفر 1428هـ