ربما جاءت تحيتي للمفكر والأديب الكبير أدونيس متأخرة نوعا ما، لكن لا بأس من الإشادة هنا بالدور الذي لعبه القائمون على مهرجان ربيع الثقافة باستضافتهم مثقفين ومبدعين كان لأدونيس نصيب منها.
حينما تتطرق إلى الأدب والنقد المعاصرين سيكون حتما عليك التطرق إلى «أبو الحداثيين العرب» (أدونيس)، فالأخير كان دوره رياديا في غربلة الواقع، وتحديدا حين فتح النار على مظاهر الأدب العربي القديم من خلال كتابه الأشهر «الثابت والمتحول».
كانت زيارته إذا للبحرين بمثابة الاحتفاء بالمبدعين، فلم يكن أدونيس مثقفا عاديا، كون أعماله ضربت خصر العالم بأجمعه، حتى الذين اختلفوا معه تجد في نفوسهم الكثير من التقدير لهذا الرجل.
الطريف في الأمر أن لي أحد الأصدقاء ممن يحسبون على التيار التقليدي أفشى لي باستحياء شديد أنه يود لو حضر أمسيته الشعرية، فأطلقتُ ضحكات متلاحقة - كان دويها كفيلا بأن يسقط سقف الكفتيريا على رأسينا لولا لطف الله - وشت تلك الصيحات عن انتصاري على «التقليدي».
عموما، كان بودي لو تحول مهرجان الثقافة هذا إلى حج يؤمه المواطنون من كل حدب وصوب بمختلف تفاوتهم الثقافي والفكري، فالذين حضروا لأدونيس ومحمد أركون يكادون لا يخرجون عن نطاق النخبة المثقفة.
إن الحاجة تبقى ملحة فعلا إلى أن تتبنى الدولة مهرجانات تحتضن مبدعين وأدباء، ذلك أن الجيل «الالكتروني» يفتقر إلى ظمأ ثقافي وفكري شديدين... فكم نتمنى أن تستضيف الدولة أدباء ومثقفين بقامة مظفر النواب وغادة السمان ومحمد عابد الجابري. فالأمل كل الأمل يحدونا بأن يكثف المسئولون احتضان المفكرين على مدار السنة وألا يقتصر ذلك على شهر واحد لا يغني ولا يسمن من جوع فكري.
العدد 1664 - الثلثاء 27 مارس 2007م الموافق 08 ربيع الاول 1428هـ