العدد 1684 - الإثنين 16 أبريل 2007م الموافق 28 ربيع الاول 1428هـ

القضاء يُلغي مشروع «الشاخورة الإسكاني» بعد حكم «الدستورية»

عملية توزيع الوحدات أصبحت قاب قوسين

قضت محكمة التمييز يوم أمس (الاثنين)، وفي أول حكمٍ لها بإرجاع حال أراضي إسكان الشاخورة التي باتت الدولة فيها قاب قوسين أوأدنى من الإشراف على الانتهاء منها وتوزيعها على مستحقيها من ذوي الطلبات الإسكانية من المواطنين ذوي الدخل المحدود إلى ما كانت عليه تلك الأراضي الإسكانية من ذي قبل.

يأتي ذلك بعد أن رفض مالك أكبر أجزاء أراضي المشروع الإسكاني استملاك أراضيه لذلك الغرض، إضافة إلى رفضه تسلم أي مبلغ من الجهة المستملكة منذ صدور قرارات الاستملاك، متوجها إلى المحكمة الإدارية التي رفضت الدعوى، وأيدتها في ذلك محكمة الاستئناف الإدارية العليا، إلا أن محكمة التمييز قضت أمس بنقض الحكم وبإلغاء قرارات الاستملاك محل الطعن وإعادة الحال إلى ما كان عليه، مستندة في ذلك إلى حكم المحكمة الدستورية القاضي بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم (8) لسنة 1970 بشأن استملاك الأراضي للمنفعة العامة.

من جانبه، علق وكيل مالك أراضي مشروع الشاخورة الإسكاني المحامي عبدالرحمن غنيم لـ «الوسط» على حكم محكمة التمييز، قائلا: «إنه وبهذا الحكم يؤكد لنا القضاء كل يوم أن السلطة القضائية والقضاء هما الحد الفاصل بين السلطة التنفيذية ومنازعات الأفراد، ولا يحيدها في هذه الاستقلالية النتائج التي تترتب على قضائها ما دام هذا القضاء سنده أحكام القانون التي تتقيد بها وتحفظ بها حقوق المواطنين والمقيمين أيا تكن الجهة أو مصدر الخصم في الدعوى».

وأضاف «وهذا بلا شك يؤثر على نظرة المستثمر الأجنبي إلى وجود قضاء يحميه في ظل أية منازعة تُعرض على القضاء البحريني».

ويعتبر الحكم الصادر أمس هو أول حكم للمحكمة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الاستملاك للمنفعة العامة، الذي قضى بإبطال قرارات استملاك أراضي مشروع الشاخورة الإسكاني على سند أن القانون الذي صدرت على أساسه قرارات الاستملاك أصبح بحكم المحكمة الدستورية لا وجود له، وهذا الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية يعتبر ملزما لسلطات الدولة كافة بما فيها السلطة القضائية ومحكمة التمييز، فإن كانت القرارات المطعون فيها صدرت في ظل القانون المحكوم بعدم دستوريته فإنها تكون صدرت بناء على قانون منعدم وعليه تصبح هذه القرارات كأن لم تكن.

وكان وكيل المالك المحامي عبدالرحمن غنيم أسس طعنه على سند من القول إن الثابت من الأوراق التي قدمت أمام محكمة أول درجة أن المطعون ضده أصدرت قرارات إدارية بنزع ملكية أراضي الطاعن، من أجل إنشاء مشروع الشاخورة الإسكاني، وهذا المشروع الذي صدرت من أجله قرارات نزع الملكية كان بقصد بناء وحدات سكنية وقسائم سكنية ومعارض ومحلات تجارية طبقا لما أعلنته جهة الإدارة في رسمها الهندسي للمشروع.

وأوضح أن هذا المشروع بصورته المعلنة لا يعدو أن يكون نقل ملكية المستأنف الخاصة إلى مجموعة من المواطنين الذين سيمتلكون الأرض ذاتها كوحدات سكنية بعد دفع مقابلها إلى الدولة، كما أن الدولة ستقيم على المشروع مشروعات تجارية خاصة بها، أي أن مقصود المشروع هو نقل ملكية الأرض من ذمة شخص إلى شخص آخر بواسطة السلطة العامة، تحت مسمى المنفعة العامة، وهو ما يخرج عن مقصود المشرع من مقتضيات المنفعة العامة المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم (8) لسنة 1970.

كما أن المملكة لديها من الأراضي المترامية في أنحائها كافة المملوكة لها تكفيها لإقامة المشروعات العمرانية الجديدة عليها من دون حاجة ملحة أو ضرورية إلى نزع ملكية أراض امتنع عليها نزع الملكية الخاصة.

وأضاف «ومن ثم فإن إصدار المطعون ضده (بصفته) قرارات بنزع ملكية أراضي الطاعن لإعادة بنائها وبيعها على الجمهور، وفي الوقت الذي لديها فيه ما يكفيها لتنفيذ مشروعاتها العمرانية عليه يخرج عن مقصود المنفعة العامة، ومن ثم يعد انحرافا عن هذا المقصود، وإساءة لاستعمال حق الدولة في نزع الملكية».

وأردف «أمام حال الاتساع وعدم تحديد المقصود للمنفعة العامة في نزع الملكية وما يترتب على ذلك من إهدار لضمانات المواطنين التي قررها الدستور، وللمنافع المهمة محل الاعتبار، استوجب الأمر تدخل القاضي الإداري ليضع تعريفا لمقصود المنفعة العامة ليحقق قدرا من الانضباط في حالات نزع الملكية».

وأكد غنيم «اكتفى حكم محكمة أول درجة إلى القول بأن قيام الدولة بإنشاء وحدات سكنية للمواطنين ذوي الدخل المحدود هو أسمى مراتب المنفعة العامة وأيده في ذلك الحكم المطعون فيه بقوله إن الإدارة لها سلطة تقديرية في اختيار العقارات اللازمة لتنفيذ المشروع ولا رقابة عليها في ذلك».

وأوضح «هذا التسبيب لا يكفي قانونا للرد على أسباب الطعن، لأن غاية المشروعات التي نزعت ملكية أراضي الطاعن من أجلها كانت لبناء وحدات سكنية ليس لمحدودي الدخل، وقسائم سكنية ليس لمحدودي الدخل، ومعارض ومحلات تجارية، وهذا المشروع الذي ادعت أنه يدخل ضمن مقصود المنفعة العامة، هو قول يتنافى وأحكام الدستور الذي اعتنى باحترام الملكية الخاصة، وفوقها على الملكية العامة».

ولفت إلى أن الملكية العامة ما دامت لا يقصد بها استملاك أراضي المواطنين من أجل إنشاء مشروع ذي نفع عام كالمستشفيات والمدارس وشق الطرق التي تخدم الميادين، أو عمل جسور أو شبكات مجاري أو كهرباء، تلك هي مشروعات النفع العام، أما عندما تنزل الدولة إلى مصاف الأفراد في المشروعات التي نزعت ملكية الأفراد عنها، فإن ذلك يخرج عن قصد المشرع الدستوري والقانوني من مفهوم المنفعة العامة، ويعد سلوك الدولة بذلك اغتصابا للملكية الخاصة، وما دامت الدولة تمتلك الكثير من الأراضي المترامية في أنحاء المملكة كافة والتي تمكنها من تنفيذ مشروعاتها الاستثمارية كما هو حال المشروع الذي نزعت ملكية الطاعن لتنفيذه.بما يعني استمرار تعمد الإدارة في المساس بالملكية الخاصة من دون مبرر.

العدد 1684 - الإثنين 16 أبريل 2007م الموافق 28 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً