من منا لا يعرف «سي السيد»، أو وحش المنزل الذي يتنصل من إنسانيته بأقوال وأفعال وأوامر عند تعامله مع زوجته، ظنا منه أن هذه هي الرجولة!
قد يظن البعض أن «سي السيد» هذا مزق جلبابه وانخرط في الحياة الديمقراطية التي يسير العالم نحوها، إلا أنه وفي الواقع لايزال يحتفظ بهذا الجلباب، إذ يخفيه في المنزل بعيدا عن الناس، لتنفرد زوجته بالعنف الذي ينبع من عقل مشبع بالتسلط والقوة محتجا بالقوامة الشرعية التي وضحها الدين الإسلامي، التي تختلف كليا عن مفاهيمه التي تطبق ضد المرأة المعنفة.
أما زوجة «سي السيد» لا يختلف مفهومها كثيرا عن مفهوم زوجها للقوامة، علاوة على أنها لا تعي الفرق بين واجباتها وحقوقها والأهم بين الأعراف المجتمعية الوضعية والواجبات الشرعية.
بناء على ذلك بات العنف الأسري أحد أكثر المشكلات الاجتماعية خطورة وانتشارا، فعدد النساء المعنفات يتزايد بلا إحصاءات توضحه. وتتعدد الأسباب المؤدية إلى العنف كأن تظن المرأة أن باستطاعتها أن تغير زوجها أو خوفها على أسرتها ومن مواجهة ما هو أعظم من العنف، كإبعادها عن فلذات كبدها، والأهم من ذلك نظرة المجتمع البحريني للمرأة المطلقة.
ثم تتعدد النتائج السلبية لهذه المشكلة بطبيعة الحال فتنتج في المقام الأول امرأة ذات شخصية ضعيفة غير قادرة على تحمل أية مسئولية.
كما أن اعتياد الأبناء من الأولاد على منظر تعرض والدتهم للعنف من قبل والدهم يؤدي إلى تكرار المشكلة عبر الأجيال، والنقيض ما يحصل للفتيات إذ تعتاد الخضوع للذكور في بيت والدها من قبله وإخوتها ثم زوجها... وهكذا.
إن التوعية بحقيقة الزواج ومفهومها لكل من الزوج والزوجة قبل ارتباطهما، وغرس هذه المفاهيم لدى الأبناء من الجنسين، من شأنه أن يقلل من انتشار هذه الظاهرة على مدى ليس بالقريب.
كما أن تصدي الزوجة للعنف بأن توقف زوجها عند المرة الأولى التي يحاول فيها أن يرفع يده ليضربها أو عند المرة الأولى التي يحاول فيها إهانتها سيكون رادعا له طوال حياتهما الزوجية.
وأخيرا، لابد من أن يتم التفريق بين الضرب المباح في حال النشوز الذي أجازه الله تعالى، وبين العنف الأسري الذي يختلف تماما عنه.
سارة نجيب
العدد 1713 - الثلثاء 15 مايو 2007م الموافق 27 ربيع الثاني 1428هـ