نكثت الكتل النيابية بوعدها بتمرير اقتراح تعديل 3 مواد من الدستور الذي دفعت به كتلة الوفاق، ففي الوقت الذي وقع نواب يمثلون مختلف الأطياف النيابية على طلب اقتراح تعديل الدستور، عمد الكثير منهم إلى التغيب عن جلسة أمس التي كان مقررا أن تناقش هذه التعديلات، الأمر الذي حمل كتلة الوفاق إلى التقدم بطلب رسمي إلى رئيس المجلس خليفة الظهراني بسحب اقتراح التعديلات الدستورية.
وجاءت خطوة كتلة الوفاق بسحب التعديلات الدستورية في رد فعل سريع من الكتلة لمنع إجهاض الاقتراح في الجلسة التي لم يتجاوز حضورها 23 نائبا في حين أن النصاب اللازم لتمرير التعديلات الدستورية هو ثلثا أعضاء المجلس الأربعين (27 نائبا)، إذ تقضي اللائحة الداخلية لمجلس النواب في المادة (90) بأن «يعرض رئيس المجلس الطلب المقدم باقتراح تعديل الدستور خلال 7 أيام من تقديمه على لجنة الشئون التشريعية والقانونية لإعداد تقرير بشأن مبدأ التعديل وموضوعاته، ويعرض التقرير على المجلس، ويؤخذ الرأي عليه نداء بالاسم، فإذا وافق المجلس على مبدأ التعديل وموضوعاته بغالبية ثلثي عدد أعضائه، أحال الاقتراح إلى الحكومة لتضع صيغة مشروع تعديل الدستور».
وعودا على بدء، تسبب تغيب الكثير من النواب عن حضور الجلسة إلى تأخير انعقادها لأكثر من 45 دقيقة، فقد اضطر الرئيس الظهراني إلى عقد الجلسة في حدود 10.15 صباحا في حين كان مقررا أن تبدأ عند الساعة 9.30 صباحا.
وسط ذلك، قاد رئيس كتلة الوفاق النائب الشيخ علي سلمان تحركات لإقناع النواب المتغيبين بحضور الجلسة من أجل الحصول على النصاب المطلوب لتمرير التعديلات الدستورية (27 نائبا)، كما عمد سلمان إلى إقناع رئيس كتلة المنبر الوطني الإسلامي صلاح علي بالبقاء في الجلسة إلى حين طرح التعديلات الدستورية، وفي المقابل طلب نائب رئيس كتلة الوفاق خليل المرزوق إرجاء مناقشة التعديلات الدستورية حتى نهاية الجلسة لمنح الفرصة لحضور المزيد من النواب.
الزعيم الروحي لكتلة الأصالة النائب الشيخ عادل المعاودة، كان النائب الوحيد من كتلة الأصالة الذي التزم بالحضور، وعلمت «الوسط» أن المعاودة أجرى اتصالات بالنواب المتغيبين من كتلة الأصالة لإقناعهم بحضور الجلسة، غير أن هذه الاتصالات لم تفلح في إقناع نواب الأصالة بالحضور، وقد عُلم أن عضو كتلة الأصالة النائب عيسى أبوالفتح تغيب عن الكتلة بسبب وعكة صحية ألمت به.
من جانب آخر، علمت «الوسط» أن رئيس كتلة المستقبل النائب عادل العسومي أجرى عدة اتصالات بأعضاء الكتلة، غير أنه لم يتلق ردا منهم.
وفي ظل استمرار تغيب النواب عن الحضور، عقدت كتلة الوفاق اجتماعا تشاوريا خلال استراحة الجلسة، أفضى إلى التوافق على سحب اقتراح التعديل الدستوري منعا لإجهاضه في المجلس.
وبعد سحب التعديل الدستوري، قال سلمان لـ«الوسط»: «نأسف لأن المجلس لا يهتم بإعطاء نفسه صلاحيات»، وعن غياب كتلة الأصالة وما إذا كان ذلك متعمدا، ذكر سلمان أن «الإخوة الذين تغيبوا غير النائب عيسى أبوالفتح يبدو أن موقفهم في هذا الاتجاه، وأنا آسف بشكل عام لأن المجلس لا يرغب في أن يمارس صلاحيات تشريعية ولا رقابية ولا يدافع عن نفسه ولا عن حقوقه»، مشيرا إلى أن «المجلس يعطي رسالة خاطئة بأنه أعجز من أن يدافع عن نفسه فما بالك عن حقوق الشعب».
أبل: من دعانا لتجربة آليات دستور 2002 وضع على المحك
ذكر رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية النائب عبدالعزيز أبل لـ «الوسط» أن «المعارضة كانت تتحدث عندما كانت خارج المجلس عن العقبات التي يضعها الجانب الرسمي والتي يتضمنها الدستور واللائحة الداخلية للمجلس عند الرغبة في إجراء أي إصلاحات جدية (...) وكان يقال لنا إنكم لم تجربوا الآليات وأنتم تتحدثون نظريا وإن التجربة خير برهان وعندما ناقشنا مسألة طرح التعديلات كانت أمامنا خيارات عدة»، مشيرا إلى أن «أحد تلك الخيارات هو تقديم التعديلات الشاملة التي تعيد التوازن للسلطات و تمنح المجلس المنتخب الصلاحيات التشريعية التي يجب أن يتمتع بها كونه المجلس الذي يمثل الإرادة الشعبية».
وأشار أبل إلى أن «المعارضة وافقت على المشاركة في العملية السياسية لكي تقول إن الرغبة في عدم الإصلاح الحقيقي موجودة على رغم كل التصريحات النظرية التي يصرح بها الرسميون»، مشددا على أن «المعارضة اتفقت على اختبار جدية الرغبة في إجراء إصلاحات محدودة وليست شاملة كما نرغب، لذلك تقدمت كتلة الوفاق كونها الكتلة الأكبر لبقية الكتل بمقترحات محدودة جدا تتركز على تعديل ثلاث مواد أساسية في الدستور وهي التي تعوق قدرة المجلس على التشريع واتفقت معها المنبر الإسلامي على تعديلين (...) ومع ذلك وافقت (الوفاق) على أن تدخل مع (المنبر الإسلامي) في تعديل المادتين وتتقدم منفردة بتعديل المادة الثالثة وأن نؤجل التعديلات الشاملة التي ترغب المعارضة في إجرائها»، مضيفا «لكي نجس النبض بأن هناك رغبة في إجراء التعديلات حتى لو كانت في نطاقها المحدود ولقد ثبت اليوم أنه مهما يكن القول بالرغبة لدى بعض الكتل فإن القدرة على ممارسة هذه الرغبة محدودة تماما».
ونوه أبل إلى أنه «ليس من المعقول ألا يستطيع المجلس أن يمرر مبدأ التعديل لمادتين فقط على رغم كل المرونة التي كانت تبديها المعارضة، ومع ذلك وجدنا عدم قدرة على الدفع بتعديل محدود لمادتين ويبقى القول إن من كان يدعونا لتجربة الآليات التي نص عليها دستور 2002 قد وضع على المحك»، مؤكدا «عدم قدرة أحد في الجانب الرسمي أن يقول إن تجربة الإصلاح المقترحة يمكن تطويرها بأي شكل من الأشكال، فهي مقفلة والإرادة في الدفع بها إلى الإمام مفقودة فإذا لم يكن بمقدور المجلس المنتخب أن يعدل مادتين فقط على رغم كل المرونة التي تبديها قوى المعارضة في هذه المرحلة»، سائلا: «فكيف يمكن تفسير ما حدث اليوم (أمس) في الجلسة الاستثنائية؟ وكيف يمكن للإخوة في المجلس ممن عطلوا تمرير التعديلات المحدودة أن يمارسوا دورهم في الحفاظ على دور المجلس التشريعي في صيانة أي من الحقوق؟».
و في رده على طبيعة مقترحات برغبة والتي تميل إلى البلدي «أنا اتفق مع تصريح النائب عبدالله الدوسري كونها بلدية وأقول للنواب الذين يرفضون العمل على تعديل الدستور لكي يكون المجلس المنتخب مجلسا تشريعا حقيقيا إنه إذا استمر المنوال على هذا الحال فإن المجلس سيرى احتجاجات بشأن الطابع البلدي لعمله أكثر من كونه سلطة تشريعية لذا نأمل من النواب أن يعيدوا تقييم مواقفهم وأن يفعلوا التعديلات الدستورية لكي يتحقق للمجلس دوره التشريعي الحقيقي».
«استراحة النيابي» بلا كهرباء وتلويح باستجواب الوزير
فجأة ومن دون مقدمات انقطع التيار الكهربائي عن قاعة الاستراحة الواقعة بالقرب من القاعة التي تعقد فيها جلسات مجلسي الشورى والنواب. وقد تفاجأ النواب بانقطاع الكهرباء بينما كانوا يتناولون «بوفيه» الاستراحة. يذكر أن هذا الانقطاع حدث على مدى يومي الثلثاء والأربعاء.
وقد داعب النائب المستقل عبدالله الدوسري النواب الجالسين في القاعة طالبا منهم التحرك لتوقيع طلب استجواب وزير الكهرباء والماء للتحقق من سبب انقطاع الكهرباء عن المجلس.
اللوحة الإلكترونية تخدع النواب: الحضور 22 والموافقون 26
تكرّر يوم أمس خلال جلسة النواب الاستثنائية السيناريو ذاته الذي شهدته جلسة يوم الثلثاء بحدوث خلل في اللوحة الإلكترونية الخاصة بالتصويت الإلكتروني، فقد أظهرت الشاشة أن مجموع الحضور هو 22 والموافقين على أحد الاقتراحات برغبة هو 26 نائبا.
الأمر استرعى انتباه النواب ليطالب النائب الشيخ حمزة الديري بالتحقق من صحة ما تظهره اللوحة الإلكترونية، وحينها طلب رئيس المجلس خليفة الظهراني من الأمانة العامة التحقق من سلامة أداء اللوحة، وقد تسبب ذلك في توقف الجلسة لدقائق لإعادة تشغيل النظام من جديد.
العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ