يمثل الانفصال بين الاقتصاد الأميركي وبقية اقتصادات العالم ظاهرة اقتصادية كبرى تتأكد يوما بعد يوم ويتوقع استمرارها، وفقا لتقرير ميريل لينش الاقتصادي العالمي للنصف الأول من العام 2007. ويحمل التقرير عنوان «الانفصال العالمي: ماراثون طويل، وليس مجرد سباق عَدْوٍ قصير».
وشرح المحللون الاقتصاديون لدى «ميريل لينش» - الذين قدموا تقريرهم الأول إلى المستثمرين العام 2006 - كيفية حدوث هذا الانفصال من خلال 3 نداءات جديدة، ويعتقد الفريق الاقتصادي الدولي في بنك ميريل لينش أن نقاطا ثلاثا وراء ذلك هي:
أولا: أن الاقتصاد العالمي سيواصل نموه في العام 2007 من دون أي مؤشرات بشأن تباطؤ كبير في الدورة الاقتصادية. ويبدو أن الخبراء الاقتصاديين لدى البنك أكثر توقعا لمؤشرات الانخفاض من معظم الخبراء الآخرين بشأن أداء الاقتصاد الأميركي، ولكنهم أكثر ثقة من أصحاب الاجماع في الرأي فيما يتعلق بأداء بقية مناطق العالم.
ثانيا: لا تعتبر عملية الانفصال مجرد نزعة متعلقة بالدورة الاقتصادية، فتأثيرات التغيرات الهيكلية، مثل ارتفاع الانفاق الاستثماري المستمر خارج الولايات المتحدة الأميركية، تُحدث هذه التحولات الاقتصادية العالمية وتمنحها عمرا طويلا.
ثالثا، يمثل التضخم أكبر خطر يهدد النمو العالمي، والخطر الذي يمثله التضخم أكبر مما تتوقعه الأسواق في الآونة الحالية. ويتوقع بنك ميريل لينش أن التضخم غير الأميركي سيرتفع إلى 3.4 في المئة في العام 2008 من 3.2 في المئة في العام 2007.
وأكد التقرير عدة نقاط مهمة أخرى من بينها:
1. دول العالم تتأثر بعام التحولات في الولايات المتحدة الأميركية: قال رئيس قسم الاقتصادات الدولية في «ميريل لينش»، أليكس باتيليس: «لم تكن توقعاتنا القوية بشأن النمو الدولي في سبتمبر/ أيلول الماضي على درجة كافية من القوة. وإذا نظرنا إلى موازنة 2007، تبقى وجهة نظرنا على حالها - انها سنة التحولات إذ تنقل الولايات المتحدة متاعب النمو الدولي إلى بقية دول العالم».
2. المستهلك عنصر أساسي في حركة الاقتصاد الأميركي: يعكس رأي «ميريل لينش» بشأن انفصال الاقتصاد الأميركي عن بقية اقتصادات العالم تحول اقتصاد الولايات المتحدة إلى التباطؤ. ويعتقد كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة أميركا الشمالية ديفيد روزينبيرغ، بأن القدرة الشرائية للمستهلكين عنصر أساسي بالنسبة إلى أداء الاقتصاد الأميركي، ويركز على إمكان ضعف انفاق المستهلكين. فعلى سبيل المثال، يؤثر ارتفاع أسعار النفط والغاز والاحتياجات الحياتية الضرورية على قدرات الانفاق الاختياري.
المرونة الآسيوية
بحسب تقرير «ميريل لينش»، فإن الاقتصاد الآسيوي يظهر مرونة واضحة، وينمو الناتج المحلي الإجمالي بقوة على رغم انخفاض الصادرات إلى الولايات المتحدة الأميركية بفضل ارتفاع الصادرات إلى أوروبا ومناطق العالم الأخرى. إضافة إلى ذلك، ينمو الطلب المحلي في آسيا.
ويعتقد كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة آسيا ت. ج. بوند، بأن تباطؤ النمو في الاقتصاد الأميركي، حتى ظاهرة الكساد البسيطة في الولايات المتحدة الأميركية، من العوامل التي تؤثر بشكل بسيط على النمو في القارة الآسيوية.
السياسة النقدية تدعم أوروبا
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة أوروبا كلاوس بادر: «إن التوقعات لمنطقة اليورو وغيرها من الاقتصادات الأوروبية تواصل اشراقها»، ويؤكد أن الأداء التجاري الأوروبي فاق التوقعات واستطاع تحمّل السياسات النقدية الشديدة، وأن الحكومات ستكون تحت ضغوط أقل لرفع الضرائب مع انخفاض عجز الانفاق.
عودة الاقتصاد الياباني إلى النمو
ويقول «ميريل لينش» إن «الاقتصاد الياباني يعاود النمو بعد ستة أشهر من التباطؤ. وسيعود طلب المستهلكين إلى مستوياته السابقة بعد الارتفاع الحاد في مستويات الادخار خلال العام 2006.
ويعتقد بنك ميريل لينش أن الانتاجية العالية ستحقق ارتفاعا في أرباح الشركات، وستساهم السياسات المالية والنقدية البراغماتية في دعم حركة الاقتصاد.
كندا قد تنجو من تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي
ويعتقد بنك ميريل لينش أن كندا قد تواجه صعوبات في تحقيق طفرة اقتصادية في ظل ظروف التباطؤ في أداء الاقتصاد الأميركي، ولكن المؤشرات مشجعة بعد النمو الضعيف في العام 2006، إذ كان الطلب المحلي وقطاع التصنيع وراء تحسن الاقتصاد الكندي خلال النصف الأول من العام.
الأسواق الناشئة تحافظ على موقعها المتميز
ويبدو أن الأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لاتزال تتمتع بموقع متميز للتعامل مع الآثار السلبية لتباطؤ حركة الاقتصاد الأميركي، جزئيا بفضل أسعار السلع المرتفعة والطلب القوي على الصادرات.
ويتوقع «ميريل لينش» لدول أميركا اللاتينية تحقيق نمو اقتصادي قوي للسنة الخامسة على التوالي، وتعمل حاليا على ضمان وصول النتائج الايجابية للمناخ العالمي الملائم إلى الطبقات الأفقر في مجتمعاتها.
استمرار الدورة الاقتصادية الكبرى للسلع الجافة
وتشير أسعار شحن السلع الجافة - بحسب «ميريل لينش» - إلى قوة أسواق السلع، ومن الواضح أن الطلب على هذه السلع - مثل الحديد والفحم والحبوب يزيد على حجم النمو في سعة الشحن.
ويشير ارتفاع أسعار الشحن لهذه السلع منذ مطلع العام 2006 إلى استمرار الدورة الاقتصادية الكبرى في هذه الفئة من السلع.
الدولار يواجه انخفاضا إضافيا
ويتوقع بنك ميريل لينش استمرار انخفاض قيمة الدولار إلى حد ما في النصف الثاني من العام 2007 مقابل اليورو والين الياباني. وقد تنخفض الاستثمارات في الأصول الأميركية مع الارتفاع التاريخي في نسبة الادخار عالميا، بتوجه المدخرين نحو الأصول غير الأميركية، ولكن المصارف المركزية ستواصل دعم العملة الأميركية.
العدد 1738 - السبت 09 يونيو 2007م الموافق 23 جمادى الأولى 1428هـ