الوسط - يونس منصور
احتفظ الرهيب النجماوي بلقب كأس الملك للموسم الثاني على التوالي بعد فوزه في نهائي المسابقة على «البرتقالي» الحالة بفضل هدفين متأخرين من رأس وقدم هدافه ورجل المهمات الصعبة راشد جمال، لتكون المرة الخامسة في تاريخ المسابقة التي يحرز فيها النجمة اللقب الغالي بعد أعوام 87/88 و91/92 و93/94 و2005/2006.
الفوز الغالي والثمين جاء في ظل ظروف صعبة مر فيها الفريق النجماوي سواء قبل المباراة أو أثنائها، وتتمثل الظروف التي سبقت المباراة في كونها النهائي الرابع الذي يخوضه الفريق هذا الموسم بعد كأس السوبر أمام المحرق ونهائي كأس الاتحاد أمام الأهلي ونهائي كأس ولي العهد أمام المحرق مرة ثانية، واللافت في الأمر أن جميع هذه المباريات خسرها النجمة ما شكل على لاعبيه ضغطا نفسيا كبيرا، كما شكل تعاقب المباريات القوية والصعبة والمهمة في الفترة التي سبقت المباراة أمرا ثقيلا عليه، ومثل ذلك ظرفا صعبا آخر على الفريق كان له انعكاس سلبي على مستوى بعض اللاعبين وأدى إلى تراجع عطاء ومردود الفريق عموما، ونتج عنه انخفاض وهبوط مستوى الفريق.
النجمة خارج نطاق التغطية!
ولو جئنا لواقع المباراة لتأكد لنا أن النجمة تأثر كثيرا من الأسباب السابقة وخصوصا في بداية المباراة أو بمعنى آخر في الشوط الأول، والذي ظهر فيه الفريق بصورة غريبة وكأنه مقطع الأوصال ومفكك الخطوط، ولم يستطع مجاراة تفوق وحيوية الحالة الذي كان قريبا من إنهاء المباراة لو عرف لاعبوه كيف يستغلون الفرص التي سنحت لهم، فالنجمة في هذا الشوط كان «هاتفا» كلما اتصلت له يجيب عليك الرد الأوتوماتيكي «نأسف الهاتف الذي طلبته لا يقبل المكالمات»، ببساطة النجمة في الشوط الأول كان خارج نطاق التغطية.
نعم، هذا ما حدث فعلا، وبالنظر لحوادث المباراة نتأكد أن النجمة في الشوط الأول لم يكن في جو المباراة أصلا ولم يتمكن من غزو مرمى صلاح سلمان، بل كانت الأفضلية لشباب الحالة الذين وصلوا مرارا وتكرارا لمرمى عبدالرحمن عبدالكريم والذي أنقذ فريقه في أكثر من مناسبة أهمها فرصة يوسف زويد وخالد الشمري، أما النجمة فإنه اكتفى في الجانب الهجومي على الثلاثي سالم موسى وراشد جمال والبرازيلي داسيلفا، في حين شاهدنا بقية اللاعبين يترنحون في مناطقهم الخلفية عدا تقدم علي سعيد الشهابي في بعض الفترات.
الذهبي يعيد صوغ النجمة
أما في الشوط الثاني فلم يكن النجمة أفضل حالا من الحالة في الناحية الهجومية، إلا أن المدرب «الذهبي» كما يحلو لعشاق الرهيب تسميته خالد الحربان عرف كيف يغلق الممرات المؤدية لمرمى فريقه من خلال حائط بشري في نصف الملعب، وتمكن الحربان من معالجة أهم النقاط والثغرات في فريقه والمتمثلة في خط الدفاع «المفتوح».
أما في الناحية الهجومية فلم تكن فاعلية الهجوم النجماوي بدرجة الخطورة إلا أن خطأ الحارس صلاح سلمان استغله غزال النجمة الأسمر و»الخبير» راشد جمال والذي تمكن من استغلال الخطأ الفادح، وتمكن من افتتاح باب التسجيل في وقت قاتل وضع فريقه في وضع أفضل وأتبعه بهدف ثان من علامة الجزاء ليعتلي الرهيب منصة التتويج، عموما النجمة حقق لقب أغلى الكؤوس والذي تحسده وتغبطه عليه جميع الأندية، وإن كان الذي تحقق لم يأت بضربة حظ بل من خلال العطاء والأداء الذي قدمه نجوم النجمة هذا الموسم.
الحذر والجانب التكتيكي
عموما المباراة غلب عليها الحذر والتحسب التكتيكي الذي كان سيد الموقف والذي فرض نفسه غالبية فترات المباراة، وهذا يعود إلى التحفظ الدفاعي الذي كان موجودا في المواجهة التي أفقدتها حالة الحذر والحساسية بعض من الإثارة وهذا شيء متوقع في النهائيات، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن الجانب التكتيكي كان الشغل الشاغل للمدربين حربان النجمة وشهيبي الحالة.
ولم يرتق المستوى في المباراة لمستوى مباراة نهائية، وبطبيعة الحال لا نشكك في أحقية الفريقين في الوصول إلى هذه المباراة وخصوصا أنهما قدما موسما متميزا، ويكفي أنهما يملكان الكثير من المواهب والنجوم القادرين على تقديم المستويات الجيدة والطيبة، ولكن يبدو أن حساسية وأهمية المباراة طغت على الجانب الفني وغيبت الجانب الجمالي في المباراة من الفريقين، والدليل أن هدفا الفوز جاء الأول من خطأ فردي يتحمل مسئوليته صلاح سلمان والثاني من ركلة جزاء، في حين غابت الفرص والهجمات عدا 4 أو 5 فرص غالبيتها بل كلها للحالة.
دموع الثعالب في مشهد دراماتيكي
نعم لم يكن المشهد الختامي لموسم 2006/2007 كما تمناه أبناء الحالة، ولم يكن السيناريو الذي جاء كما حلم به أبناء الحالة قبل المباراة، نعم كان منظر الدموع وهي تتساقط من أبناء الحالة هو المشهد الذي شاهدناه بعد المباراة، وهو الأكثر الذي لفت أنظارنا بعد نهاية المباراة، فدموع إسماعيل ومدير الفريق ناجح كانت أسخن من المباراة نفسها ولهم الحق في ذلك، فالفريق كان قاب قوسين وأدنى من معانقة الذهب وإعادة كتابة التاريخ من جديد، ولكن هو القدر الذي أعطى النجمة ما كتبه وخطه القلم.
لكن المؤكد أن ثعالب الحالة ومن خلفهم جهازهم الإداري بقيادة ناجح عبيد وإدارتهم برئاسة عبدالحميد الكوهجي وجمهورهم يستحقون كل التحية والتقدير والاحترام.
أن يصل الحالة للمباراة النهائية لأغلى البطولات ومسك ختام الموسم، فهذا في حد ذاته إنجاز يحسب للثعالب ومدربهم القدير التونسي علي الشهيبي الذي يستحق فعلا لقب مدرب المعجزات ومدرب النهائيات.
قد يستغرب البعض أو حتى الكثيرون أن نقول إن وصول الثعالب للمباراة النهائية يعد إنجازا، وقد يقول هذا البعض وهم يستغربون، ولكن الواقع يقول إن ما حققه أبناء الحالة يعتبر إنجازا يشكرون عليه، وخصوصا أن هذا الموسم يعتبر هو الأول لهم بعد نكبة الهبوط في الموسم قبل الماضي، وهم الذين قدموا موسما طيبا وحققوا نتائج جيدة على رغم أنهم عانوا قليلا حتى الأسبوع الأخير من محنة الهبوط و»شرباكته» المرة.
وطبعا، من حق الثعالب أن يبكوا بغزارة ولا نلومهم إذا انهاروا لأنهم لم يوفقوا في معانقة كأس الملك ليتأجل تحقيق حلم طال انتظاره منذ العام 80/1981، ونحن نقول إن الثعالب لم يوفقوا ولكنهم لم يخسروا بل فازوا وكسبوا احترام الجميع، ليكتفي أبناء الحالة بالوصافة التي تحققت لهم للمرة الثانية عبر تاريخهم مع هذه البطولة الغالية.
العدد 1739 - الأحد 10 يونيو 2007م الموافق 24 جمادى الأولى 1428هـ