أكد نواب برلمانيون وأعضاء بلديون ضرورة إجراء تعداد سكاني عام للمملكة، وذلك بعد مرور ستة أعوام على آخر تعداد سكاني جرى في العام 2001، ولفتوا إلى وجود نقص في المعلومات الحيوية في الكثير من القطاعات الاستراتيجية.
وشددوا على أن توجه البحرين نحو الحكومة الإلكترونية والتجارة الحرة يتطلب انسيابية وحرية تدفق في المعلومات، وخصوصا تلك التي تتعلق بالمؤشرات الأساسية التي ترتكز عليها الخطط التنموية الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار بعض النواب والبلديين إلى أن الكثير من المؤشرات الضرورية التي تعتمد عليها التقارير الدولية سواء للحكومات أو للمنظمات الدولية (كالبنك الدولي مثلا) غير دقيقة، لأنها تستقي معلوماتها من أطراف غير رسمية بسب عدم توافر المعلومات للجميع أو عدم إخضاعها للتحديث الدوري.
وأوضحوا أن العشوائية الكبيرة التي تعاني منها البحرين على مستوى التخطيط تعود إلى نقص المعلومات أو عدم إتاحتها للجميع، مشيرين إلى أن محاولات كثيرة سابقة فشلت لإصدار تشريع يجبر الوزارات والمؤسسات الحكومية على الكشف عن المعلومات للجميع (منها قانون حق المعرفة)، وذكروا أنه مشكلات كثيرة تواجه الباحثين، نظرا إلى شحّ المعلومات أو حجبها عن الرأي العام.
وقال عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب النائب جاسم حسين في حديثٍ إلى «الوسط»: «تحتاج البحرين على الأقل إلى إجراء تعداد سكاني كل خمس سنوات وإلا لن تستطيع المملكة أن تتقدم على الصعيد المحلي أو الدولي، إذ إن بعض الدول كاليابان تجري تعدادها كل سنتين، لذلك فنحن نطالب بأن يكون هناك تعداد كل خمس سنوات، لأن إجراء تعداد سكاني كل عشر سنوات يؤخر الكثير من المشروعات وخصوصا أن نسبة النمو السكاني في البحرين رهيبة إذ إنها تصل تقريبا إلى 3 في المئة سنويا».
وأوضح النائب حسين أن نقص المعلومات ساهم في عدم قدرة النواب أو البلديين وغيرهم من الاستشاريين في خدمة البلد إذ إنه من الصعب التخطيط إلى البنية التحتية أو الخدمات في ظل عدم وجود معلومات كافية حول عدد السكان في البحرين مما سبب بعض الاختناقات على هذه الخدمات.
وأضاف «إن عدم وجود معلومات كافية سيسبب أزمات في البلد ما سيجعل حل القضايا واتخاذ قرارات الصابئة صعبا نوعا ما بسبب غياب المعلومات الكافية».
وأوضح النائب حسين أن «الجهاز المركزي للمعلومات لا يتسم بالشفافية في المعلومات التي يعرضها»، مشيرا إلى أن «الجهاز المركزي في العام 2006 قدر إجمالي عدد السكان في البحرين بـ 742561 نسمة، وبلغت نسبة البحرينيين من هذه النسبة 459012 في الوقت الذي بلغ فيه نسبة البحرينيين 283549 نسمة»، في حين أكد النائب حسين أن مصادرة مطلعة أفادته بأن «نسبة الأجانب أكثر من النسبة المذكورة، فالنسبة التي لم تذكر في الإحصاء تتراوح بين 130 و150 ألفا، ما يجعل عدد إجمالي السكان في البحرين يصل تقريبا إلى 900 ألف نسمة، الأمر الذي سيؤثر على الكثير من القرارات».
وفي ضوء ما وصفه النائب حسين بعدم صدقية الجهاز أشار الأخير إلى أنه من حق الناس معرفة المعلومات بصورة شفافية مع ضرورة أن تكون متوافرة على الشبكة العنكبوتية، بالإضافة إلى أنه من حق السلطة التشريعية معرفة المعلومات الصحيحة حتى تتم معرفة كيفية إصدار القرارات السليمة.
وأكد أنه سيستخدم خلال دور الانعقاد الثاني من مجلس النواب كل الأدوات البرلمانية للحصول على المعلومات الصحيحة فيما يخص عدد سكان البحرين، مطالبا الجهاز المركزي بالإفصاح عن النسبة الحقيقة لإجمالي السكان.
وعلى صعيد متصل، أكد متصل النائب السلفي المستقل جاسم السعيدي أن البنية المعلوماتية في البحرين متطورة، وذلك بالاعتماد على المعلومات المتوافرة في التعداد السكاني، إلا أنه يمكن إجراء تحديث دوري لهذا المعلومات من دون تكليف الدولة تقنية باهظة لتعداد سكاني عام جديد.
القعود وأبوالفتح: التعداد السكاني يتسم بالشفافية
أما نائبة رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية لمجلس النواب لطيفة القعود فأكدت أن إجراء التعداد السكاني كل عشر سنوات هو أمر يستند إلى المعايير الدولية، لذلك فإن مملكة البحرين تسير على هذا النهج ولا يمكن أن تخرج البحرين عن هذا السياق.
وسألت القعود عن سبب وصف البعض بعدم حقيقة الأرقام الموجودة، مؤكدة أن الأرقام التي يصدرها الجهاز المركزي واضحة، إلا أن بعض البيانات تحتاج إلى تصنيف وتحليل أكثر. كما أكدت أن المملكة تفتقر إلى جهاز التخطيط الذي سيكون له الحق - في حال وجوده - في محاسبة الجهاز المركزي إذا كانت المعلومات غير صحيحة.
من جهته أشار عضو اللجنة المالية في مجلس النواب النائب عيسى أبوالفتح إلى أن العادة جرت بأن يكون التعداد السكاني كل خمس أو عشر سنوات، وذلك في جميع دول العالم تضامنا مع الخطط الاستراتيجية طويلة المدى التي تصل إلى عشر سنوات تقريبا، لذلك فمن الصعب طلب عمل تعداد سكاني كل عام.
وأكد أبوالفتح أنه من خلال العملية الانتخابية التي تجري كل أربع سنوات يمكن قياس مؤشر الزيادة والنقصان في التعداد السكاني بالنسبة إلى المواطنين ما فوق سن العشرين في الوقت الذي يمكن فيه الاستعانة بالمؤسسات الأخرى لمعرفة عدد المنطوين تحتها، إذ إنه بالإمكان معرفة عدد الطلبة في البحرين من خلال وزارة التربية والتعليم.
وأشار أبوالفتح إلى أن الحكومة وخصوصا الجهاز المركزي تعتمد على الشفافية في تقديم معلوماته، فهو لا يتلاعب بالمعلومات، وليس هناك شيء يخفيه عن المواطنين؛ فجميع الهيئات المحلية أو الحكومية تعرض المعلومات تحت المجهر.
وقال أبوالفتح: «إنه من الضروري الإعلان الحقيقي عن عدد الوافدين مع تصنفيهم من جميع الجوانب وذلك من أجل وضع خطة لتلبية الاحتياجات».
البلديون يطالبون بالشفافية لبدء التخطيط
من جهته أكد عضو بلدي العاصمة عبدالمجيد السبع أن البحرين بحاجة إلى تعداد سكاني كل سنتين تقريبا وخصوصا مع ظاهرة التجنيس التي هي في ازدياد مضطرد.
وقال السبع: «إن معرفة العدد الحقيقي للسكان سيسهل معرفة الخدمات التي يحتاجها السكان؛ فالبلديون حاليا يعملون بشكل عشوائي، والزيادة في عدد السكان كبيرة، لذلك فإن من الصعب التخطيط للخدمات في ظل غياب الإحصاءات الحقيقية».
وأكد السبع أنه في ظل غياب المعلومات الحقيقية أصبح من الصعب التحكم في خدمات الإسكان والخدمات الصحية، محذرا بأن العمل العشوائي في ظل غياب المعلومات من الممكن أن يخلق أزمة في الإسكان والخدمات الصحية وخدمات الشوارع.
وطالب السبع الجهاز المركزي بدقة المعلومات التي يعرضها على الجهات المعنية مع ضرورة أن تحدّث المعلومات بصورة سريعة، مؤكدا ضرورة أن تشتمل المعلومات على عدد البحرينيين وعدد المجنسين وعدد المنتظرين على قائمة التجنيس.
من جهته أشار نائب رئيس مجلس بلدي الوسطى عباس محفوظ إلى أن التعداد السكاني ليس مشكلة بحد ذاتها، غير أن غياب المعلومات وعدم الشفافية فيها مع صعوبة الحصول على المعلومات من خلال ما هو موجود في التعداد السكاني هو بحد ذاته مشكلة، مؤكدا أن المعلومات ملك للشعب وينبغي أن تكون متوافرة ويمكن للشعب الحصول عليها بأسهل طريقة ممكنة.
وقال محفوظ: «إنه ينبغي على البرلمانيين إصدار قانون يتيح للمواطن ويعطيه الحق في الحصول على المعلومات العامة الناتجة من التعداد السكاني وخصوصا في ظل غياب الشفافية بالنسبة إلى المعلومات المتعلقة بعدد السكان».
وعن ناحية تأثير غياب الشفافية عن صنع القرار قال محفوظ: «إن غياب الشفافية مع عدم القدرة على الحصول على المعلومات أثر على المساهمة في صناعة القرار سواء من قبِل المجالس البلدية من جهة أو من قبِل جمعيات المجتمع المدني من جهة أخرى والمواطنين القائمين على الأبحاث من جهة أخرى أيضا، ما سيسبب خسارة للجهود والطاقات والفعاليات التي تخدم المجتمع».
وبشأن تأثير الشفافية على وضع الخطط بالنسبة إلى البلديين أكد محفوظ أن غياب هذه الشفافية أثر بشكل كبير على الأعضاء البلديين الذين هم ملزمون بوضع الخطط للمشروعات، إلا أن هذه الخطط تحتاج إلى معلومات أولية بإمكانها أن تؤثر على نوعية المشروعات وتحديد احتياجات المواطنين.
ومن جهته أكد وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة في تصريح لـ «الوسط» أن التعداد السكاني العام يجرى كل عشر سنوات، وعليه فإن التعداد السكاني المقبل سيكون في العام 2010.
وحاول التعداد السكاني الأخير أن يغطي الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع البحرين وتوفير المعلومات اللازمة لقياس مدى التغير الذي طرأ على خصائص المجتمع، وتوفير بيانات العمالة بما يساعد على الإسراع في خطط البحرنة وتوفير بيانات الهجرة الداخلية، ووضع تخطيط سليم للهجرة الخارجية، وتحديد سياسة محددة لتنظيم العمالة الوافدة.
كما سعى التعداد إلى توفير البيانات الأساسية لكل قطاعات الدولة (التعليم، الصحة، الإسكان) بهدف مساعدتها على وضع ومتابعة وتقييم خططها المتعلقة بتوفير الخدمات التي يحتاج إليها المجتمع، وتوفير أطر المعاينة اللازمة لسحب عيّنات البحوث الميدانية التي سيتم إجراؤها مستقبلا، وإعطاء صورة دقيقة عن أوضاع المساكن وخصائصها بما يساعد على وضع خطط الإسكان وخطط البناء والتشييد المستقبلية، وتحديد أوضاع المنشآت الاقتصادية والاجتماعية حكومية كانت أم أهلية من حيث الوضع القانوني والنشاط الاقتصادي، وحجم القوى العاملة بحسب النوع والجنسية، وتحديث بيانات الأفراد في نظام السجل السكاني المركزي، بالإضافة إلى توفير قاعدة من البيانات اللازمة لدراسة بعض الظواهر الاجتماعية، فضلا عن توفير بيانات عن معدلات استخدام المنشآت الصحية في البحرين.
العدد 1783 - الثلثاء 24 يوليو 2007م الموافق 09 رجب 1428هـ