تمثل ليبيا بالنسبة إلى فرنسا فرصا تجارية واعدة، لاسيما في مجال الطاقة، في وقت يفتح فيه هذا البلد الذي يعد من كبار منتجي النفط، أبوابه أمام المستثمرين، ويسعى للتعويض عن تأخره بعد عقد من الحظر. لم يخف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يزور ليبيا اليوم (أمس) الأربعاء طموحاته في هذا الصدد أثناء مؤتمر صحافي عقده إثر الإفراج عن الممرضات البلغار، والطبيب الذي منح الجنسية البلغارية أخيرا، يوم أمس الأول (الثلثاء).
وقال: «آمل بكل تأكيد ان نوقع اتفاقات تعاون مع ليبيا. الولايات المتحدة فعلت ذلك (...) ولا أرى لماذا ستكون فرنسا البلد الوحيد الذي لايوقع هذا النوع من الاتفاقات».
وتعتبر فرنسا المورد السادس لهذا البلد الذي يعد نحو ستة ملايين نسمة والذي يبقى شريكا اقتصاديا متواضعا لفرنسا (1،0 % من الصادرات و45،0% من الواردات)
على رغم التقدم السريع للمبادلات الثنائية. ويقدر الحجم الاجمالي لواردات فرنسا من ليبيا في العام 2006 بـ 9،1 مليار يورو، أي بزيادة 4،19 في المئة على مدى سنة وكلها تقريبا من المنتجات النفطية، فيما بلغت الصادرات 6،433 مليونا (+43%).
أما بالنسبة لكامل الإتحاد الأوروبي فتقدر قيمة الواردات 76،25 مليار يورو والصادرات 66،3 مليارا. وهذه التبادلات التجارية تستفيد الى حد كبير من تطبيع العلاقات بين ليبيا والمجتمع الدولي بحيث سجل إعلان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي تخلي بلاده عن برامج أسلحة الدمار الشامل منعطفا في العام 2003. وفي ذلك العام نفسه طوى القذافي أيضا صفحة الاشتراكية مع وضع خطة خصخصة تشمل 375 شركة عامة في مجال الطاقة الاستراتيجي.
ولفت مصرفي متخصص بشئون شمال إفريقيا الى أنه «في ظرف تشكل فيه تبعية أوروبا لروسيا في مجال الطاقة موضوعا مثيرا للقلق تصبح دول مزودة مثل الجزائر وليبيا مهمة».
وتملك الجماهيرية الليبية التي تعد ثالث منتج للنفط في إفريقيا، احتياطيات كبيرة من الغاز والنفط غير مكتشفة.
وهذا ما يثير شهوة الشركات الغربية. فقد عادت بعض الشركات النفطية الكبرى التي غادرت البلاد خلال الحظر الذي استمر عقدا على غرار الشركة البريطانية «بي.بي» التي وقعت أواخر مايو/أيار اتفاقا للغاز بقيمة 900 مليون دولار.
من جهتها اطلقت طرابلس مطلع يوليو/تموز استدراج عروض مهمة للتنقيب عن الغاز تعتزم شركة «توتال» التي لم تغادر ليبيا مطلقا المشاركة فيه.
ولفرنسا أيضا طموحات في المجال النووي. ووقعت مع طرابلس العام الماضي بروتوكول اتفاق في مجال الأبحاث النووية المدنية يفتح الباب أمام «مشاركة» شركات فرنسية. وأكدت شركة اريفا التي توجهت إليها وكالة فرانس برس بالسؤال انه تم الاتصال بها لـ «تقديم عرضها» لمحطات نووية، موضحة أن هذه الاتصالات «التمهيدية» تعود الى العام 2006.
وقالت المجموعة الصناعية التي تعنى بصناعة القطارات السريعة والتوربينات لإنتاج الطاقة إن «عودة الحرارة الى العلاقات الفرنسية الليبية قد تكون المؤشر لنمو تجاري جديد لالستوم».
وفي قطاع المصارف فاز بنك ب ان ب - باريبا الأسبوع الماضي باستدراج عروض لخصخصة 19 في المئة من رأس مال بنك الصحراء بسعر باهظ قدره 145 مليون يورو. كما حصلت مجموعة «داسو» على عقد لتحديث 12 طائرة حربية ليبية من طراز «ميراج اف-1». وأبدت ليبيا أيضا اهتمامها بالطائرة الحربية الفرنسية من طراز «رافال» التي لم تبع بعد إلى الخارج، لكن لم تبدأ بعد أي مفاوضات واضحة بشأنها كما أفادت مصادر فرنسية. إلى ذلك ثمة قطاعات أخرى عديدة معنية أمس بمشروعات الخصخصة وهي الزراعة والكيمياء والتعدين والهاتف.
العدد 1784 - الأربعاء 25 يوليو 2007م الموافق 10 رجب 1428هـ