العدد 1798 - الأربعاء 08 أغسطس 2007م الموافق 24 رجب 1428هـ

اختطاف

قصة - عبدالله محمد الفردان 

08 أغسطس 2007

على حين غرة من الصباح الباكر، والشمس كقرص باهت، غنت الرياح، ولمع البرق، ورعدت السماء، وغابت الشمس، وتلبدت الغيوم وتنقلت كأنها الفيلة في غاباتها، وحلبت الأمطار، وجرت الوديان، فأعجب أحمد الطفل بهذا المنظر الخلاب، وأندفع فرحا من خارج الباب الكبير إلى الطريق، وزاد كربه وهو يرى وميض البرق في السماء، وأنغام الرعد تهدر في الهواء، ويتلقى الأمطار باليدين ويسكبها على محياه الجميل، ويرقص تارة، وأخرى يصفق باليدين، وتابع سيول الأمطار، إلى مكان بعيد، حتى غاب عن الأبصار، ولا يعرف له مكان، ولا يدري ما الغاية ولا سبيل إلى الهداية وبراءة الأطفال ساقته إلى أخطر الأخطار، وبينما هو يلهو بالأمطار، برز له عفريت جبار، لا يعرف الرحمة، وليس في قلبه ألا النقمة، فقرب إليه، ومد يديه، وأحتوشه كالعصفور، وطار به كالصقور، والطفل يرفس ويستغيث ولا أحد يلبيه، فنادى يا أباه، فضربه المجرم على فاه، فأنفلت الطفل من يديه، فرفسه المجرم برجليه، فأنكب على وجهه، وغاص في الوحل إلى حده، فأغمي عليه وسكت، فحمله المجرم واستبد، تنبه الطفل واستبصر، ولكنه لما لم يجد العون من أحد، أستسلم للقضاء، ولكنه ظل يقاوم بما يدفع عنه الأذى، تنهد والده وخرج، من البيت بعجل، يبحث عن ولده المخطوف بحذر، وصال وجال، ولم يترك حتى الأدغال، والخرائب والقفار، والدور المهدمة، والأزقة الضيقة، ويسأل من يراه، والكل يقول لم نره، حتى أصابه اليأس، وانحنى منه الرأس، كأنه يسأل النفس، فاهتدى وسار إلى مراكز الأمن، وأبلغهم بما حل عليه من محن، وسألوه ما الوصف؟ فأجابهم وهو يهتز، ويبكي على طفله الأعز، عمره ست سنوات، وجميل كفلقة قمر، لا بدين ولا هزيل، وشعره ناعم مسترسل، يرتدي قميصا أبيض، وبنطال أسود، وأعطاهم صورته، ليسهل عليهم معرفته، وصافحهم وتوسل، ببذل الجهد الأحسن وطلب منهم الإسراع في البحث والتبصر، فانتشرت دوريات الأمن تمشط المنطقة على أحسن وجه أمثل، وتخابرت بحرس الحدود بمنع الخروج، وجالت الشرطة في الحدائق والحقول، وفتشوا السفن الراسيات على شواطئ البحار وحامت طائرة مروحية أجواء السماء في ظلمة ليل شديد، في بر بعيد وسلطت أنوارها، فرأت أناسا يحتسون الخمر ويشربون، ويكثر بينهم الشباب ويتبادلون الرفسات، فعملت الإنزال عليهم وحاصرتهم، وبدأت الحرب معهم بالسلاح، وأدمتهم بالجراح، وألقت القبض عليهم وأسرتهم، وحملتهم جوا إلى مركز الأمن، وبالتحقيق اعترفوا بخطف الطفل الصغير، وأنهم ألقوه في دارهم وأوصدوا عليه الأبواب ريثما يعودون ويتفرغون ليطالبوا أهله بالتعويض بالمال مقابل الإفراج عنه في الحال، وهكذا يعود الطفل المخطوف إلى أهله بأمان وسلام.

العدد 1798 - الأربعاء 08 أغسطس 2007م الموافق 24 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً