تعهد رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) بن بيرنانكه باتخاذ الإجراءات اللازمة «للحد من الآثار السلبية» على الاقتصاد جراء أزمة الرهن العقاري، فيما كشف البيت الأبيض عن خطط لمساعدة مالكي المنازل المهددين بالحجز على منازلهم بسبب عدم قدرتهم على سداد القروض.
ويهدف الإعلانان أمس الأول (الجمعة) إلى الحد من تأثير أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة التي يخشى البعض أن تؤدي إلى أزمة في أسواق الائتمان ما سيؤثر سلبا على نمو الاقتصاد الأميركي.
وفي خطابه الإذاعي الأسبوعي أمس (السبت)، قال الرئيس الأميركي جورج بوش إن الاضطرابات في السوق تعني أن قطاع الرهن العقاري «يمر بمرحلة من التعديل» مردفا أنه «جعل أولويته مساعدة مالكي المنازل الأميركيين على مواجهة هذه التحديات المالية».
وقال بيرنانكه في أول كلمة له منذ المشكلات التي واجهتها الأسواق العالمية لتخوفها من حصول أزمة في السيولة بسبب أزمة الرهن العقاري، إن الاحتياطي الفيدرالي يرغب في تجنب «زيادة صعوبة شروط منح القروض» الذي يمكن أن تكون له «آثار سلبية على إنفاق المستهلكين والاقتصاد عموما».
وأضاف أن المصرف «يواصل مراقبة الوضع وسيتحرك بالشكل المناسب للحد من الآثار السلبية التي يمكن أن تنعكس على الاقتصاد عموما والتي يمكن أن تنجم عن مشكلات في الأسواق المالية».
واعتبرت الأسواق أن هذه التصريحات تفتح الباب أمام احتمال خفض معدل الفائدة ما يمكن أن يخفض الكلفة الإجمالية للاقتراض ويحفز أسواق الائتمان.
وقال الخبير الاقتصادي في مصرف سوسيتيه جنرال في نيويورك ستيفين غالاغير: «إن البنك المركزي الأميركي يواصل احتضان السوق، لكنه سيقوم بالخطوات الضرورية» بما في ذلك خفض معدلات الفائدة الفيدرالية إذا لزم الأمر في 18 سبتمبر/أيلول.
ويرى بعض المحللين أن بيرنانكه لا يرغب في التسرع في خفض أسعار الفائدة خشية من أن يؤدي ذلك إلى التضخم وخشية أن يعتبر ذلك إنقاذا للمستثمرين الذين يقومون باستثمارات عالية المخاطر.
إلا أن الخبير الاقتصادي في مجموعة «سيتي بانك غروب» روبرت ديكليمنتي، قال انه يعتقد أن «سرعة وحجم تدهور الأسواق المالية عموما يحملان مخاطر التباطؤ (...) ما يبرر اتخاذ خطوة بشأن سياسة معدلات الفائدة».
من ناحيته أعلن بوش سلسلة من الخطوات التي تهدف إلى الحيلولة دون الحجز على ممتلكات أصحاب العقارات الذين لا يستطيعون سداد قروضهم.
وأعلن بوش انه سيسمح لأصحاب المنازل الذين لهم سجل مالي جيد لكن لا يستطيعون سداد الرهن الحالي، إعادة تمويل رهون عقارية تضمنها الإدارة الفيدرالية بفوائد أقل.
كما شجع المقرضين على السعي إلى وضع ترتيبات تمكن مالكي المنازل الذين يعانون من صعوبات مالية من سداد قروضهم، كما حث الكونغرس على إقرار مزيد من إجراءات المساعدة.
ويقول محللون إن الإجراءات ستؤثر على مجموعة صغيرة من نحو مليونين من أصحاب المنازل الذين يواجهون خطر الحجز على منازلهم.
وأكد بوش أن الحكومة الفيدرالية لا يمكنها أن تلعب إلا دورا «محدودا» في مساعدة الملايين الذين يصارعون من أجل الاحتفاظ بمنازلهم وسط ارتفاع معدلات الفائدة.
وقال بوش السبت إن الحكومة الفيدرالية: «لن تنقذ المقرضين -لأن من شأن ذلك أن يزيد من احتمالات تكرار المشكلة»، مضيفا «كما انه ليس من واجب الحكومة إنقاذ المضاربين أو من قرروا شراء منازل وهم يعلمون أنهم لا يستطيعون تحمل نفقات ذلك. لكنني أدعم أية خطوة على المستوى الفيدرالي يمكن أن تساعد مزيدا من العائلات الأميركية على الاحتفاظ بمنازلها».
ومن بين تلك الخطوات دعا بوش الكونغرس إلى تغيير أجزاء من قانون الضرائب «بشكل يحمي مالكي المنازل من دفع ضرائب على ديون الرهن التي لا يمكن سدادها». ولم يتحدث بيرنانكه في ندوة للبنك المركزي في وايومنغ، جاكسون هول مباشرة عن الخطوة التالية التي سيتخذها البنك بشأن معدلات الفائدة، إلا انه بدا راغبا في تبديد المخاوف من أن البنك لن يتخذ أية خطوة لمنع حدوث أزمة ائتمان واسعة يمكن أن تتسبب في تدهور الاقتصاد.
إلا أن ديكليمنت قال إن تصريحات بيرنانكه «عززت التوقعات بخفض في معدلات الفائدة».
وكان البنك أبقى على معدلات الفائدة الفيدرالية الرئيسية عند نسبة 25،5 في المئة على مدى عام، إلا انه قام في 17 أغسطس/آب بخفض فائدة الخصم للقروض المباشرة من البنك المركزي بنسبة نصف نقطة مئوية لتصل إلى 75،5 في المئة في محاولة لتشجيع تدفق الائتمانات.
وقال بيرنانكه إن التقارير تشير إلى أن الولايات المتحدة، أكبر دولة اقتصادية في العالم، «تواصل توسعها بوتيرة معتدلة» إلا أن الاتفاق المستقبلي أصبح أقل وضوحا نظرا إلى الاضطرابات التي شهدتها الأسواق في الأسابيع الأخيرة.
وأظهرت البيانات التي نشرت الخميس أن الاقتصاد الأميركي شهد نموا قويا بنسبة 4،0 في المئة في الفترة من ابريل/نيسان حتى يونيو/حزيران، إلا أن المحللين يقولون إنهم يتوقعون تباطؤا كبيرا نظرا إلى انخفاض الائتمانات.
وقال الخبيران الاقتصاديان في مصرف دويتشه بنك، جوزيف لافرغنا وكارل ريكادونا في مذكرة لزبائن المصرف انه من المرجح ان يخفض المصرف الفيدرالي نسبة الفائدة الأساسية بنسبة ربع نقطة مئوية في سبتمبر وبالقدر نفسه في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مشيرين إلى أن «الدواء الحالي (خفض معدل فائدة الخصم) لم ينجح».
وأضاف أن «السوق التجاري الذي يعتمد على الأصول بقي جامدا بشكل تام. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، يمكن أن تتوسع أزمة الائتمان بشكل أكبر، ما ستكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد، ولن يغامر البنك الفيدرالي بذلك».
العدد 1822 - السبت 01 سبتمبر 2007م الموافق 18 شعبان 1428هـ