أكد خطيب مركز أحمد الفاتح الإسلامي بالجفير الشيخ عدنان القطان في حديث الجمعة أمس أن الحج هو جامع المسلمين ومؤتمرهم وملتقاهم الأكبر لمعالجة ومناقشة القضايا والتعارف فيما بينهم.
وبدأ القطان خطبته بقوله تعالى: «ولله على الناس حجوا البيت من استطاع إليه سبيلا» (آل عمران :97) فبهذه الآية فرض الله الحج على المستطيع متى توافر له أمن الطريق، وإن هذه الدعوة موجهة من رب العالمين وأمر بها نبيه إبراهيم (ع) فقال عز من قائل:» وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» (الحج : 27) ومن هنا تعجب إبراهيم (ع) لأنه لم يكن يملك أدوات الدعوة إلا صوته، فأمره الله بالإبلاغ فأبلغ حتى يقال إن الجبال تواضعت وسمعه كل حجر وشجر ولبوا النداء، وكل من حج فيما مضى أو سيحج في المستقبل فإنه أجاب دعوة الخليل إبراهيم.
وقال: لم يوجه الله هذه الدعوة إلى عباده إلا بعد أن تكفل بتحقيق الأمن لهم، فقال تعالى «أوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَما آمِنا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ» (العنكبوت: 67)، فهي دعوة من كريم لا تنتهي خزائنه وإله عظيم فرض حرمة البيت من قديم الزمان. وقال رسول الله (ص) « إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض... فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة». أيها المسلم فقبل أن يفرض الله عليك الحج هيأ لك كل أسباب الأمن والأمان والرزق والأجر العظيم».
وتابع «أيها المسلمون وإذا كان من عادة أهل الأرض أن يكرم الضيف ضيفه، فإن الله يكرم ضيوفه ويعطيهم ما لم يستطع أحد أن يعطهم، فيكرمهم. وإن الإسلام ليس دين مكان معين ولا زمان معين، فهو دين قائم إلى أن تقوم الساعة، فجعل الله الحج فريضة على المسلمين مرة واحدة، لأنهم سيفدون إلى بيته من كل فج عميق، وسيذهبون إلى أرض غريبة عليهم بعيدا عن الأهل والمال. إن الأوامر يكلف بها المسلم على قدر استطاعته، وهذا هو دين الإسلام الذي لا يفرض ما هو في غير متناول ومقدرة الناس».
وأضاف «في الحج يظهر الناس على حقيقتهم، فيظهرون في صورة واحدة ومكان واحد ولباس واحد وصوت واحد، لا فرق في ذلك بين غني وفقير وحاكم ومحكوم، وفي هذا المكان تسقط المناصب والعنصرية وتسقط في الزحام أساليب الفحش والحسد، وكأن المسلم انفصل من دنياه بكل ما فيها إلى حياة الصفاء والنور في لقاء لا يذكر فيه إلا الله، ولا يذكر فيه لا والد ولا ولد، ويمتزج فيه الخوف والرجاء».
إن الحج عبادة من العبادات العظيمة، ففي الحج ملتقى الموحدين في المشارق والمغارب. وفي الحج دروس لا تنسى تعرف الإنسان وتذكره بأصله وما يمنعه من التطاول على الخالق والتكالب على الدنيا والتردي في أوحال الذنوب والمعاصي، فما أعظم هذه الفريضة والفرائض التي فرضها الخالق على عباده. فاتقوا الله عباد الله، واتخذوا من مناسك الحج دروسا وعبرا وأن يتقبل أعمالنا وأعمالكم».
وقال القطان: «هذه أفواج الحجيج تؤم بيت الله العتيق ملبية نداء الخليل، وأعلموا عباد الله أن ربكم جعل الحج واجب على كل مسلم مرة واحدة في العمر ومن زاد فهو تطوع. ويجب على المسلم إذا عزم على الحج والعمرة، أن يقصد وجه الله والتقرب إليه، وليحذر من السمعة والرياء، كما يستحب أن يوصي أولاده بالتقوى وأن يبادر من الذنوب والمعاصي والعزم على عدم العودة إليها، وأن يرجع المظالم إلى أهلها، وأن يختار لحجته أو عمرته نفقة طيبة من المال الحلال، وأن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح، وأن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، وأن يسأل أهل العلم وأن يتخلق بالخلق الحسن ويخالط به الناس ويشمل ذلك الصبر واللين والكرم والجود والأمانة والوفاء والحياء والبر والإحسان وأن يبتعد عن المعاصي ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين ولا يقع في الكذب والنميمة وأن يحافظ على أداء الواجبات ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها وقراءة القرآن والصلاة على النبي (ص) وآله. كما يجب على كل مسلم المساهمة في أمن الحرمين الشريفين».
وتوجه القطان بالشكر إلى خادم الحرمين الشريفين وحكومته على دوره في تذليل العقبات أمام الحجاج وما قاموا به من أعمال توسعة في المناسك.
ولفت «يستقبل المسلمون بعد أيام قليلة عشر ذي الحج، فأكثروا في هذه الأيام من الأعمال الصالحة كالصدقة والصلاة على النبي (ص) وبر الوالدين وقضاء الحاجات وبادروا في هذه الفرص والأيام العظيمة».
العدد 2269 - الجمعة 21 نوفمبر 2008م الموافق 22 ذي القعدة 1429هـ