ما أروع الإنجازات الفريدة إذا تحققت بأيد وطنية مخلصة حملت في قلبها نسمات وقطرات الوطن وتجلت محبته في ميدان البطولات لتقول لكل من يبعد طاقاتنا الوطنية عن الإبداع والتألق وحصد الذهب: أنا هنا ولن التفت إليك أبدا بل سأواصل حاملا في النفس العزيمة والإرادة وحب التراب الذي ترعرعت عليه منذ الصغر والذي عاش عليه الأجداد آلاف السنين، وأنا اليوم أواصل حمل الارث الذي حمله من قبل آبائي الذين تربوا على خدمة الوطن ولكي أرفع رؤوسهم عالية ويفتخروا بي لأنني قدمت لهم ولوطني ما عجز عنه الآخرون.
ما أروعك وما أحلاك وما أغلاك يا بن الفرساني وأنت يا بن صباح! قطعتم المسافات الطويلة نحو الرقي إلى الانجازات وسط تعتيم إعلامي لكي تبدعوا وتتألقوا بحرية تامة بعيدا عن الضغوط النفسية، وهاأنتم تعودون محملين بالذهب أوفياء بوعودكم، ولن أنسى ما قلتم لنا قبل سفركم وستبقى عالقة في الذهن؛ لأنكم فعلا كنتم عند كلمتكم مدركين صعوبة المهمة، ولكن تعلمون بقدرتكم على المنافسة العالمية وأنتم من أبناء هذا الوطن الطيب.
أين أصوات التجنيس؟!
فلتخرج علينا الأصوات التي تتغنى بالتجنيس الرياضي وتقدم المجنسين بل تتفاخر بهم وتقدم لهم كل ما لذّ وطاب من أساسيات العيش الكريم الذي يؤمن الحياة من كل أوجهها!
أين أنتم اليوم من أبناء الوطن المخلصين، فهل يكون انجاز الفرساني وصباح عبرة لكم لتنتهوا عما أنتم عليه من التجنيس الظالم، ونحن نمتلك الطاقات والقدرات الوطنية التي تقر العين وترفع الرأس ليس على المستوى المحلي ولا على المستوى الخليجي ولا على المستوى العربي ولا على المستوى الآسيوي بل تعدى ذلك إلى المستوى العالمي، والكل يدرك معنى العالمي، إذ استطاع هذان البطلان الكبيران عزف لحن الانتصار والتغني باسم البحرين في تلك البلد الكائنة في شرق آسيا بين أبطال لهم تاريخهم العالمي، ولكن إرادة هذين المواطنين المخلصين حطمت كل تلك القيود والحواجز ليعلن الفرساني وصباح: نحن الأبطال أبناء البحرين منذ الآف السنين وهذا هو الفخر الأكبر؛ أن تعتلي مملكة البحرين المراكز المتقدمة بين العالم كله، وهذا لم يتحقق مع مجنسين صرفنا الأموال الطائلة لهم وقدمنا لهم كل التسهيلات الحياتية والرياضية من علاج وسفرات مجانية وبيوت إسكانية من دون أن يتعب صاحبها في البحث عن هذا الحق، ولكن أين تلك الانجازات المؤقتة من هذه الانجازات التي أفرحت شعب البحرين كله وحكومته وكل من يقدر الانجاز الوطني من قبل أبناء زرعوا في أنفسهم حب الوطن وحملوه على أكتافهم من بلد إلى بلد من دون أن تكون هناك اغراءات مالية ولا بيوت إسكانية ولا سفرات مجانية كالتي تقدم إلى المجنسين.
هذان البطلان «طلعت روحهم» من كثرة المتابعة مع وزارة الإسكان للحصول على بيت يأويهم مع عائلاتهم، على رغم أن سمو رئيس الوزراء قام بإصدار توجيهاته إلى الإسكان بمنح هذين البطلين وحدات سكنية، ولكن العجيب في الأمر التلكؤ الكبير في تنفيذ توجيهات سمو رئيس الوزراء، وبعد جهد جهيد ومتابعة حثيثة وتدخل من قبل النائب الوفاقي الشيخ علي سلمان لدى الجهات المختصة، تم منح البطلين وحدة سكنية مشروطة بألا يختارا هذه الوحدة نفسها وعليهما القبول بأية وحدة... ولكنهما حبا بالوطن وافقا على ذلك مع أنهما أبطال على المستوى الآسيوي، ويحق للوطن أن يفتخر بهما ويكافئهما بالأمور المستحقة، وليس كما يعتقد ذلك المسئول في الإسكان وكأنه يمنّ عليهما!
ونحن في «الوسط الرياضي» متأكدون بل نجزم بأن هذا الانجاز الكبير لو كان في إحدى دول الخليج الشقيقة لأغدقت الحكومات بل والشركات والمؤسسات الوطنية هناك عليهم بكل ما يقر العين، ولأعطتهم ومنحتهم الأوسمة الوطنية وكافأتهم بالأمور المستحقة ورفعت شأنهم، ولكن بعد تحقيق انجازاتهم السابقة كان الكل يهرب منهم ويجعلهم غرباء في وطنهم، فلم يهنأوا ولم يتلذذوا بالانجازات لهذا الغياب الكبير والغريب من المسئولين عن الرياضة والمؤسسات الوطنية وشركاتها!
ما الذي ينتظره الأبطال من تكريم؟
اليوم يعود أبطالنا بالذهب والمركز الثالث على العالم، وهذا مركز فريد لم نحققه بعد على المستويات الأخرى حتى ألعاب القوى. لذلك نطالب بدءا بالحكومة الموقرة، وكما هي عادتها، بتكريم أبطال الوطن فهؤلاء يستحقون التكريم اللائق والكبير نظير ما قدموه في كوريا الجنوبية من انجاز فريد، بل على الشركات والمؤسسات الوطنية أن تستفيق من نومها وسباتها وترفع القبعات لهم وتنحني افتخارا بانجازاتهم وتكرمهم خير تكريم ونحن في انتظار ذلك.
البطلان وعدا بالإنجاز وأوفيا
قبل التدريب الأخير على سفر هذين البطلين الكبيرين الفرساني وصباح، توجه «الوسط الرياضي» إلى صالة غسان بالدراز التي يتدرب فيها فريق بناء الأجسام قبل سفره إلى البطولة العالمية، والتقى بالبطل العالمي الفرساني مدرب الفريق لتسليط الضوء على استعداداتهم، وهل بالإمكان العودة بانجاز فريد، فاعتذر الفرساني عن عدم التصريح، وقال لنا بالحرف الواحد: «أنا هذه المرة أريد تكتيما إعلاميا على مشاركتنا؛ كي لا يتأثر أحد بالردود من هنا وهناك فتعيقنا عن تحقيق أي انجاز محتمل».
الإنجاز كان مخططا له
وبادرناه بالسؤال: هل بإمكان الفرساني وصباح العودة بإحدى الميداليات الذهبية؟ فأجاب ومن دون تردد (ولكنه طلب منا عدم النشر): «ان الانجاز من المحتمل أن يكون كبيرا»، وقال انا على موعد مع الذهب في هذه البطولة فانتظروني... وفعلا مرت الأيام حتى جاء يوم الأحد، وإذا برئيس القسم الرياضي الأخ العزيز عباس العالي يبث لنا البشرى ويهنئنا بذهبية هذا البطل المخلص وزميله صباح لتعلو صيحاتنا وسعادتنا عند سماع هذا الخبر.
نقول في «الوسط الرياضي» أنتم وعدتمونا بتحقيق الانجاز، واليوم أوفيتم بهذا الوعد، وذلك ليس بغريب عليكم، كنتم الدرع الواقي لحفظ أبناء الوطن من الهجرة الجماعية لتبقى في البحرين. ونحن اليوم فخورون بكم ورأسنا مرفوع بانجازكم، وكم هو حلو طعمه هذا الانجاز؛ لأنه جاء منكم أنتم وحدكم لا غيركم، فهنيئا لكم ولرئيسكم محمد عبدالرحيم الذي يستحق التصفيق والتكريم، لانه هو من هندس وخطط ووضع النقاط على الحروف، وأعاد الهيبة إلى هذا الاتحاد بالنظم الحديثة ذات الأخلاق السمحاء، ليؤكد عبدالرحيم حبه للوطن وللبحرين، ولذلك نرفع له التبريكات والتهنئة على هذا الانجاز الكبير، متمنين له أن يفرح بأبنائه، وأن تكون البطولة العالمية في البحرين تسجل انجازا آخر لأبطالنا، وتكون بداية الهيمنة العالمية بإذن الله.
العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ